د.عمر الكبيسي
الشهيد ( الخالد) خالد حمود الجميلي شيخ المقاومين
فجر (يوم الشهيد) اضحى شهيدا هكذا اختير خالدٌ تحديدا
يا عنيدا فيما تبنى وأبلى في جهاد الغزاة دوراً فريدا
وتجلى في كل حشدٍ بليغاً في خطابٍ بنى به تجديدا
وأمام الإغراء ما اهتزَّ يوما لا يبالي الوعيد والتهديدا
(قاوم) الاحتلال حتى أناخت رِتَبٌ دون فعله تسديدا
يا فتى (الاحتكام) قدَّت فريقاً لقَّنّ المعتدين درساً عنيدا
فارس (الاعتصام) تبقى مِداداً سيغذِّي الساحات عزماً جديدا
(خالداً) عشت أم مضيت صريعا كنت رمزا ثم اصطفيت شهيدا
منذ عرفت هذا الشيخ الجليل بعد غزو العراق عام 2003 تولد لي انطباع ثابت انه واحد من شيوخ الآخرة ، يضع في قريرة نفسه لأي قول يقوله ولأي فعل يفعله حساب الآخرة ميزانا وحسابا ، وهو بذلك لا يبالي في الله لومة لائم يقول الحق ولو على نفسه ، ولا يمنعه حضورٌ او زمان او مكان من قول الحق والإجهار به . المادة عنده وسيلة والزهد بها كرم وفضيلة . شجاع جريء متفوه وبليغ وحافظ جيد للبليغ من الشعر ومأثورات الدعاء والموروث من قول البلاغة والحكمة مع انه لم يكمل دراسة تقليدية او نظامية ، علّم نفسه بنفسه مع ما يمتلك من ملكة الحديث والكلام والخطاب والحماس المعسول بسرعة البديهة والنكتة مما يشوق المتلقي بالاستماع والمتابعة .
عرفته الفلوجة مقاوما ومقاتلا ومنظرا ومفاوضا وخطيبا و وجيها . لم يكن الشهيد خالد حمود طائفيا او مناطقيا او عشائريا مع انه عاش وترعرع بين بيوتات عشيرته ودواوينها ودرابين الفلوجة وشوارعها ومجالسها . كان الشهيد يقدح بالوطنية والحب للعراق وكان واحدا من الذين تصدوا لدعاة الأقاليم بكل قوة وبكل ما يملك من اسانيد ومبررات وأسباب للوقوف بوجه انصارها بل اعتبرهم خصوم وأعداء للوطن وتحمل بسبب هذا الموقف الكثير من محاولات النيل والطعن والملاحقة والمداهمة التي لم يتأثر بها ولم يكترث بالدسيس منها . قاد الشهيد رحمه وشارك بوفد التفاوض اثناء معركة الفلوجة الاولى الذي التقى بقادة الجيش البديل و وزير الدفاع في حينها حازم الشعلان ورئيس الوزراء الدكتور أياد علاوي وكان في جولات التفاوض صريحا وجريئا في طرح وجهة نظر المقاومين وفصائل المقاتلين ومطالبهم وانسحب مع الوفد عندما لم تصل لمستوى تلبية مطالب المدينة وأيقن بأهمية إكمال مسيرة القتال والمقاومة ونجى من ملاحقات القوات الامريكية والقوات العراقية ومتابعاتها قبل ان يترك الفلوجة في نهاية
المعركة ليعود اليها في معركتها الثانية التي ساهم فيها بكل تفاصيلها وحلاواتها ومراراتها وكتب الله له فيها الحياة والنجاة .
الشهيد الشيخ خالد حمود كان بالرغم من حديَّته وقوته بالدفاع والتصدي نظيف القلب والسريرة لا يحمل حقدا ولا غيضا على أحد وذلك من فضيلات اخلاقه مما يجعل الابتسامة والتسامح ركيزة لتعلق الناس والجماهير برمزيته وشخصه وحينما يجلس مع نفسه ويستذكر في قرارة سريرته تجاوزا ارتكبه او أخطأ به ، كان يسرع لتصحيح موقفه ويعترف لغيره بتجاوزه وتصحيح موقفه بروح مهذبة ونفسية متسامحة . لم يعرف عنه العنف بل الاعتدال ولا التزمت وانما التسامح ولا الانتقام بل الصفح . غادر هذه الدنيا مغدورا ومظلوما بما يحمل من دين و وطنية وغيرة وتعلق بوحدة العراق وتحرره بطلقات الأثمين والمعتدين . ضحى بعمره وعلمه وجهده وعطائه في سبيل الآخرين ولم يكن طامع بمال او مهتم بصحة وحال ،مأكله بسيط وعيشه متواضع في تماس والتصاق مع عموم الناس يشاركهم بالأفراح والملمات والمصائب .
وداعا ابا عمار ايها الأخ والصديق الوفي بعد ان أكرمك الله بالشهادة التي كنت تواقا لها لا تغيب عن وجدانك وحسبانك في كل موقف وقفته في مسيرتك الجهادية بعد احتلال العراق الحبيب . لكل أهلك وأصدقائك وإخوتك وزملاءك وعشيرتك وللفلوجة والوطن والمقاومين والصامدين والمعتصمين من بعدك الصبر والسلوان والثبات والصبر والصمود ولفيض روحك الطاهرة جنات النعيم التي وعدها الله للشهداء والأنبياء والصديقين ، فنم بعد شوح الجهاد الطويل قرير النفس معهم في العليين .
780 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع