المقدم نجم الدين الصميدعي
إن من أهم مرتكزات الاحتلال هو هدم الكيان العسكري في البلدان المحتلة خشية من التثأر والانقضاض على المحتل ومخططاته ولهذا السبب جاء قرار الحاكم المدني الأمريكي في العراق (بول بريمر) بحل الاجهزه الامنيه العراقية المتمثلة( بالجيش الشرطة المخابرات والأمن العام)..
ولعل القارئ العزيز يدرك جيدا طموح المحتل وغاياته ومخاوفه من بقاء قوات عسكريه عراقيه مبنية على أساس وطني وله جذور عميقة تمتد زهاء القرن تقريبا حيث شكل أول نواة له في عام1921 ورغم الانتكاسات والمؤامرات وحصول انقلابات عسكريه بين فتره وأخرى إلا إن ولاء القوات الامنيه كانت وطنيه لن تتغير بتغيير الحاكم .كون أساس بنائه كانت رصيناً ووطنياً .بعيداً كل البعد على ماهو عليه ألآن والتاريخ شاهد على ذلك .بعد أن سيطر المحتل على البلد بشكل تام أخذ على عاتقه مهمة تشكيل قوات أمنيه جديدة على أساس طائفي معتمدا على النصح من الشخصيات والكيانات السياسية ممن لهم الولاء المطلق لنفوذ المحتل وساهم على احتلال البلاد.ونتيجة للضربات الموجعة التي تسدى إلى القوات المحتلة من العراقيين الشجعان ممن كانوا مجاهدين حقا لم ينجرفوا في بودقة الطائفية والعنصرية المقيتة. بل كان ولائهم للعراق فقط لايروق لهم أن يروابابت وآليات الاحتلال تجوب في شوارع ومدن العراق. هؤلاء المجاهدين لم يكونوا من طائفة معينه ولا من قوميه بل كانوا عراقيون وينادون بأسم العراق رافضين وجود العدو على أرضه .وتكبدها خسائر فادحه بالأرواح والمعدات. أسرع بتشكيل قطعات عسكريه اسماها بقوات الحرس الوطني وزج فيها الآلاف الجنود من الطائفة الشيعية فقط وتغلغل فيها عناصر أخرى من جنسيات أجنبية لزرع الفتنه في نفوس العراقيين حيث قام المحتل باستخدام الورقة الطائفية لأنها أسهل وسيله لتفكك التلاحم الوطني العراقي.
وفي ذات الوقت تحرك المحتل على الطائفة السنية واخبرها بأن الحكومة طائفيه لاترضى بمشاركة السنة في تشكيلات القوات الامنيه. وأسند لنفسه دور الوسيط والمعتدل بين الطائفتين وكما يقول المثل الشعبــي (يتعلموا الحجامة بروس اليتامه) أظهر للسنة بأنه يرفض هكذا تشكيل للقطعات وطالب برفد الوحدات والقوات الامنيه بعناصر من الطائفة ألسنيه. ولهذا السبب مما أثاروا الضغينة والغيض في نفوس الطائفة السنية على القوات الامنيه العراقية الجديدة.وفعلا حصلت مصادمات بين مجاميع مسلحه وبين القوات الامنيه العراقية مما قام الجيش والاجهزه الامنيه الأخرى بأعمال غيرانونيه ولا أخلاقيه ضد الطائفة السنية من أعمال القتل والخطف على الهوية حتى تفاقم الوضع تدريجيا واشتعل(الأخضر واليابس )وبقاء المحتل متفرجا على ما يجري. ومن المفارقات الجديرة بالذكر إن المحتل قام بدعم مجاميع مسلحه وتحرضها ضد القوات الامنيه مما حدا بالعناصر الارهابيه عدم استهداف المحتل وباتت تستهدف قوات العراقية.وتأكيدًا على ماتم ذكره قام المحتل بالاتفاق مع المجاميع الارهابيه من الذين كانوا يمارسون العنف والاعتداء على المواطنين ويمارسون الخطف والقتل والنهب والسلب بزجهم في قوات رديفه للقوات الامنيه سميت (بكتائب ثورة العشرين وكتائب صلاح الدين وجيش المجاهدين وجيش المرابطين) حيث قام المحتل بدعم هذه المجاميع وصرف الرواتب لهم لفترة معينه . مما (زاد الطين بله ) كانت هذه المجاميع تهاجم وتعتقل وتخطف بغطاء المحتل ،وبعد تمكين المحتل من شق صفوف المجاميع المسلحة وتصنيفهم على أساس المثل الدارج(هذا من صديقي وهذا من عدوى) تم تصفية قادة المجاميع المسلحة جسديا بطرق متعددة وبالنتيجة لم يبقى أحد يقاوم المحتل.وتمكن المحتل من تغيير إستراتيجيته وتحويل القتال إلى الضد النوعي(شيعي ضد شيعي)و(سني ضد سني) إضافة إلى العداء الرئيسي ( شيعي ضد سني) وعلى هذا الأساس بدأت الأمور تشتد تارة وتهدأ تارة أخرى ولم نجد من العراقيين وللأسف من يجمع الشمل وينهي هذه المشكلة المستعصية. التي أفرزها المحتل بل وأكثر من ذلك هناك دور فعال لجهات خارجية تدعم هذه الظاهرة لبقاء البلد تحت التأثير الطائفي.ومن خلال عملي في القوات الامنيه لامست هذه الحقائق بنفسي ولا تزال قائمه دون التمكن من إصلاح المسيرة السياسية .والاعتراف بالشراكة الوطنية ورفد القوات الامنيه بكفاأت مهنيه وليس بكفاأت سياسيه أو طائفيه . لتلاقي هذه القوات احترام الشعب غريزيا كما كان في أيام النظام السابق .وكنا نلاحظ عند صعود جندي إلى حافلة نقل الركاب ولم يجد مكاناً للجلوس يبادر الكثيرين من المواطنين بالوقوف وإعطاء مقعداً إلى الجندي إجلالا واحتراما له وليس كما هو الآن لايستطيع أي عسكري من ارتداء الملابس العسكرية والركوب في الحافلات أو العجلات المدنية خشية من خطه أو قتله لان القوات الامنيه لاتحى با حترام الشارع العراقي للأسباب التي ذكرناها آنفا.
715 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع