عوني القلمجي
وداعا رفيق الدرب الطويل
ترددت كثيرا وسرقتني الأيام في ان ارثيك يا صديقي طارق الدليمي، لكني تذكرت بان الموت قدر لا مفر منه، ولا بإمكاني الهروب منه. والذي منحي الشجاعة والعزاء ان هناك من الذكريات بيننا ستبقى حية، ومعها رحلة طويلة وعمر مديد من الاخوة والصداقة بيننا. رحلة طويلة من النضال وحب الوطن والاستعداد للتضحية من اجله. رحبت بالتحديات وخاصة في الغربة التي تغلبت عليها بالتأقلم رغم صعوبة المكان والزمان. لم تلين امام رحلة طويلة من النضال السياسي، كنت أبا زياد رفيق درب ونضال ليس فيه هوادة، رغم ان الايام فرقت بيننا زمنا طويلا، لكن لم يفرقنا الزمان والمكان والعراق شريكنا واهل العراق بيننا. كانت اصالتك وعراقيتك وعروبتك راسخة ومتجذرة في اعماق الارض.
نعم كنت على الدوام مشغولا ومهموما بالعراق وشعب العراق، ناضلت من اجله منذ نعومة اظفارك، وساهمت في جميع النضالات السلمية. بذلت كل الجهود في ترسيخ المبادئ الوطنية وبذلت جهودا كبيرا أيضا من اجل وحدة العمل الوطني. لم تتخل عن النضال حتى اخر ايام حياتك. كانت وحدة العراق وعروبته اهم اهدافك، وكنا نردد سوية سيتحرر العراق ونعود نقبل ارضه ونشم ترابه ونتعطر برائحة نخيله. كانت الوحدة العربية وتحرير فلسطين واحدة من اهم اهتماماتك السياسية والنضالية. كنت مخلصا ومناضلا صلبا وجسورا ومتمسك بمبادئك الوطنية والانسانية. كنت تزداد صلابة وقوة كلما زادت عليك المحن. كنت صبورا ومثابرا وقويا في النازلات الصعبة والعسيرة. كان العراق حاضرا في الحل والترحال، في اليقظة والمنام، في حواراتك ليل نهار وفي مجالسك الخاصة والعامة، حتى في الافراح والاحزان. لم تكن يا رفيقي شخصية وطنية وسياسية وحسب، بل كنت شخصية انسانية بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ولذلك كنت موضع احترام كبير من قبل رفاقك واصدقائك ومحبيك، مثلما حظيت بمكانة مرموقة لدى جميع الاحزاب والقوى الوطنية العراقية. لقد عرفك البعيد والقريب في صمودك وصلابتك، وثبات مواقفك التي لم تحيد عنها، مهما كانت قوى الترهيب شديدة، مثلما لم تساوم مهما كانت قوى الترغيب مشرعة الابواب. كنت راسخا وثابتا كلما اهتزت قناعة هذا او ذاك من المناضلين. كنت واضحا وصريحا في اهدافك واولها تحرير العراق من رجس الاحتلال واستعادة استقلاله وسيادته ووحدته الوطنية كاملة غير منقوصة.
ذكراك ستبقى شاخصة مهما كانت قوانين الموت تبعدك عني وتبعدك عن رفاق دربك، لأنك تركت في داخلي اثارا لن تنسى. ستبقى معنا ومع العراق والعراقيين شعله متقدة تنير الطريق امام الاجيال القادمة، ستبقى يا أبا زياد صورتك ماثلة في عقلي ووجداني الى اخر السنين القليلة المتبقية من حياتي، نم قرير العين فرفاقك واصدقائك على دربك سائرون. أجل يا طارق الدليمي لن انساك وسأظل وفيا لذكراك وسأظل اتمثل شخصيتك القوية وخصالك الحميدة ووطنيتك الراسخة واخلاقك العالية عناوين اهتدي بها.
رحم الله طارق الدليمي برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا واهله وابناءه جميعا الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
رفيقك عوني القلمجي
24/7/2023
968 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع