زينب حفني
نشرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية تصريحاً للبارونة سعيدة وارسي، وهي وزيرة دولة بالحكومة البريطانية ومتخصصة في شؤون الجاليات، بأن الجاليات المسيحيّة تواجه خطر الانقراض، نتيجة تصاعد العمف الطائفي والديني من قبل المتعصبين دينيّاً ضد الأقليات في بعض دول العالم، وهو ما سبب من وجهة نظرها هجرة جماعية للخارج.
على سبيل المثال لا الحصر، هناك العراق نتيجة الأوضاع الأمنية المتردية فيها منذ الغزو الأميركي لها، وفي ليبيا بعد سقوط حكم القذافي، وفي سوريا بسبب اندلاع الحرب الأهلية، وسيطرة الجماعات الإسلامية المتطرفة على عدد من المدن، وهو ما أدّى إلى انخفاض أعداد المسيحيين بهذه البلدان لحد كبير!
البارونة "وارسي"، التي تعود جنسيتها لأصول باكستانيّة، ذكرت بأن قمة دولية ستُعقد قريباً لرسم خطة لوقف العنف الممارس ضد الأقليات، داعمة كلامها بالهجوم المسلح الذي استهدف حفل زفاف في كنيسة بمصر وخلّف جرحى وقتلى، إضافة إلى تفجير الكنائس بين حين وآخر من قبل مجهولين بعدد من البلدان العربية والإسلامية.
كلام "البارونة" مخيف، وفيه تهديد مبطن لبلدان بعينها! ولكي نكون منصفين، هناك جماعات إسلامية متطرفة انتشرت أيضاً في أفريقيا السوداء كمالي ونيجيريا. وقد تابعتُ تقريراً على شاشة التلفاز يُلقي الضوء على ما يحدث في نيجيريا من انتهاكات يوميّة للفتيات المسيحيات على يد جماعة (بوكو حرام)، التي تقوم بخطفهن وإجبارهن على اعتناق الإسلام، وحين يلجأ الأهالي للشرطة ويُطالبونها بأن تُعيد لهم بناتهم، يقف رجال الشرطة عاجزين عن اتخاذ أي إجراءات قانونيّة ضدها!
وقد قررت الحكومة الأميركيّة مؤخراً وضع هذه الجماعة على قائمة التنظيمات الإرهابيّة، واعتبرت تقديم أي دعم لها جريمة يُعاقب فاعلها.
لا شيء يُولد من فراغ! وأي سلبيات تنتشر في مجتمع ما، مسؤولية يتشارك فيها الجميع! وتفريخ أجيال تعتنق فكراُ متطرفاُ، تقع المسؤولية الأكبر فيه على المؤسسة التعليمية! متمنية أن تهتم الحكومات العربية بحماية عقول الأجيال الجديدة بتخصيص ميزانيات ضخمة للتعليم، بدلاً من وضع ثقلها المادي على الإنفاق المسلح!
أيهما أسلم لبناء مجتمعات سوية، مستنيرة، ترك النشء فريسة لمناهج عقيمة تبث سمومها في أذهانهم، أم غرس مبادئ الإنسانية في عقولهم، من خلال مقررات فكريّة تحثُّ على إعمال العقل؟! أيهما أفضل لمجتمعاتنا، الدعوة للانغلاق على ذواتنا، والنظر بدونية لأصحاب الديانات الأخرى، أم الدعوة للانفتاح بتوازن على الأديان والمذاهب الأخرى، وتقبّل معتقداتهم والتعايش بسماحة معهم؟!
في مصر وبعد سقوط "الإخوان" تمَّ حصر عدد مدارس "الإخوان المسلمين" إلى 76 مدرسة، وهناك نقاش دائر حاليّاً يُطالب بإغلاق بعضها، التي تُدرّس ضمن مناهجها (تعاليم حسن البنا)، وتستبدل النشيد الوطني (بلادي بلادي) بنشيد (جهادي جهادي) عند تحية العلم، وهذا مُدعاة للخوف من ظهور أجيال متعصبة الرؤيا مستقبلاً لا تؤمن بحق المواطنة!
في السعودية، ما زالت هناك آراء متعصبة ضمن المقررات الدينيّة، يجب التدقيق فيها! إضافة إلى تأثير الفتاوى الصادرة من مشايخ الدين المتعصبين على عقول الجيل الجديد، وهو ما تنبهت له الحكومة السعودية مؤخراً وقامت بلفت نظرهم! إضافة لسعي مسؤولين بوزارة التعليم، إلى حذف بعض النصوص الدراسيّة التي تُحرّض على العنف!
التعليم ثم التعليم ثم التعليم، هو الحل السحري لإخراجنا من هذا النفق المظلم الذي ننزلق نحوه! وإذا لم نقم بمراجعة دقيقة لمناهجنا، ونتبنى نشر كتب الفكر المستنيرة، سنفرّخ أجيالاً متعصبة! وإذا لم نتدارك الأمر سنتورّط أكثر، وسنخلق نبتات شيطانية في أرضيّة مجتمعاتنا! إن كل شعوب الأرض من سلالة أبينا آدم وأمنا حواء، لكن للأسف يؤمن المتعصبون بأنهم الأحق في امتلاك الأرض ومن عليها!
1100 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع