التربية سلوك وقدوة

د. نادرة الحسامي

التربية سلوك وقدوة

للمفكر الفرنسي مونتسكيو راي في التربية يقول ان تغيير الأخلاق والأسلوب، لا يحتاج الى قوانين , نعم لا يستطيع القانون ان يجعل الانسان صادقا ومهتما بأخيه الانسان الضعيف منه والقوي , يعرف معنى البر والمساعدة والحنان عندما يتطلب الامر, وليس بالقانون استطيع تعليم المرء معنى الاحترام, بحيث يصبح سلوكا في شخصه لا يحيد عنه , كيف يحترم نفسه أولا والأخرين ثانيا ودولته وقوانينها , وما الدولة في نهاية المطاف الا سلوك افرداها وتربيتهم , وليس بالقانون استطيع ان اكسب المرء سلوكا لطيفا متواضعا كما سنبلة القمح يخجل من نفسه قبل خجله من الاخر اذا اخطأ, لا يرفع صوته , ينظر بعين محدثه ليفهم الداخل منه قبل الخارج , كيف يكون قويا في التعبير عما يرغب او لا يرغب , نعلمه كيف يقول "لا" قبل "النعم" , لان الأولى اقوى واصدق واجرء من الأخرى , كل هذا ليس قانونا, ولو ان هناك بعض القوانين التي تصوب الانحراف عندما يصل حدا يطال الاخر ويزعجه ,

اذن من يكرس هذه الاخلاق في الحياة لتصبح سلوكا يرفع صاحبها راسه واثقا بما يفعل، لأنه يدرك ابعاده وابعاد من حوله بشرا كان ام حجرا ؟ انه التربية , والتربية أولا , وفي مقدمتها الام التي تحمل طفلها وترضعه حليبها , ما وضعها في بيتها بحياتها مع زوجها وأولادها ومحيطها وما تحمله من معتقد موروث, دينا كان ام سلوكا , وفي هذا السياق فان الام هي حاملة الدين وناقلته عبر الأجيال , ثم تأتي الحضانة واهميتها كبيرة لأنها تدوم حتى الخامسة من العمر , ما نموذجها وما هو تأهيل من يديرها , وما يرغب ان يعلمه للطفل , واهمها في هذه المرحلة سلوك الطفل اتجاه رغباته وكيفية التعبير عنها ،ووجود الاخر واحترامه , ثم تأتي المدرسة الابتدائية حتى الثانية عشرة , لتنهي مرحلة الاخلاق والسلوك واكتشاف الذات والمواهب والاستعداد , ليبني الطفل بعدها ذاته بعدها بالعلم والمعرفة والفن التي تزيد عقله نضجا وقلبه حبا وسعة

في البلاد المتقدمة مرحلة الحضانة والمرحلة الابتدائية اخذتها المؤسسة التعليمية شبه كامل فالطفل يعيش حياة كاملة في الروضة يأكل وينام ويلعب ويتنزه ويتعلم خلال فترة تواجده الطويلة في الروضة ، ووفق اخر ما توصلت لها دراساتهم، لان الوالدة بدورها مشغولة في عملها كما الاب، وبهذه الطريقة خف تأثير التفاوت الاجتماعي والتعليمية والعرقي والديني وانعكاسه على الطفل ، وبالتالي تتساوى الأطفال في الاخلاق والسلوك ،ويبقى لصدر الام وحنانها ولعاطفة الاب وحبة ولخصوصية الاسرة ما وسع من الوقت ..

والسؤال المطروح الان: الا نستطيع ان نوجد مقرر تدريبي وتعليمي يعطى في مرحلة الحضانة والابتدائية تحت باب " الاخلاق والسلوك "ينهض بنا ويوحدنا قلبا وقالبا ، على اختلاف مللننا ومشاربنا ، وهم سبقونا في ذلك وكانوا مثلنا فيما سبق ؟

14. 06. 2023 جنيف

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

956 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع