(إذا كانت أفغانستان مدرسة الإرهاب فإن العراق جامعة الإرهاب)

                                   

                         د.وليد الراوي


قول ذكره ابو عمر البغدادي امير دولة العراق الاسلامية (قتل في نيسان 2010 ) في احدى خطبه, ناسبا هذا القول لاحد قادة قوات الاحتلال الاميركي في العراق .

هذا القول يراد منه التركيز على خطورة الوضع في العراق معتبرا اياه اشد سخونة واكثر خطورة من الوضع في افغانستان ,من حيث عدد العمليات ونوعيتها وحجم الخسائر البشرية والمادية الناجمة عنها .

نعم ان العراق اصبح جامعة الارهاب وقد اصبح الشعب العراقي بين نارين, نار تنظيم القاعدة ونار الميليشيات الطائفية المسلحة.

باتت هذه الجامعة تنشر فروعها في المنطقة وقد افتتحت لها كليه في الشام والتي سرعان ما ستتطور لتصبح جامعة اخرى تفتح فروع لها في تركيا ولبنان , في مقالي هذا سيتم القاء الضوء على دلالات هذا القول على المستوى العملي و النظري.

لم يذكر البغدادي من هو القائل ولم اجد عند البحث عن الموضوع في محرك البحث "كوكل" عن ذلك , كما راجعت ما امتلك من مصادر تخص تنظيم القاعدة فلم اجد من قال ذلك ولكنني اعتقد بصدق القول من حيث المعنى والمضمون فلم تمر دولة او منطقة في الشرق الاوسط بمثل ما يمر به العراق من فوضى وقتل يومي وتدمير وذلك بفضل عنصرين اساسيين الاول: الاحتلال الاميركي , والثاني: قادة العملية السياسية الجديدة , لقد استغل تنظيم القاعدة هذين العنصرين افضل استغلال وتوظيف.

كان خطاب تنظيم القاعدة ابتداء منصبا على حرب المحتل الاجنبي وان "الجهاد فرض عين" وبعد دخول العامل الايراني وما صاحبه من دفع باتجاه تصعيد الصراع الطائفي والذي تنفذه ادوات ايران في العراق المتمثلة بالاحزاب الدينية الطائفية والميليشيات المسلحة, تناغم خطاب تنظيم القاعدة مع هذه المرحلة الجديدة ,حيث بات يستهدف ابناء الشعب العراقي من الشيعة خاصة تحت ذريعة

الموالات لايران ولمشروعها الديني والسياسي, وذهب اثر ذلك الاف الضحايا الابرياء من ابناء الوطن.

بعد دخول عامل "الصحوات" في مقاتلة تنظيم القاعدة ظهر عامل جديد كي يصار الى سياق استراتيجية اهداف"قاعدية" ذات مرتكزات الثلاث هي:

المرتكز الاول : قتال قوات الاحتلال وعملائهم , حيث استمر تنظيم القاعدة بمهاجمة قوات الاحتلال حتى انسحابهم من العراق واستهداف كل من يتهم بالعمالة لهم على مستوى احزاب وكتل سياسية او على مستوى الافراد.

المرتكز الثاني: قتال الشيعة بشكل عام ومنتسبي الجيش والاجهزة الامنية بشكل خاص واتهامهم بموالات ايران بالرغم من ان شيعة العراق هم من اصول عربية مجيدة بل انهم اكثر اصالة من كافة قادة تنظيم القاعدة وفي اي مكان يتواجدون به.

المرتكز الثالث: قتال بعض من اهل السنة تحت ذريعة انهم مرتدون ويقاتلون تنظيم القاعدة عبر مشروع الصحوات والذي اسسته القوات الامريكية.

مرتكزات ذات خصوصية عراقية , سرعان ما تطور تاثيرها وبعض منها تجاوزت الحدود لتعبر اول الامر على شكل موجات ارتدادية تصيب ساحة افغانستان, حيث كان لجامعة العراق تاثير مباشر على صعيد التنظير والعمل العسكري.

اما على صعيد التاثير التنظيري لجامعة العراق , فقد عمل ابا مصعب الزرقاوي على الغاء الحدود الفاصلة بين قتال العدو القريب , وقتال العدو البعيد اذ تم المزج بين المفهومين وفقا للظروف العملياتيه, هذا التنظير كان من نتاج جامعة العراق والذي سرعان ما انتقل الى ساحات قتال تنظيم القاعدة في مناطق اخرى.

في الجانب العسكري , فقد تم توظيف خبرات جامعة العراق في أفغانستان عبر استقدام مقاتلين خبراء واستخدام تعبئة " عبوات الطريق الناسفة و العبوات اللاصقة والعبوات المزدوجة " حيث تم استخدامها بنطاق واسع في افغانستان.

لقد حقق ابا مصعب الزرقاوي احد اهم أهدافه والتي عمل عليها طويلا عندما اسس" جماعة التوحيد والجهاد" في افغانستان وبالتحديد في منطقة هيرات, عندما أسس "جماعة جهادية خاصة ببلاد الشام " لقد كان دائم التركيز على استقدام مقاتلين من منطقة بلاد الشام, استفاد الزرقاوي وتنظيم القاعدة بشكل عام من الاحتلال الاميركي للعراق وكانها نعمة نزلت عليهم من السماء في خلق ساحة " جهادية" جديدة اجتمعت بها عوامل ذاتية وموضعية لتطوير عملهم وصولا الى قيام دولة العراق الاسلامية والتي امتدت الى سوريا وسوف تبايع فصائل "السلفية الجهادية" في لبنان دولة الاسلامية في العراق والشام مع تزايد امكانية حدوث صراع طائفي , سيتم افتتاح فرع للجامعة في لبنان, وسيعمل تنظيم القاعدة المتمثل بدولة العراق والشام الاسلامية على تامين تواصل عملياتي مع الجماعات "السلفية الجهادية " في فلسطين عبر الاردن , لكي يتحقق حلم ابا مصعب الزرقاوي في توحيد جماعات التوحيد والجهاد في عموم بلاد الشام .

الدكتور وليد الراوي

باحث في شؤون تنظيم القاعدة

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1132 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع