الاستاذ عبدالرزاق محمد الدليمي
هل التغيير قادم؟
يبدو ان خلافات مايسمى بقوى الاطار تتزايد رغم محاولتهم ان يبعدو تلك الخلافات عن التركيز عليها في وسائل الاعلام،مع ملاحظة ان هذه القوى تشترك جميعها او قسم مهم منهم في ان احد ابرز اقطاب الاطار والمقصود هنا المالكي ،قد اصبح يشكل عبئا ليس على الاطار حسب بل على النظام الاحتلالي برمته،وتحديدا العملية السياسية الفاشلة التي اسسها الاحتلال،والتزم بحمايتها والدفاع عنها بموجب ماجاء ببنود الاتفاقية المبرمة بين المالكي والاحتلال الامريكي في اثناء حكومته الاولى ،واذا عدنا الى ممارسات المالكي وخروجه عن السياقات التي تحاول اطراف الاطار الحاكم ،ان تتبعها كسلوك يضمن لها الاستمرار بالهيمنة على السلطة لاطول فترة ممكنة حتى وان كان على حساب مايسمى بالعملية الديمقراطية الهجينة ومسرحياتها الانتخابية الهزيلة الفاشلة المزورة قلبا وقالبا ...نعم لم يعد وجود المالكي كرأس حربة في قوى الاطار مرحبا به من بقية الاطراف داخله وخارجة الى درجة ان احد المواقع المهمة (Middle East Online) قد افرد له عنوانا بارزا ((نوري المالكي اصبح عبئا على العراق)) تناول فيه ((أكد موقع ميدل ايست اونلاين ان زعيم حزب الدعوة نوري المالكي اصبح عبئا ثقيلا على العراق واشار الموقع البريطاني الى انه على الرغم من حرص الشركاء بين الاحزاب الشيعية على اخفاء خلافاتهم الا ان هناك تململا واضحا من وجود المالكي على رأس تحافهم في الاطار التنسيقي الذي يدير الدولة من خلال حكومة السوداني )) واضاف الموقع ((ان المالكي الذي يتزعم التحافات الحزبية التي ترعى مصالح ايران تطرفه الطائفي اكثر من الايرانيين ....ان المالكي استطاع ان يقيم دولته العميقة التي تدير عمليات الفساد الكبرى وتستنزف اموال الشعب العراقي)).
من جهة اخرى يخرج المالكي منتقدا بشدة تحركات كل من السفيرة الامريكية وممثلة الامم المتحدة وجولاتهم المكوكية هنا وهناك ،مع ملاجظة ان المالكي لم ينتقد تحركات السفير الايراني الذي يتحرك براحة تامة دون ان اية انتقادات من اي طرف او جهة كانت من المشاركين بالعملية السياسية سيئة الصيت والمحتوى(علما اننا لسنا فقط ضد تحركات اي سفير او جهة خارج السياقات والاعراف الدبلوماسية بل نحن ضد وجود كل هذه السفارات للدول التي اعتدت علينا واحتلت بلدنا ونسأل السفراء المعنيين هل يحق للسفير العراقي ان يقوم بمثل هذه التحركات في بلدانهم؟).....الملفت للانتباة ان لا احد يسأل المالكي،عن الصفة التي تعطيه الحق بهذه الانتقادات او هذه الملاحظات ناهيك عن ان المالكي نسى او تناسى هو وكل من شارك بالنظام المتهرئ بعد الاحتلال انهم لولا الاحتلال الامريكي البريطاني ومعهما 40 دولة معتدية لما حلموا في انهم يمكن يوما ان يحكموا هذا البلد وشعبه!!! .
بعد أشهر من تشكل حكومة السوداني ، وبدا واضح ان العملية السياسية في العراق تعاني من موت سريري سيما بعد ان وصلت حدة الخلافات العميقة الى الأطراف الشيعية المهيمنة على العملية السياسية منذ العام 2003.
في وقت يظهر فيه واضحا ان جماعة مقتدى الصدر هي الاخرى تعاني من اوضاع داخلية لاتحسد عليها بعدما اختار الصدر تجميد كل التشكيلات التابعه له في وقت كان البعض يعتقد مبالغا ان زعيم التيار اختار ان يتفرج على المشهد السياسي المتصاعد في أزماته،سيما بعد ان ثبت للجميع ان المالكي وجماعته لايمكن ان يلتزموا بأية اتفاقات او تعهدات تسبق عادة تشكيل اي حكومة مع الاعتقاد ان سبب انزواء الصدر هو شعوره بأن هناك محاولة لكسره سياسيا، وإدراكه أن إيران لن تسمح له بتغيير قواعد اللعبة السياسية ،علما ان هناك قناعات قانونية ان الوضع الحالي لمجلس النواب غير شرعي وهذا ينطبق ايضا على مشروعية الحكومة الحالية!!
المشهد السياسي العراقي منذ الاحتلال مليء بالأزمات، ويبدو أن جميع الاحزاب تعيش على هذه الأزمات، حيث كانت سياسة الإدارة بالأزمات هي السائدة في البلاد منذ نيسان 2003، وكانت الاوضاع تأتي من خلق أزمة جديدة وأكبر لتحل محل الأزمة القائمة، حتى تُنسى الأزمة الأولى لتتجه الأنظار نحو الأزمة الجديدة. القوى السياسية والدينية في المجتمع العراقي المستفيدة من الوضع الراهن سياسيا واقتصاديا، أصبح لها جذور عميقة، وهي قادرة، في ظروف تتشتت بها القوى العسكرية لصالح المليشيات الولائية في مقابل ضعف الدولة وعجزها عن مواجهة تلك المليشيات التي اصبحت تتحكم بكل شيئ حتى في الجوانب الاقتصادية في تقمص واضح لتجربة الحرس الثوري الايراني، وهذا تخطيط مدبر هدفه إعاقة أو تقويض وتفجير أي محاولة إصلاحية جذرية ان وجدت يمكن أن تهدد ولو نظريا هيمنتها على النظام السياسي.
من يتأمل الواقع جيدا قد يصل إلى الحقيقة المتمثلة بأن من يتحمّل الجزء الأكبر من المسؤولية عن الأزمات المتتالية في العراق هم الطبقة الحاكمة (البعيدة عن ارادة الشعب العراقي) المرتبطون بدول خارجية إقليمية ودولية لا تريد الخير والاستقرار للعراق. فالأحزاب التي تمتهن وتلبس رداء الدين ومعها الكتل السياسية التي هيمنت وتفردت بالسلطة وإدارة الدولة، منذ نيسان العام 2003، لم تؤسس لنظام حكم وإدارة قائم على المؤسسات ، بل نظام محكوم بالمصالح الفئوية والطائفية والحزبية الضيّقة على المصالح الوطنية الامر الذي اوجد الانقسام المجتمعي وعززه وأدت إلى انعدام الثقة بين مكونات الشعب العراقي والنظام الذي جاء به الاحتلال ، وهذا انعكس على طبيعة العلاقة بين الذين هيمنوا على العملية السياسية الذين اتفقوا على توزيع مغانم السلطة فيما بينهم، وان اختلفوا فيختلفوا عليها في وقت يعيش غالبية الشعب في ظروف معيشية سيئة.
السؤال الذي ينتظر الاجابة هو هل حان الوقت لتغيير اللعبة السياسية في العراق المحتل؟يبدو ان هناك اصوات واراء ووجهات نظر وتحليلات جميعها تدفع بأتجاه الاتفاق على ان التغيير قادم، وبعضهم يعتقد ان الفترة القريبة القادمة وتحديدا بعد العيد ستشهد هذا التغيير واخرين يدعون ان التغيير في مايس واخرين يدفعونه الى العام القادم.......ايا كانت تلك القناعات ومبرراتها نبقى نسأل من هم الذين سيقودون التغيير؟ وما موقف الاحتلال الامريكي من التغيير؟ وهو الذي وقع اتفاقا يلتزم بحماية النظام الحالي وعمليته السياسية!! مع ملاحظة ان هناك ارتباك وتشابك بالوضع الدولي والمنطقة ناهيك عن ان الاوضاع الداخلية المحرجة في الولايات المتحدة الامريكية وانشغالها بمحركات الحرب الروسية الاوكرانية ومواجهة الدعائية مع التنين الصيني الذي يضخمونه ويشيطنونه بشكل مقصود نقول هنا ربما ونشدد على ربما لم تعد الادارة الامريكية تعطي للقضية العراقية وزنها المطلوب من الاهتمام،وهذا يعني استمرار مرحلة التمنيات لدى غالبية الشعب العراقي لان يرى فيه فجر التغيير الايجابي ويشهد تخلصة من هذا النظام الفاسد الوقح المجرم ...فالتغيير يجب ان يقوده العراقيين الغيارى على وطنهم وشعبهم فالشعب الذي يريد الحياة لابد ان يصنع الظفر.
4509 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع