أ.د. سلمان الجبوري
انها كانت مؤامرة
قيل من تدخل بما لايعنيه لقي ما لايُرضيه.
لقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث من قبل شخوص ليس لهم في الامر لاناقة ولا جمل او ممن هم من ذوي النوايا السيئة او من الذين درجوا ان يدسوا انوفهم في كل شاردة وواردة او ممن يبحثون كما يقال عن "عزى يشبعون فيه لطم" فيما يخص ما جرى في قاعة الخلد عام 1979 فوجدت لزاما عليّ بعدما زكمت انوفنا الروائح النتنة التي ينفثها هؤلاء الذين يدعي البعض منهم انه مؤرخ وهو لايمتلك أيٍ من صفات المؤرخين.
أقول لأولئك أولا وقبل كل شيء ان ما جرى وقتها انما هو شأن داخلي يخص قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي ولا دخل لأي كان من غير البعثيين فيه وبهذا فلا حق لكم الحديث حوله كما لم ولن يكن للبعثيين دخل بما جرى داخل الحزب الشيوعي العراقي من انشقاقات او اغتيالات ولا فيما جرى في الحزب الشيوعي السوفيتي في أي فترة من فترات التأريخ الا بقدر ما يتعلق الامر بالشأن التأريخي وهذا الامر يتطلب ممن يسلك طريقه ان يلتزم الحيادية في التحليل والمصداقية في مصادر المعلومات.
اما ثانيا فأن من يتباكون على الذين عوقبوا عقابا حزبيا ويستنكرون عدم محاكمتهم محاكمة قانونية علنية متناسين انهم عوقبوا وفق قوانين الحزب الداخلية والتي يعرفها المتهمون كونهم من الكوادر القيادية والمتقدمة في الحزب.
اما ثالثا فأن الذين يتباكون على من عوقبوا انكم لستم بأحرص من البعثيين انفسهم على بعضهم البعض.
اما ما يخص التشكيك بحقيقة ما ارتكبه أولئك من كونه مؤامرة من عدمها انه وحسب قوانين الحزب فأن أي عمل يتقاطع مع ما منصوص عليه في النظام الداخلي وقوانين الحزب المنظمة للحياة الداخلية له مما يضر في وحدة الحزب ويعرقل عمله او يسئ الى قيادته او التشكيك بأي عضوٍ فيه خارج سياقات مبدأ النقد والنقد الذاتي يعد تأمراً صريحا وتطبق بحقه الضوابط الحزبية العقابية.
ان حقيقة ما جرى ولكي اريح المتباكين على من عوقب وقتها ولكي لايتعبوا انفسهم في الحديث في ما لا يخصهم فأنني أقول ان المؤامرة ليس بالضرورة ان تكون ضد نظام حكم او سلطة قائمة او ان يكون سلاحها الجيش للسيطرة على مقاليد الحكم بل ان المؤامرة في عرف حزب البعث وكل الاحزلب العقائدية هو أي تكتل داخلي من قبل عدد من أعضائه ضد أي عضو او مجموعة أعضاء او ضد القيادة وتطبق بحق مرتكبيه العقوبات المنصوص عليها في قوانين الحزب الداخلية بعد اجراء التحقيق بذلك داخل الحزب والذي ليس بالضرورة ان يكون علنيا حتى وان كان ذلك الحزب يقود السلطة في أي بلد، فما بال المتباكين لوان ما حدث كان في ظرف النضال السري فهل سيطالبون ذلك الحزب بعلنية تلك الإجراءات العقابية وبتطبيق القوانين النافذة في تلك الدولة!
ان ما جرى في 1979 او كما يحلو لبعض المتصيدين بالماء العكر بتسميته بمجزرة قاعة الخلد انما هو مؤامرة داخلية بثوب تكتل قام به بعض أعضاء القيادة موجه ضد التوجه المركزي لقيادة الحزب بدافع الحقد على بعض القياديين الذين لمع نجمهم في قيادة الحزب والدولة بالاستعانة بقوى معادية من خارج الحزب او من خارج الحدود وهذا بحد ذاته يعتبر خرقا لاهم ضوابط العمل الحزبي وهو بالتالي مؤامرة واضحة كوضوح الشمس لايختلف عليها عاقلان اثنان. في العرف السياسي التنظيمي السائد ان أي اتفاق سري بين أي مجموعة من أعضاء أي تنظيم لايصب في مصلحة ذلك التنظيم او موجه ضد عضو او مجموعة أعضاء فيه او يضر بالمسيرة يعد تكتلا وبالتالي فهو تأمر على الحزب كله.
ومن الثابت كما أوردتها الحقائق التأريخية لتلك القضية والتي اتهم فيها الرئيس الشهيد صدام حسين بأنه هو من افتعلها بدافع التخلص من المعترضين على اعتلائه قيادة سدة الحزب والدولة خلفا للاب القائد احمد حسن البكر رحمه الله او بهدف تخريب مشروع الوحدة مع سوريا كما ادعى "التائه" تايه عبد الكريم ان جذورها يسبق الإعلان عنها بسنوات عديدة وان اعفاء وعزل محي عبد الحسين من مناصبه كان قبل ان يستقيل الرئيس البكر من منصبه. أي ان التكتل والمؤامرة كانت مشخصة لكن ما كان بالإمكان ان يتخذ اجراء بحق اعضائها قبل استقالة الرئيس البكر اكراما له.
ان من يقول انها لم تكن مؤامرة أقول له واستنادا الى الخقائق التأريخية انها كانت مؤامرة بعرف الحزب لانها خروج على دستوره وخرقا لمبادئه التي تضمنها نظامه الداخلي.
1755 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع