يوسف علي خان
لقد تطرق البعض الى هذه المواضيع واشار اليها ولكن مرور الكرام ولم يذكر تفاصيلها او يعطيها الاهمية المطلوبة مع انها من اهم مرتكزات الانظمة الاستبدادية في الدول المتخلفة أو الاصح الدول الفاشلة التي فقد ت مكانتها الدولية بحسب التعاريف الحديثة لمكونات الدول ..
ففي جميع الدول الرصينة المحترمة هناك جيوش نظامية لها قياداتها الخاصة ومجالس دفاعها أو ما يطلق عليها في بعض الدول بالمجالس العسكرية التي تتكون من مجاميع قادة الصنوف العسكرية المتواجدة في تلك الدولة ... كصنف الدروع والدفاع الجوي والمدفعية وقيادة الصواريخ وقسم التصنيع العسكري وصنف المشاة اضافة الى استخبارات الجيش وهو جهاز مهم في الجيوش النظامية ولجميع هذه الصنوف قائد عام تأتمر كل قطعات الجيش في كل انحاء البلاد بِأِمرته ويطيعون اوامره وينفذونها بموجب الضبط العسكري .. وهو ما يتواجد في معظم الدول الكبرى كانكلترا وامريكا وروسيا والصين وغيرها من الدول العديدة التي تمتلك جيوشا نظامية تعتمدعليها في الدفاع عن سيادتها وحماية حدودها الخارجية .. اما في الدول الاستبدادية التي يقفز على حكمها مجاميع مسلحة او شخصيات مغامرة تستولي على السلطة دون وجه حق وفي غياب ارادة شعوبها كما حدث في العراق خلال حكم صدام .. حيث بدا بتغير او ضاع الجيش العراقي الذي تاسس بعد الاستقلال سنة 1921 واستمربعد كل تلك السنين التي واكبت العهد الملكي وما اعقبه من حقب في العصر الجمهوري حيث بقي الجيش العراقي قوة شامخة تفاخر به الشعب العراقي واستطاع ان يحمي حدوده الخارجية ويقضي على جميع التمردات التي حدثت او كانت تحدث بين الحين والحين كما غدى في عهد الثورة احد اكبر الجيوش في المنطقة.. حتى استولى صدام على الحكم.. فبدا يتبع اسلوبا اخر ويغير من اوضاع هذا الجيش الكبير بمحاولة اضعافه وإذلاله وإقحام من يثق بهم من جماعته واعوانه واقربائه أو افراد حزبه وكتلته ثم اخذ بتهميشه ولربما لما شاهد من تعدد الانقلابات التي وقعت في العديد من البلدان من قبل جيوشها وسيطرة مجموعة من الضباط أو من قادته على الحكم وازاحوا الرءساءالسابقين أي كانت الطريقة التي تولوا بها الحكم ديمقراطيا عن طريق الانتخاب او عنفيا عن طريق الانقلابات.... وقد خشي صدام مما قد يحدث معه كما فعلها هو نفسه وحزبه عندما انقلب على عبد الكريم او ما حدث قبل ذلك في 14 تموز عندما تحرك عبد الكريم وصحبه وقضوا على الحكم الملكي فيه وقتلوا حاكمه الفعلي انذاك نوري السعيد الذي قال قبل فترة قصيرة من الانقلاب او الثورة (( دار السيد مأمونة )) غير انه اتضح لم تكن كذلك وخاب ظنه وقضي عليه... كما سبق انقلاب عبد الكريم انقلاب بكر صدقي ثم حركة مايس سنة 1941 فقد شعرصدام بانه لابد وان يحتاط لكل ذلك ويحصن نفسه ولم يجد طريقة مثلى سوى تفتيت الجيش وتجزأته ومن ثم تأسيس قوات خاصة مواليه له من اعوانه المفربين أو من اعضاء حزب البعث الموالين وبنفس الوقت يقسم هذه القوات الخاصة الى عدة مجاميع كي لا يكون هناك مركز قوة وحيد قد تكون خطرمحتمل عليه .. فانشأ عدة فصائل زودها باسلحة قوية حديثة ومتطورة على عكس لم يبقي لدى الجيش النظامي سوى اسلحة تقليدية خفيفة ... بينما جعل تلك الفصائل المتعددة بمنتهى القوة جاهزة للدفاع عنه ضد اية محاولة انقلابية قد تبدو من احد الفصائل العسكرية الاخرى وبذلك فقد انهى مفهوم الجيش الحرفي بل جعله جيش عقائدي مرتبط تنظيميا بقيادات حزب البعث وعن طريق تسلسل هرمي محكم... فخلق صراعا داخلي في وحدات ذلك الجيش بين القيادات العسكرية التي يلتزم بها عادة منتسبي الجيوش وبين القيادات الحزبية التي طالبهم بالامتثال لها فاحدث خللا كبيرا وجعله جيشا لا فاعلية له بل مجرد هيكل وواجهة امام الراي العالمي فقط... لايمتلك سوى اسلحة بسيطة يمكن التصدي له عند اية محاولة يفكر بالانتفاظ على صدام فيها ... وقد سُرَّ على صالح الرئيس اليمني بهذا الاسلوب المُتّبع بالعراق ووجده اسلوبا ناجحا في حماية نظامه فطلب من صدام ان يرسل له من يستطيع ان ينظم جيشه على نفس النمط.... وقد تحقق له ذلك كما تبعه القذافي في هذا التشكيل العراقي بل وحل الجيش الليبي وحوله الى مليشيات مسلحة تأتمر بامره كل على حدى فلم يبقي حتى جيشا صوريا كما فعل صدام ...فمنذ السنوات الاولى لحكمه الغى الجيش النظامي واعتمد على هذه المليشيات في حمايته وسلَّحها باحدث الاسلحة مستفيدا من النمط العراقي الذي اتبعه صدام وبذلك فقد حافظ على حكمه الديكتاتوري طيلة اكثر من اربعين سنة لم يتعرض خلالها لاي محاولة انقلابية مؤثرة فقد باءت جميع المحاولات البائسة التي حاولتها فصائل المعارضة المدنية بالفشل مع ما اثارته من بعض القلاقل في بعض الاحيان التي كان يخمدها بكل سهولة ويقضى على القائمين بها عن طريق اولاده الذين سلمهم قيادة تلك الفصائل واستطاعوا السيطرة الشاملة على البلاد... مما اضطرت قوات الحلف الاطلسي التدخل المباشر للقضاء عليه عندما ارادت تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير عن طريق خطة ثورات الربيع العربي فاستطاعت هذه القوات من السيطرة على ليبيا وتهشيمها بالشكل الذي نشاهده اليوم فيها .... كما أن الامر لم يقتصر على رؤساء الدول باستغلال المليشيات المسلحة... بل قد تتكون داخل كل بلد قيادات محلية يتزعمها قائد او زعيم محلي ..فقد يكون مفهوما ومقبولا ما يتخذه القادة والزعماء من رؤساء الدول بالاستعاضة عن الجيوش النظامية بالمليشيات.... فقد يكون هذا الوضع اكثر امانا بالنسبة لهم... ولكن مع انشاء هذه المليشيات يبقى مفهوم الدولة قائما فكل هذه المليشيات تخضع لقيادة واحدة هي قيادة الرئيس..... لكن ما يتخوف منه ويقلق ان تتشكل مليشيات ذات ولاءات متعددة تتبع كل مليشية زعيم محلي على اساس طائقي او عرقي فهنا مكمن الخطر فسوف تتحول الدولة الى كانتونات او مناطق سيطرة متعددة الجوانب فقد يقود كل زعيم طائفه مليشية خاصة به فتتحول الدولة الى مناطق نفوذ متعددة كما هو حاصل اليوم في ليبيا فقد حُلَّت الدولة واضحت ليبيا مجرد مناطق نفوذ كل منطقة تسيطر عليها مليشية معينة فتفتت الدولة وهو ما يعزم على تنفيذه الامريكان في كل الدول العربية فيفتتوا الدولة الى عدة ولايات صغيرة يعادي بعضها البعض الاخرفيغتال ويخرب وكما هو الوضع في سوريا ولبنان .... فقد نجحوا نجاحا باهرا في ليبيا ونجحوا في بعض الدول الاخرى بنسب جيدة ايضا... هذا اضافة الى مليشيا المرتزقة الاجنبية كفرق الحماية التابعة لدولة فرسان مالطة والمنتشرة في كل انحاء البلدان العربية والتي لا زال الشعب العربي لا يستوعب كنهها ويعتبر الحديث عنها مجرد وهم وخيال .... ولكن ظهرت لهم مصر بنظامها الجديد فكانت الشوكة التي وقفت في بلعومهم واربكت خططهم.... وهي لازالت تقاوم والامريكان مستمرون بمحاولاتهم لزعزعة هذا النظام وعلى رأسه الجيش المصري الذي ظل متماسكا حتى الان .. فالدول التي ليس لها جيش نظامي لا تستطيع البقاء والاستمرار فسوف تنهار لا محال وتعيث فيها المليشيات المتنوعة وهوما يترائى بالافق في كل مكان والخطر لازال قائم يهدد بالدمار ....!!!!
812 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع