كرامة....

                                            

              د.سهام علي السرور، الأردن حيث القلب

أي كرامة هذه التي يطالبوني بالاتصاف بها! مدير السجن، والحرّاس، بل حتى ضابط الارتباط بين زنزانتي وزنزانة أقصد وغرفة مدير السجن، وهل في مدينتكم مواطن يمتلك كرامة؟، وهل قائد كتيبتكم الدكتاتوري يعرف الكرامة؟، كلهم ليس لديهم أدنى ذرة من كرامة، ولابد من أن أقدّم لهم محاضرات مطوّلة عن الكرامة.

هناك من يقترب من زنزانتي، لابد أن أتهيأ وارتدي جاكيتي الأسود، فلا أقبل أن يراني الآخرون بفوضويتي فلابد من الاحتفاظ بالفوضوية في داخلي ... هناك بعيدًا عن أعين البشر، فأنا مواطن كريم، أود لو أقهقه بأعلى صوتي لولا خشيتي أن يتم نقلي إلى مستشفى الأمراض النفسية.
- نعم لقد حفظت الدرس مدير السجن يريدني، كما ترى لقد جهّزت نفسي، ولكن ماذا يريد سيدكم مني؟ ، لماذا أنت صامت لا تجيب؟ أكل هذا خوف من سيدكم؟ أكل هذا لتنفيذ أوامر بشرية أكل عليها الدهر وشرب؟ أكل هذا خوف من شبهة الحديث مع سجين كريم، لماذا تنظر إلي هكذا؟ نعم أنا لدي كرامة تفوق ما أنتم به، وبلادكم لن أشارك في حروب دفاعًا عنها.
- مرحبًا أبو معارض.
- اخرس، متى ستتأدب أنا الرقيب أبو معارض.
- وماذا تختلف هذه عن تلك؟
- لا أريد أن أدخل في حوار من هذا النوع معك، لندخل إلى الموضوع الرئيس، لماذا أنت مواطن بلا كرامة؟
- عن أي كرامة تتحدث؟
- كرامتك يا أبو مؤيد.
- يا حضرة الرقيب، لقد كذبوا عليك فأنت من يعيش بلا كرامة.
- كيف ذلك يا مجنون؟ في الابتدائية كذبوا عليك وبخدعة الذهاب إلى الدكان تم اقتيادك إلى مستشفى المدينة ليتم تطعيمك في أعلى ساقك، حيث اجتمع عدد من رجال المدينة والكل منهم أنزل سروالك من جهة ثم غرس الطبيب إبرة مطعوم الخيانة في مكانها المناسب، لا أمام  زملائك فحسب، بل أمام حشد من رجال المدينة، وتابعوا تعابير وجهك بقهقهة وضحك، وبعضهم بقي لسنوات يسألك كلما رآك بسخرية (كيف مكان الإبرة يا ولد؟)، وقتها تم إهدار شيء من كرامتك يوم تم تقليدك شهادة الخلو من الأمراض الوطنية، وتم تسمينك على طريقة الدول الغربية، وقبل ذلك حين أنجبتك أمك في المستشفى الحكومي، كان هناك خمس نساء ينجبن والدتك ويتصايحن في ذات الغرفة في المستشفى الذي تم فيه استئصال ضميرك، فظهرت للحياة عاريًا بين حشد من النسوة كانت صدمة الطفولة طفل بلا كرامة، ثم رجل بلا ضمير.
أبعد سلسلة من سحق الكرامة العالمية تود مني أن أدافع عن بلادكم ضمن جيشكم المُعد، أمام إهدار فائض القمح في مكب ضمائركم، لا.... لا يا أبو معارض لن أعمل سوى البحث عن بلادي ففيها يحترم الكبير الصغير، أتسمع قد بدأ القتال في الخارج فلتخرج كعادتك وتقاتل لا دفاعًا عن بلادك وإنما عن أطماعك، فلن أكون في قصر جواسيسكم وإنما سأخرج لأرتشف فنجان كرامة بين مشردي بلادي على رصيف وطني.

د.سهام علي السرور، الأردن حيث القلب.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

513 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع