سيف شمس الدين الآلوسي
تحديات كردستان
تعصف بكردستان، ومنذ بدايات تقسيم الشرق وربما قبل ذلك، تحديات في تقرير مصير تحقيق الدولة التي تجمع الشعب الكوردي. هذا الشعب الذي بذل كل ما بوسعه لتحقيق حقه المشروع. وبرزت محاولات عديدة لتحقيق هذا الحلم. لكن تبلورت تلك الآمال مع مجيء ملا مصطفى برزاني ومن بعده نجله السيد مسعود وحفيده مسرور. هذا الخط العمودي حقق هرماً وسارية عالية يتطلع لها أغلب الشعب الكوردي. بل أصبح مثالاً وملهماً لبقية الشعوب.
إقليم كردستان يتوزع بين عدة دول، لكن ما يهمنا هو هذا الاقليم الغني بموارده البشرية والطبيعية والذي يقع ضمن خارطة وحدود العراق. وليس من السهل تحديد كل التحديات خلال مقال صغير، بل يحتاج الباحث إلى دراسة استراتيجية للوقوف على أهم النقاط ودراسة جذورها وسبل حلها.
فمن التحديات التي تواجه الإقليم هي كيفية الحفاظ على علاقة متبادلة ومبنية على الثقة مع الحكومة العراقية المركزية في بغداد. هناك خلافات واضحة حول القضايا السياسية والاقتصادية والنفطية، بما في ذلك المسائل المتعلقة بالاستقلالية الكردية وحقوق النفط وتوزيع الثروة. بالإضافة إلى التهديد الأمني، فالمنطقة الكردية تواجه تهديدات أمنية مستمرة من جماعات إرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيمات إرهابية أخرى. تصدى السيد بارزاني لتلك الجموع الإرهابية موقفاً تقدمها نحو كوردستان، بل ساهم أيضا بتحرير الايزيد والتي تقع منطقتهم في سنجار وهي((( رسمياً خارج إقليم كوردستان ))) ضمن المناطق المتنازع عليها….
أي أن الشعب الكوردي قد دافع على وحدة الأرض العراقية في مكافحته للإرهاب.
لكن من أهم التحديات وهي رسم خارطة وخطة منهجية لسياسة البلد، البلدان تحتاج لمعاهدات طويلة الأمد وهذا الشيء لا يمكن تحقيقه في العراق، كون الحكومة المركزية في بغداد هي حكومة مهزوزة وليس لها قرار ومرتبكة. والقرار ليس لها فهناك شبكات خارجية وداخلية تسيطر على المشهد السياسي مقررة مصير البلد. كل حكومة جديدة تغير جميع قوانين وأنظمة الحكومة التي سبقتها، وكل حكومة تسعى لتحقيق أحلامها خلال فترة حكمها وهذا من المستحيل تحقيقه. لذلك إقليم كوردستان وحتى دول العالم يواجهون صعوبة بإقامة اتفاقيات واستثمارات ومصالحات لأن الجميع يدرك ان ذلك لن يستمر طويلاً.
لا يمكننا التعامل مع انسان هوائي متخبط، وليس له قرار. عدم الاتزان يربك الآخرين، لذلك من حق كوردستان ألا تُؤَمِّن على اتفاقياتها مع الحكومة المركزية، فان ذلك سيؤخر ركبها، وهذا ليس من سياسة الإقليم أن تكون متأخرة عن بقية العالم.
أما من الناحية الداخلية فكلنا يعلم قضية السليمانية، وعدم وجود سياسة ثابتة وهي تخضع لنفوذ إيراني يثقل كاهل الإقليم. هذا النفوذ يعيق حركة الإصلاح والتطور، كون إيران لا تريد مصلحة العراق ولا الإقليم. لا تريد منه منطقة آمنة يلوذ إليها الجميع. ففي الوقت التي تسعى فيه أربيل إلى توحيد الشعب الكوردي، نرى السليمانية تسير عكس الركب. وفي الوقت الذي تسعى فيه أربيل أن تحقق السياسة وتعقيم المنطقة من النفوذ الخارجي، نرى السليمانية تخضع لهيمنة خارجية، وتسير نحو مصلحة من يحكمها وليس في صالح شعبها.
لا أحد يمكنه مواجه تلك العقبات دون حكمة، فحكمة إدارة الإقليم هي بليغة قد امتصت العديد من الصدمات وتجاوزتها حتى باتت منارة للشعب الكوردي داخل وخارج الإقليم، وحتى لغير الكورد، فهي مقصد الجميع. فالسيد مسعود قد بنى بلداً وحكومة قائمة على الاستقرار من خلال اكمال مسيرة من سبقوه، فهذه الثقافة باتت واضحة من خلال نجله مسرور عندما أكمل مسيرة الأب والجد.
858 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع