علاء کامل شبيب
الاستقبال الحار الذي قوبل به حسن روحاني بعد عودته من نيويورك، والذي أظهره کمن حقق نصرا ظافرا و مبينا، يبين بوضوح عمق و قوة الازمة التي يعاني منها النظام الايراني و يحاول الخروج منها بأية وسيلة او طريقة کانت.
الولايات المتحدة الامريکية، والتي جعلها نظام ولاية الفقيه ومنذ تأسيسه على يد خميني، العدو اللدود رقم واحد و الذي لايمکن التصالح و التعامل معه، حيث ظل هذا النظام و طوال العقود الثلاثة المنصرمة إجبار و تعويد أنصاره بصورة خاصة و الشعب الايراني بصورة عامة على ترديد شعار(الموت لأمريکا)، وشعارات أخرى معادية لها، يعود اليوم رئيس جمهورية النظام من أمريکا نفسها ليبشر أنصار النظام و الشعب الايراني بأن اوباما قد تصدق عليه بإجراء مکالمة هاتفية!
منذ إستلام روحاني لمهام منصبه وهو يوزع التصريحات(التساومية)، يسارا و يمينا و بمناسبة ومن دون مناسبة، وعند ذهابه لنيويورك لإلقاء کلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، ظلت وسائل الاعلام التابعة للنظام تطبل و تزمر للقاء مرتقب بين اوباما و روحاني، لکن الادارة الامريکية لم تکن مستعدة لإستقباله في البيت الابيض من دون إثبات صدق نواياه و تقديم أدلة ملموسة على أرض الواقع، في الوقت الذي فسرت أجهزة إعلام النظام الايراني و کعادتها ذلك الامر بأن روحاني لم يقبل اللقاء إلا بعد أن تحسم و تعالج الامور! لکن وعندما جرى الاتصال الهاتفي فإن وسائل إعلام النظام قد أقامت الدنيا و لم تقعدها وکأن الشمس قد أشرقت من الغرب، متناسين و متجاهلين عن قصد واضح جدا بأن أمريکا هي نفسها الشيطان الاکبر و العدو اللدود للنظام، فکيف يتم الاحتفال و الترحيب و الرقص و الطرب بمجرد إتصال من الرئيس الشيطاني نفسه؟
نظام الدجل و الکذب و الشعوذة في طهران و الذي إستمر طوال أکثر من ثلاثة عقود في رفع شعار المعاداة لأمريکا و عدم التصالح معه و قطع اليد التي تمتد من إيران لمصافحته، يعود اليوم و بعد أکثر من 34 عاما من الکذب و اللف و الدوران و النفاق الى الاحتفال بمناسبة(تفضل)و(تکرم) رئيس الولايات المتحدة الامريکية اوباما بالاتصال برئيس النظام من أجل تقديم اوراق الاعتماد الخاصة بإنبطاح النظام أمام الامريکان، من دون أن يشعر هذا النظام بذرة من الخجل و من دون أن تنزل من على محياه قطرة حياء على تصرفه المناقض لماضيه جملة و تفصيلا وکأن لسان حاله يقول(الذين خجلوا ماتوا)، بحسب المثل المصري.
هذا النظام الدجال المتاجر بالدين و المستعد لتقديم کل تنازل من أجل بقاءه و إستمراره، والذي يربط في أدبياته و طروحاته دائما بين أي نشاط مضاد له و بين واشنطن، إدعى و زعم دائما أمام شعبه بأن منظمة مجاهدي خلق تابعة و
مسيرة من قبل الولايات المتحدة الامريکية، في حين أنه کان يبذل مساعيه من ناحية أخرى لدفع الولايات المتحدة الامريکية للتصديق بأن منظمة مجاهدي خلق معادية لها و إرهابية، وهذا اللعبة کانت مستمرة الى حين وصول روحاني الى نيويورك، لکن و بعد کل هذا الاستعراض الرخيص و التهافت المکشوف من جانب روحاني لواشنطن، فإن النظام قد تجرد من کل شئ و بان على حقيقة و واقع أمره، لکن قد يتساءل البعض ماهو سر هذه الاستدارة الاستثنائية بإتجاه من وصفوه للأمس بالشيطان الاکبر؟ الحقيقة أن هناك أکثر من سبب لکننا نجد أهمها فيما يلي:
ـ الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة و الحادة للنظام و التي وصلت الى طريق مسدود و ليس في وسع النظام الاستمرار طويلا مع هذه الاوضاع مالم يجد لها حلا، وهو يعلم بأن الحل الوحيد امامه هو الذهاب الى واشنطن.
ـ الاوضاع في سوريا والتي وصلت الى مفترق خطير جدا بعد القصف الکيمياوي لغوطة دمشق و إزدياد المراهنات على حتمية ذهاب النظام السوري کنتيجة منطقية و موضوعية لها، بالاضافة الى الملف النووي الذي بات يثقل کاهل النظام، لم يعد بوسع النظام تحمل ثقل المسألتين و لهذا فإنه يذهب الى واشنطن لتقديم عصا الطاعة عسى أن يشفع له ذلك عند الشيطان الاکبر!
ـ الانتصارات السياسية الکبيرة لمنظمة مجاهدي خلق على مختلف الاصعدة و التي تم تتويجها بنصرها القضائي الباهر على الادارة الامريکية بشطبها من قائمة الارهاب و إلتفات معظم الاوساط السياسية و الاعلامية الامريکية الى هذه المنظمة و طروحاتها و أفکارها بشأن مستقبل إيران و الحلول و البرامج التي لديها بهذا الخصوص، بل وان الامر قد وصل الى حد أن العديد من الساسة الامريکان قد طرحوا توجيه دعوة للسيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية لزيارة الولايات المتحدة الامريکية و طرح أفکارها و رؤاها هناك أمام الکونغرس و مجلس النواب، وان هذا ماقد أرعب ملالي إيران و جعلهم يرتعدون فرقا لأنهم يعلمون کيف أن هذه المرأة ذات العزم الفولاذي التي سبق لها وان نجحت في کسب و إستمالة العديد من برلمانات العالم بخطبها و کلماتها المؤثرة، فإنها ستفعل نفس الشئ مع الامريکيين، ولهذا فإن النظام قد إستعجل جدا لکي يحول دون ذلك و أرسل روحاني مدججا بکل وسائل الانبطاح و التملق و الرياء و الکذب و النفاق على أمل إغلاق أبواب أمريکا بوجه المقاومة الايرانية.
مشکلة نظام ولاية الفقيه أنه لايريد أبدا أن يتعض و يفهم و يستوعب الامور من الماضي و دروسه، ومشکلته الکبرى مع منظمة مجاهدي خلق التي لم يستطع قهرها او إلحاق الهزيمة بها على الرغم من کل الذي فعله ضدها، وان هذه المنظمة التي استمرت في مسيرتها و ناضلت في وقت کان ليس النظام لوحده الذي کان سابقا في قوته و عافيته التامة وانما الولايات المتحدة الامريکية و الدول
الغربية أيضا يقفون معه بنفس الخندق، فکيف الان وقد وصل النظام الى مرحلة يرثى لها في حين أن المنظمة في اوج عنفوانها و تقدمها و إزدهارها للأمام وقد زاد أصدقائها و أنصارها بصورة ترعب النظام و تزلزله، لکن و عندما تصف المنظمة هذا النظام بالجهل و التخلف يعتقد البعض بأن ذلك مجرد کلمات تستخدم لأغراض سياسية بحتة، والحقيقة أن المنظمة تعني ذلك وانها فعلا محقة!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
713 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع