يوسف علي خان
تعددت الاراء في الدوافع التي ادت الى ما يحدث الان في سوريا... فاعتبرها البعض نتيجة دوافع وطنية واعتبرها البعض بسبب الاضطهاد الذي مارسه النظام ضد الشعب السوري واعتبره الاخرون كون النظام قد رسخ المذهب الشيعي وقرب العلويين وابعد التيا رات السنية خاصة السلفية منها وعزاها اخرون الى الاجتثاث العرقي الذي مارسه ضد القوميات المنتشرة في سوريا خاصة مع القومية الكردية ..
فالاسباب اذا استنادا لما اوردناه تنحصر كما اشار لها المحللون بثلاث عوامل .... الدوافع الدينية اوالعرقية القومية او الطائفية أو حتى الايديولوجية كما ذهب لذلك البعض ..وكل هذه التحليلات قد تكون حقيقية وصحيحة في ظاهرها على الاقل .. فهناك شرائح سورية تختلف ايديولوجيا عن الحكم القائم في سورية وهي تطمح الى تقويضه وازاحته كي تحل محله في حكم البلاد لتطبيق افكارها وايديولوجيتها ومنها الاحزاب الاشتراكية الاممية والشيوعية الراسخة في سوريا والتي لا تتفق والتوجهات البعثية التي كان يشاع بكونها نتاج غربي في بداياتها ثم تحولت الى نظام فردي استبدادي وهي تعتمد على الراسمالية العالمية وسيطرة السوق الحرة الوطنية المتمثلة بالشركات الكبيرة المتواجدة في سوريا والمسيطرة على الانتاج و التجارة الخارجية اضافة لا استغلالها للجماهير العمالية التي تمثل غالبية الشعب السوري من الشريحة الصناعية اوالشريحة الزراعية على السواء... وهي السياسة المتبعة الان في سوريا والتي تعتمد في نفس الوقت على استمرارية حكم الفرد وسيطرة الحزب الواحد وعدم القبول بالتداول السلمي للسلطة التي تقرها الانظمة الديمقراطية ... مع جميع التظاهرات الشكلية التي كان يقوم بها الحكم... كاجراء الانتخابات البرلمانية... غير انها وكما يعلم الجميع كانت تزور لصالح السلطة طيلة حكم الاسد الاب و منذ استيلاءه على السلطة وعزل امين الحافظ في الستينات من القرن الماضي... مما اشعر الكثيرون بانه ان الاوان لتغير النظام الذي رفض تطبيق الديمقراطية الصحيحة بالتغيير السلمي وقمع جميع القوى الوطنية والمعارضة لحكمه بالقوة المفرطة وهو ما فعله الاسد الاب منذ عدة عقود وقد كان نصيب الاكراد من القمع لا يقل عما اصاب بقية شرائح الشعب السوري ...مما الَّب الجميع ضد هذا الحكم واتفقوا على وجوب تغييره مستغلين الوقت المناسب الذي وجدوه في مشروع الشرق الاوسط الجديد وما سمي بالربيع العربي الاسود الذي تبنته الادارة الامريكية بمساعدة الامبريالية العالمية وعموم دول الغرب... فكان المحرك الاول لهذه الانتفاضة هي التيارات الدينية الاسلامية المتنوعة المكونة من الاخوان المسلمين ومن التيارات السلفية اضافة الى بقية الشرائح اللبرالية التي ساهمت ومنذ اللحظة الاولى بهذه الانتفاضة املة ان تتخلص من حكم الاسد المستبد.... فقد وقفت الفصائل الكردية التي ساندت الاسد الاب في بداية عهده في الهيمنة على الحكم متأملة مساعدتها بنيل حقوقها غير انه خذلها بعد توليه الحكم وقمعها قمعا شديدا وحرمها حتى من ممارسة شعائرها والتحدث بلغتها او اعطائها ولو جزء يسير من حقوقها فاصبحت من اقوى الخصوم له.... وكانت طيلة تلك الفترة متحدة مع الحزب الشيوعي الذي كان يتزعمه خالد بكداش واصبح هو الممثل لها والناطق الرسمي باسمها وظل يناضل معها ضد حكم الاسد طيلة اربعة عقود من الزمن واضحىت القوى اللبرالية مع الفصائل الكردية من جهة والقوى الاسلامية من جهة ثانية هما الندّان الكبيران المعارضان لحكم الاسد ... وقد كان الغرب على معرفة كاملة بما يحدث في سوريا فقد وجد في اجواءه الارض الخصبة لاشعال نار الفتنة فيها واستطاع ان يؤلب جميع الفصائل المعارضة ويجمعهم تحت جبهة وطنية واحدة معارضة دفعت الجماهير الى الشوارع متظاهرة ومطالبة باجراء الاصلاحات التي كانوا يخفون وراءها بالطبع اهدافهم الخفية باسقاط النظام .. ثم تطورت الامور شيئا فشيئا وتوسعت الى الصدام المسلح غير ان حكم الاسد واجهها بقوة وحزم ولم يخضع لها او يتنازل كما كان متوقع أوكما حدث في تونس ومصر.... فقد صمد بشار الاسد واستمر يقاوم... غير ان الانتفاضة اخذت تكتسب نجاحات في كل الميادين وتستولي على اجزاء كبيرة من سوريا وبعد ان اعتقدت قيادات المعارضة بانها قد تفوقت على الاسد ووجدت في دعم الغرب لها عزما مضافا كما كان للدور التركي الفعال في دعم الانتفاضة الحافز الكبير في الاستمرار بها مما جعلها متيقنة من النجاح الحاسم وصعدت من مطالبها .. ولكن وبعد مرور عدة اشهرمن اعتقاد المعارضة بجميع فصائلها بانها قد انتصرت وهي قاب قوسين من القضاء على الاسد حتى بانت النوايا الخفية والاهداف الدفينة فقد وجد الاكراد بانه ان الاوان لكي يطا لبوا بحقهم في الحكم الذاتي ولو بفدرالية موقته كما حدث في العراق ولا قوا دعما كبيرا من القيادات الكردية في كل مكان تواجدت فيه... فاعلنوا عن موقفهم بمطالبة المعارضة بالاعتراف بفدراليتهم بشمال شرق سوريا... مما اثارحفيضة بقية الفصائل الدينية والفصائل اللبرالية وبدأ الخلاف... فانفصل الاكراد عن الجبهة الوطنية منعزلين في مناطقهم فضربوا الحركة في الصميم ثم راحت الفصائل الاسلامية المتشددة تفرض ارادتها على عموم الحركة وتطالب بقيادتها لها وهنا دب الشقاق بين اللبرالين والاسلامين ايضا فتعثرت الانتفاضه واخذت تتراجع وبدأت على العكس كفة الاسد تتفوق على كفة المعارضة واتضح جليا بان الثورة على بشار الاسد لم تكن ثورة وطنية كما دعي لها وانما كانت حركات سياسية ذات دوافع ثلاثة متعارضة ومتناقضة تناقضا شديدا إئتلفت في بداية الامر لعدم قدرة كل منها التصدي للاسد لوحدها فلما اعتقدت خطأ بان كل منها قد اصبح مؤهلا لتطبيق اهدافه الخفية تفرقوا فضعفوا من جديد امام قوة عسكرية كبرى دعمتها دولتان كبيرتان هي روسيا وايران فلم يكن بالامكان زحزحة هذه القوة المنظمة والراسخة في كيان شرعي ثابت الاركان... وباءت محاولة الادارة الامريكية استغلال الموقف للاطاحة بالاسد وتمزيق شمله بعد ان اصبح مركزقلق لها .....فعملت على رص صفوف الاطراف غير انهم لم يصمدوا حتى نهاية الشوط او لربما هذا ما ارادته الادارة الامريكية منذ البداية من استغلال هذه التفرقة وتجسيدها من اجل خلق الصراع وادامة النزاع وكما فعلته في العراق فحولت قضية سوريا في الوقت الحاضر الى قضية دولية ونقلتها الى مؤتمر جنيف لكي تستطيع ان تغير في شكل الاوضاع فيها بالطريقة المرسومة لخريطة الشرق الاوسط الجديد والايام القادمة كفيلة باظهار الحقائق وكشف المستور عما يجري من اتفاقات دولية يكون هدفها اولا واخيرا منفعة الاغيار في فتح الاسواق الغربية وازاحة شبح الركود الاقتصادي الماثل اليوم بتدمير البلدان العربية الغنية بالموارد واعادة بناءها بعد تدميرها بما تصنعه الدول الغربية ذاتها من منتوجات مدنية وعسكرية وبهذا تنعش اقتصادها المتدهور وتكون بنفس الوقت قد جزأت هذه البلدان الى كانتونات صغيرة متماثلة مع اسرائيل بما يتناسب وحجمها الجغرافي كمرحلة اولى .... فتكون قد نفذت كامل خططها في مشروعها الشرق اوسطي في المنطقة في الوقت الحاضر ...!!!
904 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع