نزار العوصجي
التحديث الفكري .. ترف ام ضرورة ؟
من بديهيات الحياة انها متجددة متطورة ومتغيرة وانها لن تقف عند حد معين ، كما ان اسلوب ونمط العيش يتغير تماشياً مع تطورها ، فكذلك يجري التغيير على كل مفرداتها ، فما كان بالامس خيالاً ، اصبح اليوم حقيقة وواقعاً علينا تقبله ، تماشياً مع متطلبات الحياة في كافة مراحلها ، لذا فالتغيير سيطال كل شيئ ، شئنا ام أبينا . بما في ذلك المنظور الى السياسة ، الى القوانين والتشريعات ، التي تحتاج إلى صقل واعادة تفسير وصياغة ، تتناسب مع طبيعة ما ينتظر منها ان تحدثه في مجتمعها ..
ليس بالضرورة ان التغيير يعني التنكر لفكر من سبقنا من المثقفين والمفكرين ، بل يمكن ان يكون العكس تماماً ، ليشكل اضافة واعية ومفسرة لافكارهم ورؤاهم ، وتعزيز منطقي يجسد الفهم لطروحاتهم لكي تكون أكثر قبولاً ، في مجتمع هيمنت فيه المادة على الفكر ..
ان التغيير المقنن والسيطرة عليه سيمكن من الحفاظ على الجوهر الاصيل وعدم المساس به ، خاصة ونحن نعيش في زمن إخر يكتظ بالتناقض ..
في تحليل علمي لأفكار من سبقنا من المثقفين والمفكرين ، نجد انها تشكل ابداعاً خلاقاً ومنظوراً مستقبلياً سباقاً ، اذا ما تمت صيانتها وتحديثها ، لتناسب الزمان والمكان في واقعنا المعاش ، لذلك وجد مصطلح الخطأ والصواب ، وهذا الأمر ينطبق على ذوي الفكر المعاصر الذين تتناغم رؤاهم باقتناع مع من سبقهم من المثقفين والمفكرين ولكنها تعارض متطلبات الزمن الحاضر ..
من هنا يجب علينا أن نشرح مفهوم التحديث الفكري المستند الى العلم ، بعيداً عن التشنج والتعصب لأرائنا ، وعلينا تشخيص نقاط الأختلاف الفكري بقراءة موضوعية تبين الملامح الحقيقة للمرحلة الحالية ..
مما تقدم يتضح أننا بحاجة إلى صياغة فكرية ، تتناسب مع متطلبات الواقع المتأثر بمجريات الأحداث التي تدور من حولنا ، وحين تطرح الصياغات الجديدة التي تخالف الكثير من الأفكار السائدة في نطاق ضيق أو واسع ، ستلاقي بالتأكيد معارضة واسعة وستتهم بأنها مخالفة للنصوص التي اقرت سابقاً ..
أجل ربما هي مخالفة ولكن ليس للأصول العامة وإنما لبعض أفكار المثقفين في تلك المرحلة ، لذا نحن بحاجة إلى تحديث فكري ينقلنا من الأفق المحدود إلى فضاء اوسع ، لنتفهم حاجات الواقع الحالي أكثر ..
قد يسأل سائل عن مدى تقبل من حولنا لمبدء التحديث ، وبمن يجب ان نبدء لتطبيقه ؟
نجيب فنقول : هنا تبرز أهمية تعزيز الوعي السياسي وتقوية المهارات القيادية لدى فئة الشباب وخصوصاً الطلبة ، من خلال الأنشطة اللا منهجية والفعاليات التوعوية والتثقيفية . واستنهاض القوة الكامنة في مجتمع الشباب ، في أعمالهم وجامعاتهم وابداعاتهم ، التي تتكامل مع الرؤية الفكرية المتجددة ، بهدف إحداث نقلة نوعية في بنية المجتمع والتحول السياسي الديمقراطي ، لتكون نقطة البداية على طريق بناء مجتمع مثقف واعي ، يواجه ثقافة التطرف والإرهاب ، ويقف صفا واحداً في مواجهة التعصب الاعمى بكافة اشكاله ..
نحن بحاجة لتطوير فكري لا ينحصر في طبقة معينة أو مجموعة محددة ، وإنما ليكون فكر مفتوح أمام الجميع ، يتدارك المفهوم الأنسب للواقع ، فيتوسع في تداركه للأفكار المحدثة ، فلربما يستفيد منها اخرين ايضاً ، فلا يقتصر الأمر على مجموعة معينة ..
لكن وقبل الخوض في تحديث فكري جديد ، يجب أن نضع بعض الأمور في الحسبان ، كبعض المصطلحات ، مثل الثوابت والضرورات والحجة والدليل والبرهان والعلم ، من ثم نصوغ القانون الطبيعي الملائم للشريعة والفطرة الانسانية اولاً ، بالاستناد إلى القيم الدينية والمحتمعية ، وقراءة التاريخ والتطلع إلى رؤى وأفكار الغير ، بذلك سنتمكن من إيجاد الفكر الأوسع ادراكاً ، الذي سيلهمنا المعنى الأشمل والأنسب للواقع والحياة والمجتمع ، إننا فعلاً بحاجة إلى تنمية مثل هذه الأفكار ، وعلى الجميع السعي إلى ذلك …
722 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع