د يسر الغريسي حجازي
21.07.2023
الحب والأمن والانتماء
"الشعور بالانتماء هو طريق الامن والأمان. لكل فرد الحق في القيام بواجباته بحب وانتماء. يبدأ ذلك بممارسة مواطنته، والبحث عن ذاته لفهم الاخرين. فقط الشعوب الواعية والآفاق البشرية الواسعة التي تسمح لكل فرد بتحقيق ذاته".
ما هو الغرض من حياة الإنسان؟ ماذا سيكون معنى الحياة إذا لم نتمكن من تحقيق أهدافنا؟ في الحياة الأفلاطونية، سيكون للحياة معنى مع قوة المعرفة والاعتقاد، بأن وراء كل فكرة هناك معرفة ومنفعة. كما يفصل ديكارت في كتابه "خطاب المنهج"، بين الحياة العملية والفعل، والعلم، والحقيقة. لكن في الحياة العملية، يجب أن يكون الإنسان حازمًا وحاسمًا.
حتى أن ديكارت قدم مثالاً على رجل فقد في الغابة. وكلما اراد الرجل اتخاذ قرارًا بالاستمرار في المشي بشكل مستقيم، يتردد في تتبع خطواته من رغم انه أمامه سوى فرصة ضئيلة في العثور على طريقه. ويتحدث ديكارت عن العمل في الحياة العملية لخوذ التجربة وايجاد الطريق، ومعرفة ما إذا كان الطريق الذي اخترناه كان هو الصحيح أم لا؟ بالنسبة إلى ديكارت، الشيء المهم هو السعي، بغض النظر عن الطريقة.
في عام 1943، جادل عالم السيكولوجية الأمريكي أبراهام ماسلو، في مقالته "نظرية التحفيز البشري"، بأن الدافع عند الانسان هو الحل الوحيد لاكتسابه الثقة بالنفس (أحد مكونات "التقدير) بعد تحقيق ما يحتاجه للبقاء على قيد الحياة: الأمان والحب والانتماء. على سبيل المثال، لماذا نحتاج إلى شريك الحياة؟ بسبب ان الحياة الزوجية تساهم في توفير الأمن العاطفي، والألفة، وتوازن الحياة، والدفيء، ومشاركة الاطمئنان والعاطفة. إنه شكل من أشكال الانتماء، الذي يسمح لنا بالحلم معًا، ومشاركة المشاريع، والحصول على الأهداف المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم طموحات الزوجين في بناء عش عائلي، دافئ وآمن.
بالنسبة لكل فرد من الأسرة، تشكل الأسرة ابعاد القيم، والمودة، والإحسان. وهي الخطوة الأولى نحو التضامن، والخطوة الثانية نحو التنشئة الاجتماعية، والراحة التي تسمح لكل فرد بمعرفة أنه يمكنه الاعتماد على الأشخاص من حوله.
أكد أبراهام ماسلو (1943)، أن الفرد لديه دافع فقط لاكتساب الثقة بالنفس (وهو عنصر من عناصر الاحترام) بعد تحقيق ما يحتاجه للبقاء: وهو الأمن، والحب، والانتماء.
بالنسبة لماسلو، فإن دوافع الشخص هي نتيجة إرضاء بعض احتياجاته المصنفة حسب الأهمية في خمسة مستويات. كما ان تلبية الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية، تسمح بالتنقل الي هرم احتياجات الانتماء، والاحترام، والوفاء، لغاية تحقيق الذات والتمتع بالحياة.
عندما يكون الشخص قد استوفى جميع احتياجات المستويات السابقة، فإنه يتحصل علي تحقيق الذات، وإمكاناته الكاملة.
في نظريتهما في تقرير المصير، يميز ديسي وريان (2002) ثلاثة أنواع رئيسية من دافع
القوة الداخلية هدفها البحث عن المتعة (الدافع الجوهري)، قوة خارجية تلزم التصرف استجابة لظروف خارجية (دافع خارجي).
الدافع الداخلي (القوة الداخلية في السعي وراء المتعة)
الدافع الخارجي (القوة الخارجية التي تجبرنا على العمل للاستجابة الي الظروف الخارجية)
عدم التحفيز (غياب الدافع)
وترمز الحاجة إلى تحقيق الذات والوصول إلى قمة الطموحات البشرية، وهي تحقيق الرضا. نشعر بالرضا عندما نشعر بالفعالية، عندما نساهم في المشاركة الاجتماعية والقضايا الإنسانية. وفقًا لنظرية تقرير المصير، هناك ثلاث احتياجات نفسية هي أساس الدافع البشري وهي: الحاجة إلى الاستقلالية، والحاجة إلى الكفاءة، والحاجة إلى الانتماء الاجتماعي. هذه هي الاحتياجات الوحيدة التي يمكن أن تجعل الانسان يحقق المتعة، والراحة، والانسجام الداخلي والخارجي. ولكن قبل ذلك، هناك ضرورة للتحفيز الذاتي، وإظهار الاهتمام، والتفاؤل من اجل تحقيق الأهداف بشكل فعال.
تنبع الحاجة من خلال الانتماء، مثل غيرها من الاحتياجات النفسية، من داخل "الدماغ الجديد"، الدماغ الحوفي، مركز العواطف. وبالتالي، فإن كل حالة نفسية يتم الشعور بها عاطفيا (ماسلو، 1970).
على سبيل المثال، عندما يكون الهدف هو الأمن الوظيفي أو إنشاء مشروع خاص، علينا أن نتعرف على كيفية تحديد أولوياتنا والتعبير عن احتياجاتنا مع الانتباه إلى التوقعات المرغوبة حتى تتمكن من تحقيق أهدافنا بالطرق المثلى.
بمجرد أن نحقق الإدراك الذاتي، ينطلق شعور الرفاهية الجسدية والنفسية ليوفر لنا نوعية حياة أفضل، مثل التحكم في عواطفنا وعدم الانجرار الي الغضب، وفهم أفضل للآخرين، والإيثار. مما يسبب توازن الحياة مع نوعية أفضل من التفكير، والقدرة على تطوير قدراتنا وثقتنا بأنفسنا. كما ان الانسان في حاجة كبيرة الي العمل والتركيز، والسعي، والاجتهاد، وإدراك النتائج. هذا جزء من العلوم الإنسانية التي توسع آفاقنا، وتمنحنا المثل العليا. كما تعلمنا تجاربنا طوال الحياة، أن نجد الحلولً المناسبة لحل المشاكل التي يمكن ان نقع فيها، مما يجعلنا نتعلم ونجتهد، ونعيش بشكل أفضل مع كل شيء من حولنا. تعلمنا أفعالنا التعرف على أنفسنا، ومعرفة الآخرين بشكل أفضل. الوقت والعمل ضروريان لأن عمل الإنسان هو الذي يمنحه مفهوم الوقت، ويجعله يدرك مرور الوقت وقيمته في انجاز الأشياء والتفوق. هذا يفسر الارتباك الذي يشعرنا أننا قد أضاعنا الوقت. إن فكرة الوقت هي فئة عملية، وهي موجهة دائمًا نحو المستقبل وهي ضرورية لمعرفة الرضا والوصول الي تحقيق الذات (معاهدة الاقتصاد، "التبادل الحر"، (1985).
2537 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع