نزار العوصجي
في ذكرى القادسية الثانية ..
تمرعلينا هذه الأيام الذكرة 43 لرد العدوان الإيراني على ١العراق ، هذا العدوان الذي خططت له الدوائر الاستعمارية الامريكية و الصهيونية ضد قلعة الصمود و شعبه و جيشه و سيادته ، بعد ان ايقنت مدى ثقل العراق في أي صراع عربي يمكن ان ينشب مع إلكيان الصهيوني ، لذا فأن استهداف قدراتنا و امكانياتنا ، قد اوكل الى إيران ، فكانت هي السبيل ، و كانت البداية من العراق ..
من هنا لابد لنا من تسليط الضوء على ما جرى من أحداث بعد اقتلاع الشاه في شباط 1979 ، و طبيعة الدور المرسوم الذي اختطوه للخميني ، في سبيل اخضاع العراق للنهج الإيراني الطائفي ، و جعله جسراً للعبور الى باقي الدول العربية في تصدير ثورتهم المزعومة ..
لقد شهدت مرحلة مابعد الثورة و تولي خميني حكم إيران و حتى أيلول 1980 ، سلسلة من التحرشات و الاعتداءات ضد العراق ، رغم تمسك العراق بالطرق الدبلوماسية و القوانين الدولية ، و مثال على تلك الاعتداءات ، قيام سلاح الجو الايراني بخرق الاجواء العراقية ( 249 ) مرة ، كما بَلغ عدد حوادث أطلاق النار على المخافر الحدودية العراقية والقصف المدفعي ، و عرقلة الملاحة في شط العرب و قصف الاهداف المدنية ( 244 ) حادثاً ، أما عدد مذكرات الاحتجاج الرسمية فبلغت ( 147 ) مذكرة ، ناهيك عن التجاوزات من قبل الاعلام الايراني بهدف أثارت الفوضى داخل العراق ..
في يوم 4 ايلول 1980، قصف الجيش الايراني بشدة مناطق خانقين و مندلي و زرباطية و نفط خانه ، مستخدماً المدفعية الثقيلة والطائرات ، مما سبب أضراراً بالغة بالأرواح و الممتلكات ، و وفق هذه المعطيات و ما سبقها فان الحرب قد بدأت فعلا ، وانه لا سبيل أمام العراق الا الدفاع عن أرضه وشعبه ..
في صباح يوم 7 إيلول 1980 استدعت وزارة الخارجية العراقية القائم بالأعمال الايراني في بغداد وسلمته مذكره حول تجاوزات القوات الايرانية المشار اليها آنفاً و المناطق المحتلة من قبل ايران مؤخراً متجاوزه لخط الحدود الدولية و مطالبته بردود فعل عملية من إيران ، بالنظر لتسارع الاحداث و عدم اتخاذ اي رد فعل رسمي او عملي من قبل إيران ، لذا قامت القوات العراقية في الساعة 1500 من ذات اليوم ، بعملية عسكرية لتحرير الاراضي العراقية المستولى عليها من قبل ايران ، و تمكنت من استعادة مناطق ، زين القوس ، الشكرة ، وبير علي ، وسربنت ..
في يوم 10 أيلول 1980 شرعت القوات العراقية بتحرير و استعادة مخفري ، هيله و ماي خضر ..
في يوم 16 ايلول 1980 حررت مخافر ، الطاووس و الرشيدة و السفرية القديم و الجديد ، في نفس القاطع ..
في يوم 17 ايلول 1980 باشرت القوات العراقية بالتقدم نحو مخفري ، شور شيرين وهنجيرة ، في قاطع مندلي ..
اما عمليات القوة الجوية في هذه الفترة اقتصرت على مهام الاستطلاع و التصوير ، اضافة الى الدوريات القتالية تحسباً لأي خرق جوي ايراني متوقع ..
في 17 ايلول 1980 و نتيجة لعدم اتخاذ اي رد فعل ايجابي من ايران و استمرارها التدخل بشؤون العراق الداخلية و قصفها الشديد للمناطق الحدودية في زرباطية ، نفط خانه و خانقين و مندلي بشكل متكرر و تعرضها للسفن العراقية في الخليج العربي و شط العرب ، قرر العراق الغاء اتفاقية الجزائر لعام 1975 و اعادة السيادة الكاملة على شط العرب ..
لقد أصر النظام الايراني بشدة على رفض اية مبادرة سلمية من جانب العراق و أية محاولة تجعل من الحل السياسي للقضايا المختلف عليها بديلا عن المواجهة العسكرية ، وراح رئيس النظام ابو الحسن بني صدر يتبجح بانه رفض مهام مبعوثين و وسطاء لغرض حل الامور دون قيام الحرب ، حيث كان النظام الايراني يدفع الامور بقوة نحو الحرب التي بدأت رسمياً في 1989/9/4 ، حينما اعلنت ايران النفير العام واغلقت أجوائها بوجه الملاحة الجوية و عززت موقف قواتها العسكرية المرابطة على الحدود مع العراق ، كما حشدت قواتها البحرية في مياه شط العرب و الخليج العربي ..
ان الاستنتاج الذي يمكن التوصل إليه من جراء تعنتها يوحي ان إيران وضعت العراق أمام خيار واحد ، وهو الحرب التي دخلها مضطراً للدفاع عن ترابه الوطني و سيادته على ارضه ..
بعد صدور قرار مجلس الامن المرقم 479 في 1980/9/28 الذي طالب إيران والعراق إيقاف القتال بينهما ، وبعد مسك زمام المبادرة بيد العراق ، القى السيد الرئيس صدام حسين رحمه الله ، خطاباً موجها الى الشعبين العراقي و الايراني و الامة العربية ، شرح فيه مجريات الحرب و اسبابها و اعلن عن استعداد العراق لوقف القتال ، اذا التزم الجانب الايراني بهذا النداء ، على ان تعترف الحكومة الايرانية اعترافاً صريحاً و قانونياً و فعلياً ، بحقوق العراق المشروعة في السيادة على ارضه و مياهه ، و ان تتمسك بسياسة حسن الجوار و التخلي عن توجهاتها العنصرية و العدوانية و التوسعية ، و عن محاولاتها في التدخل بالشؤون الداخلية لبلدان المنطقة ، و ان تعيد كل شبر اغتصبته الى ارض الوطن ، و ان تحترم القوانين والاعراف و المواثيق الدولية .. كما اعلن في نهاية خطابه إيقاف القتال من جانب واحد لأثبات صدق نوايا العراق تجاه هذه المسالة ..
و فعلا اوقف القتال ليومي 29 /30 ، و لكن الرد الايراني جاء عن طريق العميد فلاحي نائب رئيس اركان الجيش الايراني بعد لقائه مع خميني ، انه كمسؤول عسكري لا يرضى بوقف القتال وإنهاء الحرب الدائرة مع العراق ، كما صرح هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى عن رفض أيران وقف القتال مع العراق حتى تنسحب القوات العراقية ..
اما الحسن بني صدر فقد صرح ان العدو العراقي سيواجه حرباً متواصلة صباحاً ومساء ..
اما خميني فقد صرح ان العراق الذي يمد يده لمصالحتنا لا صلح معه ، وانما نحارب حتى اللحظة الأخيرة ..
لذا استمرت معارك القادسية الثانية دفاعاً عن الأمة العربية 8 أعوام ، تكللت بالنصر المؤزر ، بعد ان مرغ اسود العراق أنف إيران الشر بوحل الهزيمة ، وتجريع خمينيها السم الزعاف ..
1442 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع