د. نادرة الحسامي
الاستمتاع بما نقدم هو أكبر بكثير مما نتلقاه
متعة العطاء هي متعة القلب والعقل والجسم معا، انه تفاعل الانسان مع الحياة فهما ووعيا وتقديرا , انه الحب به تنبت الزهرة ويكبر الطفل وتنمو المعرفة , هو انت وعلاقتك مع الاخر , هو خروج الذات من عقالها لتعبر ولتفعل ولتعطي , لكن لا عطاء بدون زاد يسبقه , من جسم قوي معافى وعقل منفتح على المعرفة وقلب ينبض بالحب والخير , والاسرة هي من تحتضن الطفل وترعاه وتقويه ,كي يقف على رجليه سليم الجسم معافى , فهي المعلم الأول للعطاء .
فالوالدين كانا سعيدين عندما انجبا وربيا واعطيا، واذا كانا تألما وكابدا وحزنا، فليس انت السبب في ذلك, بل على العكس هما يستمدان القوة والمرح منك , ولكن بسبب ظروفا تخصهما وحدهما لست شريكا بها , فكلما كان متفاهمان متشاركان متحابان معا قل تعبهما , من هنا كانت أهمية التفكير جيدا ببناء العلاقة القوية بين الشريكين قبل ان يحملا اسم الام والأب ,
وكلما كبرت يتعب الوالدين اكثر، لأنك تخطيت مرحلة الاعداد الجسمي وانتصبت قائما على رجليك وبدات تريد عطاء فكريا ونفسيا متقدما مع عمرك الذي ينضج، وقد لا يتقناه لانهما لم يؤهلا له , ولا عتب , فعليك ان تستمده حينها من الوسط المعرفي المحيط بك المدرسة والكتاب والنماذج التي تختلط بها , في المجتمعات المتقدمة تربية الطفل تحتضنها مؤسسات متخصصة باحتياجات الطفل في كل مرحلة وفق احدث الدراسات والطرق , وهو في المرحلة الاولى مابين عمر 3-7 سنة يعيش في المدرسة كما في البيت ياكل وينام ويلعب، وذلك لكي يتعلم سلوكا يساعده على الاعتماد على نفسه والتخفيف من طلب المساعدة بصورة يرتب بها حاجاته وافكاره ويمتلك ادوات تطوير ذاته فيما بعد ..
وهي لا تلغي دور الاهل المراقب والمتابع والحنون , وبهذا تخفف من الفوارق المعرفية للأسر وانعكاسها على سلوك الطفل , وهذا الامر في غاية الأهمية , فابن العامل ينمو الى جانب ابن الطبيب والأسود الى جانب الأبيض والبنت الى جانب الفتى , لان هذا الطفل هو ابن اسرته نسبا وموروثا وحبا , وبنفس الوقت هو ينمو ليكتشف ذاته ويعرف ما يرغب وذلك بمساعدة اخرين متخصصين , لكي يعطي مستقبلا , وهو واعيا وواثقا ومرتاحا بما يفعل مهما كانت الظروف المحيطة به والتي تزداد صعوبة يوما بعد يوم مع تقدم علوم الحياة . احبتي صباحكم نور
07. 05. 2023 جنيف
947 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع