د. أكرم المشهداني
مرة أخرى تصدر الفتاوى المتناقضة من علماء الدين المحسوبين على أهل السُنة في العراق، والمتناقضة فيما بينها بين فتوى تحريم المشاركة في الانتخابات البرلمانية 2014 وبين فتوى الحث على المشاركة فيها.
التحريم من المشاركة:
قبل فترة تداولت بعض المواقع الاعلامية خبراً غير مؤكد مفاده، بأن فضيلة الشيخ الجليل د. عبدالملك السعدي (وهو أكبر علماء العراق)، سوف ((أكرر سوف!!)) يصدر فتوى عن تحريم المشاركة في الانتخابات، أو تحريم إعادة إنتخاب من سبق أن تم إنتخابهم في الدورات السابقة، إلا أنه مرت الأيام ولم يُصدر فضيلة الشيخ الجليل هكذا فتوى، في حين قام شقيقه الشيخ عبدالحكيم السعدي بإصدار فتوى من مقر إقامته بالدوحة بتحريم المشاركة في انتخابات 2014 لأن هذه الإنتخابات لا تختلف عن سابقاتها لاشكلاً ولا مضموناً، وهي ناتجة عن عملية سياسية فاسدة، ودستور فاسد، ويَحرُم انتخاب كل من ساهم في دخول المحتل وكل من أقرّ دستور الاحتلال، وكل من تعاون مع ايران، وغير ذلك من الاسباب (مما يجعلنا نؤكد من جديد ما ذهبنا إليه سابقا من تحريم المشاركة فيها بشكل من الأشكال، والمشترك فيها آثم مساهم في الفساد، متعاون على الإثم والعدوان ومعصية الرسول) على حد ما ورد في فتوى الشيخ عبدالحكيم السعدي.
التحليل والحث على المشاركة:
وعلى النقيض مما تقدم، فقد أصدر مفتي الديار العراقية الشيخ د. رافع الرفاعي فتوى بوجوب المشاركة الواسعة في الانتخابات لأن كل صوت هو واجب وحق.. والادلاء بالأصوات مرضاة لله في اختيار الأصلح والأفضل.
بوجوب المشاركة بالانتخابات، وقال في فتوى له، إن المشاركة في الانتخابات "أمر لا بد منه"، مشدداً على أن اختيار المواطن ينبغي أن "يوجه صوب الشخص الذي تتوافر فيه الشجاعة والاخلاص والأمانة والتأهيل والحرص على استحصال حقوق الناس.
ونظم علماء الدين في محافظة نينوى مؤتمرا في قاعة الوقف بمدينة الموصل، حضره نحو 200 من علماء الدين وأئمة وخطباء الجوامع بالمحافظة إن "المؤتمر عرض فتاوى مفتي الديار العراقية ورئيس المجمع الفقهي العراقي ومجلس علماء العراق"، مشيراً إلى أن "فتاوى المراجع الثلاثة حثت الناخبين على وجوب الذهاب إلى الانتخابات وقطع الطريق أمام الفاسدين والمزورين وتفويت الفرصة امام المتصيدين في الماء العكر والعازمين على تزوير الانتخابات ومصادرة أصوات الناخبين"..
ترى إلى متى تستمر حالة الفرقة والاختلاف بين أهل العلم والفتوى من علماء أهل السنة وعدم اتفاقهم على شأن حيوي يقرر مصير العراق؟ اليس بالامكان ان يجتمع جميع ذوي الشان على صعيد واحد وليكن في اربيل كي يقرروا مصير الانتخابات ومصير المشاركة فيها.. بدلا من ان يتركوا الحبل على الغارب للطرف المستقوي والمنفرد بالسلطة
هكذا تتكرر فتاوى التحريم والتحليل وسط غضبة وحيرة الشارع السني والشارع العراقي عموماً.. وتشهد محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك منذ الـ21 من كانون الأول 2012 المنصرم، تظاهرات يشارك فيها عشرات الآلاف وجاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي، والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات، وإطلاق سراحهم، وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب، وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة. ولكن هذه الاعتصامات والتظاهرات لم تؤدي الى شيء ملموس سوى مزيد من التفرق والتشرذم..
1158 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع