الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
لماذا تقاطعت ستراتيجيات إيران وإسرائيل ؟
لايختلف اثنان من ان الانظمة التي تعاقبت على الحكم في مايسمى بدولة ايران بأعتبارها كيان هجين مصطنع تعمل جميعها على خدمة الكيان الاسرائيلي منذ احتلاله لارض فلسطين بشكل مباشر او غير مباشر مقصود او بالتخادم،ولعل ما نعانيه اليوم سيما بالمشرق العربي من ويلات نجد ان القاسم المشترك في اسباب هذه المعاناة هما الكيانان المغتصبان المعتديان على حقوقنا بالتنسيق والتوافق والتخادم مع القوى الكبرى امريكا وبريطانيا ومن تحالف معهما او تحت سيطرتهما فايران تحتل الاحواز التي مساحتها تعادل ثمانية اضعاف فلسطين المحتلة منذ عام 1925 .
استراتيجية حلقة النار
على مدى السنوات الأربع والسبعين الماضية، كانت العلاقة بين إسرائيل وإيران واحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا وديناميكية في المنطقة، الا انها تحولت في الاونة الاخيرة (دعائيا) من التعاون الوثيق متعدد الوجوه إلى الدعوة الصريحة لانهاء دولة اسرائيل؟؟!! ومع تجدد طموحات نظام الملالي في الهيمنة على المنطقة في أعقاب الحرب الإيرانية العراقية، واكتساب زخم كبير بعد الاحتلال الامريكي الامبريالي الصهيوني للعراق، ووصول الاوضاع في الشرق الاوسط إلى مستويات غير مسبوقة بسبب الاضطرابات في بعض الدول العربية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بما سمي بالربيع العربي؟؟!!! استغلت حكومة طهران استراتيجية حلقة النار التي تسعى إلى إحاطة إسرائيل بقوى حليفة لها مزودين بقدرات تسليحية صاروخية وطائرات بدون طيار ضخمة ابتداءا من لبنان وقطاع غزة وسوريا اضافة الى العراق واليمن .
لقد أدى هذا إلى خلق ظاهرا الى توازن رعب غير مستقر حيث يتم ردع إيران من خلال القوة الاستراتيجية التكنلوجية المتقدمة جدا لإسرائيل ومنها قوتها الجوية الهائلة، ونظام الدفاع الجوي المضاد للصواريخ المتعدد الطبقات، واخرها منظومة ثاد بالغة التطور اضافة الى الغواصات المسلحة نووياً، في حين تدرك إسرائيل بشكل دقيق التكلفة البشرية والمادية الهائلة المترتبة على مجموعة الصواريخ الإيرانية، وخاصة من ترسانة حزب الله التي تقدر بنحو 150 ألف صاروخ/قذيفة التي تسبب ازعاجا وقلقا للقيادات الاسرائيلية وتكلف عملية التصدي لها خسائر مادية مالية كبيرة (قدرت كلفة الصورايخ الكارتونية التي وجهتها ايران الى الارض المحتلة بحدود عشرة ملايين دولار بينكا كلفت الاسلحة المضادة لها من اسرائيل مئات الملايين؟!!) وقد منع ذلك التوازن حتى وقت قريب اندلاع حريق شامل مباشر بين الدولتين، ولا يمكن استبعاد حصول هذا الاحتمال بشكل كامل هذه الفترة سيما بعد اقتربت طهران من الحصول على أسلحة نووية او حصلت عليها اي اشترتها من الدول المنظومة السوفيتية بعد انفراطها!!!
منذ هجوم حماس المؤثر على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، دفع نظام طهران المليشيات المرتبطة به الى تنظيم الهجمات على الدولة اليهودية من حلفائه بما اسموه بمحور المقاومة - حزب الله في لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن. تمثل الهجمات ضد إسرائيل خلال العام الماضي المرحلة الأخيرة في استراتيجية حرب الاستنزاف الإيرانية الطويلة الأمد ضد الدولة اليهودية، والتي تهدف إلى تحجيم دور إسرائيل لا القضاء عليها فالخلاف بينهما على حجم ومساحة النفوذ في المنطقة لا غير. تُظهِر حرب حماس مع إسرائيل في قطاع غزة والهجمات المستمرة تقريبًا ضد إسرائيل من وكلاء إيران الآخرين كفعالية استراتيجية لطهران في تسليح وتدريب الميليشيات ذات التفكير المماثل، والتي توفر قدراتها العسكرية للجمهورية الإسلامية عمقًا استراتيجيًا وسمحت لها إلى حد كبير بتجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل مع ملاحظة امكانية قيام اسرائيل بهجوم تكتيكي هذه الايام لتأديب نظام الملالي والتأكيد لهم ولغيرهم ان الكيان الاسرائيلي هو الطرف الاقوى الذي يجب ان يحترمه الاخرين شاؤا ام لم يشاؤا.
اما العمليات البسيطة لوكلاء إيران ضد إسرائيل ضمن خطة "حلقة نار" فتهدف إلى استنزاف موارد اسرائيل وإضعاف معنويات السكان فيها من خلال إجبارها على القتال على عدة جبهات في وقت واحد. كما استهدفت الميليشيات الشيعية العراقية إسرائيل بالصواريخ والطائرات بدون طيار - على أمل إبعاد الولايات المتحدة، التي ترى هذه الجماعات أن دعمها لإسرائيل هو مفتاح بقاء إسرائيل، عن المنطقة، ونفذت حوالي 170 هجومًا ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا. كما سعت إيران إلى تهريب كميات كبيرة من الأسلحة إلى الضفة الغربية لتمكين المسلحين الفلسطينيين من شن هجمات على القوات الإسرائيلية هناك.
تتمتع إسرائيل بهيمنة عسكرية تكتيكية ولكنها تحتاج إلى استراتيجية سياسية لقد أظهرت إسرائيل كفاءة تكتيكية كبيرة في العمل على مواجهة خصومها، وكذلك في الرد على الهجمات المستمرة من حلفاء إيران حيث تسعى إسرائيل إلى تقويض الوجود الإقليمي لإيران .
دبلوماسية عربية مناسبة
إن المواجهة العسكرية الشاملة بين إيران وإسرائيل هي أسوأ سيناريو ممكن لدول المنطقة. وقد يخلف مثل هذا الصراع عواقب مدمرة على البنية التحتية للطاقة في المنطقة، وهي العمود الفقري لاقتصادات المنطقة وكانت هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار في عام 2019 على منشآت النفط السعودية والبنية التحتية للإمارات العربية المتحدة بمثابة تذكير صارخ بهذه الثغرات. وحتى لو لم تكن دول الخليج مستهدفة بشكل مباشر، فإن التأثيرات المترتبة على صراع أوسع نطاقا قد تعطل أسواق الطاقة، وتزعزع استقرار الاقتصاد العالمي، وتعرقل أهداف التنمية طويلة الأجل في المنطقة. وقد أدت هجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار التي شنتها إيران على إسرائيل في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول إلى تكثيف المخاوف في الخليج. لطالما كان برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني مصدر قلق لدول مجلس التعاون الخليجي، ولم تؤد هذه التبادلات الأخيرة إلا إلى تفاقم هذه المخاوف. ومن المخاوف الأخرى التي تلوح في الأفق إمكانية تطوير إيران لسلاح نووي. ومع محاولات اسرائيل لإضعاف حزب الله وحماس ، قد تلجأ إيران إلى برنامجها النووي كإجراء ردع (لدينا اعتقاد راسخ ان ملالي طهران يمتلكون مجموعة من القنابل النووية تم شراؤها من الدول التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي قبل انفراطه او انها تمكنت من انتاج بعض القنابل بقدرات تدميرية محدودة). إن كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين تمتلكان برامج نووية متوسعة، تراقبان الوضع عن كثب، والمجتمع الدولي يدرك الخطر الحقيقي المتمثل في انتشار الأسلحة النووية في المنطقة.
رغم ان واشنطن وتل أبيب تقدم غالبًا شراكاتهما مع دول الخليج على أنها ناجحة، فإن الواقع أكثر تعقيدًا. فمنذ عام 2021 - وخاصة بعد اتفاق المصالحة التكتيكي في مارس 2023 بين إيران والمملكة العربية السعودية - أعطت دول مجلس التعاون الخليجي الأولوية بشكل متزايد للدبلوماسية على المواجهة، والمشاركة على العزلة، والحوار الإقليمي على التصعيد العسكري وهي سياسة كما يبدو مناسبة في هذه المرحلة.
العدوان مستمر
الشئ المهم ان شهية حكومة نتنياهو لتنفيذ كل مافي جعبتها من مخططات طال وقت تنفيذها وواضح ان هناك اضواء خضراء من امريكا وبقية حلفاء اسرائيل لتنفيذ كل مخطط نتنياهو كما أن استشهاد زعيم حركة حماس يحيى السنوار لن يؤدي إلى وقف العدوان بشكل مباشر في غزة، حيث إن الأهداف التي حددها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كما اشرنا لم تتحقق بعد، وربما أضيف لهذه الأهداف ما يجعل استمرار الحرب والوجود العسكري الإسرائيلي في القطاع الفلسطيني هو السيناريو الأقرب للتحقق فنتنياهو تعهد بمواصلة الحرب، رغم اعتقاد قادة غربيون، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن أملهم في أن يكون مقتل السنوار نقطة تحول محتملة في الصراع ،ولم يحسم نتنياهو وحكومته خططاً لآلية حكم غزة بعد الحرب، لان الحكومة الإسرائيلية تعرف ما لا تريده وهو ألا يستمر حكم حماس للقطاع، لكنها لا تعرف ما تريده بعد ذلك وهو كيفية إدارة غزة وهل تستمر في نشر جنودها فيه من عدمه،وحدد نتنياهو أهدافه من العدوان على غزة بإنهاء حكم حماس والقضاء عليها وتحرير الرهائن الإسرائيليين الذي تحتجزهم الحركة حالياً في القطاع، وأضاف إلى هذه الأهداف مؤخراً تنفيذ ما يسمى بـ"خطة الجنرالات"
705 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع