جدل متجدد حول دور حماس وعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين

 أسامة الأطلسي

جدل متجدد حول دور حماس وعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين

لطالما أثارت جماعة الإخوان المسلمين جدلًا واسعًا في العالم العربي، ليس فقط بسبب طبيعة عملها السري، بل أيضًا بسبب تأثيرها المباشر على استقرار الدول التي تنشط فيها. فالجماعة، التي تعمل غالبًا خارج الأطر الرسمية للدول، تُتهم منذ عقود بخلق شبكات موازية للسلطة، واستغلال الأزمات السياسية والاجتماعية لتحقيق مكاسب تنظيمية على حساب الاستقرار الوطني.

في السياق الفلسطيني، تبرز حركة حماس بوصفها الامتداد الأكثر وضوحًا للإخوان المسلمين، لا كحركة تحرر وطني خالصة، بل كأداة تنظيمية تُدار وفق أجندة أوسع من حدود القضية الفلسطينية نفسها.

حماس: من خطاب وطني إلى أداة تنظيمية
رغم الخطاب الوطني الذي ترفعه حماس، يرى منتقدوها أن الحركة لم تنفصل يومًا عن البنية الفكرية والتنظيمية للإخوان المسلمين. فقراراتها الكبرى، وتحالفاتها الإقليمية، وحتى أولوياتها السياسية، كثيرًا ما تعكس مصالح التنظيم الأم أكثر مما تعكس احتياجات الشعب الفلسطيني، وخصوصًا سكان قطاع غزة.

هذا الارتباط جعل الحركة، وفق هذه الرؤية، جزءًا من مشروع سياسي عابر للحدود، لا يضع المصلحة الوطنية الفلسطينية في صدارة أولوياته، بل يوظفها ضمن صراع إقليمي أوسع.

قيادة في الخارج… ومعاناة في الداخل
أحد أكثر جوانب الانتقاد حدة يتمثل في دور قيادة حماس المقيمة خارج قطاع غزة. فبينما يعيش سكان القطاع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخهم، يتهم كثيرون هذه القيادة باستغلال معاناة الغزيين لجمع الأموال والتبرعات باسم "الصمود" و"المقاومة"، دون أن ينعكس ذلك على تحسين الأوضاع الإنسانية على الأرض.

ويشير منتقدو الحركة إلى أن المساعدات التي تُجمع باسم غزة لا تصل إلى مستحقيها، في وقت يعاني فيه المدنيون من نقص الغذاء، وانهيار الخدمات، وغياب أي أفق لإعادة الإعمار. هذا التناقض بين الخطاب والممارسة عزز قناعة شريحة واسعة من الفلسطينيين بأن المعاناة تُستخدم كوسيلة للتمويل السياسي أكثر من كونها قضية إنسانية تُراد معالجتها.

فساد متراكم على حساب القضية
لا تقف الاتهامات عند حدود سوء الإدارة أو غياب الأولويات، بل تمتد إلى شبهات فساد مستمرة منذ سنوات، طالت ملفات مالية وتنظيمية داخل الحركة. ويرى منتقدو حماس أن هذا الفساد لم يكن استثناءً أو حالة فردية، بل أصبح نمطًا متكررًا، دفع ثمنه سكان غزة من معيشتهم ومستقبلهم.

وفي ظل غياب الشفافية والمساءلة، بات من الصعب التمييز بين ما يُجمع للقضية الفلسطينية، وما يُوظف لخدمة مصالح ضيقة داخل الحركة ودوائرها القيادية.

تهديد للاستقرار… وليس فقط لغزة
من منظور إقليمي أوسع، يُنظر إلى الإخوان المسلمين، ومن ضمنهم حماس، على أنهم عامل تهديد لاستقرار الدول العربية، بسبب طبيعة عملهم السري، ورفضهم الاندماج في الدولة الوطنية، وسعيهم لبناء ولاءات تنظيمية تتجاوز الحدود والسيادات.

وفي هذا الإطار، لا تُعد أزمة غزة مجرد مأساة إنسانية، بل أيضًا نتيجة مباشرة لتغليب الأجندة التنظيمية على منطق الدولة والمصلحة الوطنية.

سؤال المستقبل
اليوم، ومع تعمق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، يطرح كثيرون سؤالًا جوهريًا:
هل يمكن للقضية الفلسطينية أن تُخدم حقًا من خلال حركات مرتبطة بتنظيمات عابرة للحدود؟
أم أن الخلاص يبدأ بفصل العمل الوطني الفلسطيني عن مشاريع أيديولوجية أثبتت، في أكثر من دولة، أنها تأتي على حساب الشعوب لا لصالحها؟

في ظل هذا الواقع، تبقى معاناة غزة شاهدًا مؤلمًا على ثمن تسييس الألم، وتحويل القضايا العادلة إلى أدوات في صراعات لا تخدم أصحابها الحقيقيين.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1069 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك