سنية عبد عون رشو
الانكسار ...قصة قصيرة
جلست هي خلف مكتبها المتواضع في الدائرة وضعت مكتبها أمام النافذة بتعمد ، تخفي في قلبها همسا لا يسمعه سواها تراقبه عندما يحضر صباحا فهي تعودت تسبقه في حضورها دائما . أحبته بصمت حبا خجولا لم تجرؤ ان تنطق به ، واكتفت بأن تراقب ابتسامته حين يلقي تحيته أو عندما يذكر لهم مزحة عابرة ، تنهض مسرعة لمساعدته حين تجد مكتبه وقد تكدست فوقه ملفات العمل كونها أقدم منه بهذه الدائرة . .
لم تنجح كل مساعيها ان تجذب انتباهه اليها . تعلقت روحها بضحكته بأحاديثه وبطريقة ادارته لعمله . كونه صادقا في تعامله مع الناس ويكره ان يؤجل عمله الى يوم آخر . نال احترام المراجعين أيضا . لا تدري ما سبب انجذابها نحوه ربما لكونها تحمل نفس صفاته اذن كان انجذابها اليه مبررا . والمصادفة الغريبة انهما من نفس برج الحمل . وحين أخبرته بتلك المصادفة شعرت بإحساس غريب لم تشعر به من قبل ..كأنها طفلة ترى الأشياء لأول مرة . ليتها قادرة ان تبوح بشئ من مشاعرها . ولعل هذه النقطة تكون مفتاحا للحديث بينهما . انفلتت من فمها جملة غير مترابطة بسبب ارباكها أجابها مع ابتسامة خفيفة على وجهه وببرود تام قال : بأنه لا يكترث لمسألة الأبراج ويعتبرها ضحك على العقول الساذجة .
حاولت ان تبوح له بهذا التعلق لكنها تتراجع في كل مرة وتخاف ان يصدمها برده . أو ربما أنه يحب امرأة أخرى وتكون تلك الخطوة انتقاصا لكرامتها كامرأة . غالبت مشاعرها بهذا الصمت الدائم ودون ان تخبر حتى صديقتها المقربة
مضت سنتان كانتا كفصل طويل من الانتظار ، تخبئ في نظراتها له الف سؤال وسؤال ، وتحلم ان يفهم يوما ما تخفيه عيناها من حنين صادق تجاهه . .
لكنها استفاقت ذات صباح على خبر في الدائرة هز كيانها وصمتها : نعم ان الرجل الذي اختاره قلبها قد خطب امرأة أخرى ، من خارج الدائرة وهي التي ارتدت اليوم فستانها الجديد وقررت ان تسأله عن ذوقها بينما رأت زميلاتها يشاركن بتوزيع الحلوى . وامتلأت أروقة الدائرة بالتهاني والتبريكات . دون ان يعرف هو أن قلبا بقربه قد تهشم تماما ، وأن ابتسامتها في ذلك اليوم كانت ستارا يحجب انكسارها .
المحنة غدت أثقل من ان تحكى ، وأقسى من ان تنسى
620 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع