محمد سهيل احمد
ذاكرة البصرة - بطاقة مرور الى عبد الحليم حافظ
مشغل
* / كنت في المرحلة الأولى من دراستي الجامعية ، وما ان علمت بخبر حفلة عبد الحليم حتى قررت الحضور من اجل ان اكون في حضرة مطربي المفضل /
في النصف الاول من ستينيات القرن الماضي دخلت عالم المراهقة كأي فتى شرقي مسكون بالأحلام الرومانسية . وكان الحرمان هو العنوان الأول الذي تميزت به تلك المرحلة الدقيقة بكل تمردها وتقلباتها وعواطفها المشبوبة . وكان اغلب شباب ذلك العمر يجدون عزاءهم في الاستماع الى المطربين المشهورين . وكان المرحوم عبد الحليم حافظ في مقدمة اولئك الفنانين بما كان يقدمه من أغان مترعة بالعواطف والشوق الى الحبيبة المجهولة . وكان صوت المطرب الراحل عبد الحليم حافظ في مقدمة الأصوات الغنائية الدافئة التي كانت تتحدث عن لواعجنا وحكاياتنا الوهمية او الحقيقية . كنا نتحول الى كائنات مسحورة ونحن نستمع لاغنيات عبد الحليم : تخونو ، اهواك ، نعم ياحبيبي نعم ، اسمر يا اسمراني ، نار ياحبيبي نار وغيرها من الأغنيات الملتهبة .
اما الألحان فكانت تعتمد على الحس الموسيقي اللحني لا الإيقاعي وهي السمة المميزة للغناء المصري . وكان عبد الحليم بالنسبة لنا مجرد عندليب من لحم ودم كائن في بلد بعيد عنا ــ ربما ابعد من ابعد ما كان في تصورنا ــ ومن هنا كانت دهشتي كبيرة حين علمت بأنه قدم لمدينتنا ــ ومعه مجموعة من فناني وفنانات مصر ــ من اجل تقديم وصلات غنائية .لكنه لم يأت لوحده فقد كان مصحوبا بالفرقة الماسية التي كان قائدها المايسترو احمد فؤاد حسن ، اضافة الى المطرب الساحر كارم محمود وفايزة احمد ولبلبة وشريفة فاضل ونجوى فؤاد وحسن يوسف ، دون ان افهم طبيعة الانسجام بين اولئك الفنانين فمنهم الموسيقار والراقصة ومقلدة الأصوات والمطرب والمطربة !
كنت في المرحلة الأولى من دراستي الجامعية ، وما ان علمت بخبر حفلة عبد الحليم حتى قررت الحضور كيما اكون في حضرة مطربي المفضل . وقد علمت ان الحفل سيقام في احد نوادي المعقل .
مفاجأة غير سارة
وصلت في اول الليل الى ملعب الميناء الرياضي لأجد امامي جموعا محتشدة من الشباب ، بالدرجة الاولى ، وكان التزاحم على اشده ! وما ان دنوت من شباك التذاكر حتى بتر اندفاعتي احد رجال الشرطة الذي دفعني الى الخلف فكدت ان اقع بين الهياكل المندفعة ! لعقت آثار صدمتي وتراجعت القهقرى الى الشارع عائدا للبيت بخفي حنين من دون ان التقي بالصوت الأثير الى القلب .. صوت عبد الحليم حافظ ، محبوب الجماهير !
البطاقة الماثلة امامي تروي الكثير عن ذلك الحفل التاريخي اذ يبدو ان الحفل جرى برعاية وزارة الثقافة والارشاد وان سعر البطاقة كان ربع دينار وأن ايراد الحفل مكرس لجنوب الجزيرة العربية وان اذاعة صوت العرب كانت الطرف الثاني المستفيد . واعتقد ان اعدادا كبيرة من الفتية والمراهقين قد تسللوا الى صالة الحفل المفتوحة بألف طريقة وطريقة وجلهم من سكنة المعقل وهم اعرف بمداخل ومخارج المكان . كما تظهر البطاقة تاريخ احياء ذلك الحفل : الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني من عام 1965 أي في عهد الرئيس عبد السلام عارف . وهكذا لم يكتب لي اللقاء بالمطرب الراحل بل انني لم التقه خلال جولته في سوق الهنود انما سمعت بالمقالب التي ضايقته ابان تلك الزيارة التي جرت اثر قدومه من الكويت حيث سمعت انه تعرض لمضايقة مجموعة من الفتية الطائشين الذي نثروا مسحوق الكاري الهندي على قميصه الذي اقتناه من اسواق الكويت والذي كان واحد من 24 قميصا اقتناها مطربي الأسطورة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ !
851 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع