ثامر مراد
أحياناً يكون الحلم واقعاً والواقع حلماً والزمن يرسم تاريخاً محملاً بألأفراح وألأتراح وعجلة ألأيام تدور بلا توقف لاتنتظر أحداً كي يحقق هدفه.
كيف وصلنا – هو وأنا – الى هنا ؟ شيء ٌ أغربُ من الخيال. على حينِ غرّه وجدتُ نفسي قبل سنوات طويلة في مكانٍ تفوح منه رائحة الخوف في كل ركن من أركانِ البنايةِ المدفونة بين ثلوج ألاسكا. نفوسٌ بشرية من بين كل بلدان العالم حطت هنا كلٌ حسب جريمته – البسيطة جدا- في موازنات القدر المحتوم. تكومتُ في ركنٍ منعزل من أركان القاعةِ الطويلة في يومٍ ثلجي ينفذُ الى العظام. لاأعرف هل أبكي أم أمثلُ صلابةِ الرجال وأنا الفتى القادم من أقصى بقعة في ألأرض ليكون هذا المكان مسكناً لي فترة زمنية لاأعرف مداها. توالت ألأيام على وتيرةٍ واحده والكل يخاف من الموت رمياً بالرصاص – فيما إذا فكر بالهروب – أو موتاً من البرد. كل فردٍ يحاول أن يتصرف بأقصى درجات ألأدب والمثالية وحسن السلوك كي يخرج الى الفضاء الخارجي بأسرع وقت ممكن . اللغات هنا متعدده وكل فردٍ يحاول أن يجد له أليفاً بشرياً يواصل معه رحلة العذاب بعيدا عن أهله وأحلامه التي ودعها خلف حدودٍ تقدر بملايين ألأميال. وجاء القدر ليقذف في طريقي شخصاً وجدتُ فيه نفسي ووحد بي روحه المعلقه بأفكارٍ وأحلام تفوق جميع جبالِ وثلوج ألاسكا. ذابت روحي في روحهِ وأصبحتُ بالنسبةِ له ملاذاً يلتجأُ اليَّ كلما شعر باليأس وألأحباط. نختلفُ أحياناً بالطموح وألأفكار ولكننا في النهاية نتفق على أشياءٍ كثيرة تجعل من تالفنا ملاذاً لبعضنا البعض.عرف عني كل شيء وعرفت عنه أدق تفاصيل حياته الشخصيه. على الرغم من حداثةِ سنه كان يتميز بمعرفة أشياء تجعلني وتجعل كل من يجالسه فاغر الفاه تعجباً لتلك المعلومات التي حفظها عن ظهر قلب.....يفهم في السيارات وجميع العلوم ألأخرى ....يفهم في ألأدبِ والشعر وجميع العلوم ألأنسانية وألأخراج السينمائي....كيف حصل على هذه المعلومات لا أحد يعرف. حلمه أن يكون مخرجاً سينمائياً أو مالكاً لشركة من شركات السيارات العالمية الكبرى في دولةٍ متقدمة. وجب علينا أن نغير أسمائنا العربية وكل شخصٍ إختار له إسما كي يكون مفهوماً بالنسبة لسجانين سجون ألاسكا المدفونة في الثلوج. فكرتُ طويلا وإخترتُ إسم – رولاند- وهو إسم بطل رواية – عشاق فينيسيا- التي قرأتها وأنا في السادس ألأبتدائي وأختار هو أسماً لاأريد البوح به كي لاأكون السبب في إكتشاف شخصيته – إذا كان على قيد الحياة في هذه اللحظة – إحتراماً مني لخصوصياته بناءأً على الوعد الذي عاهدنا به بعضنا البعض ونحن نعاني ألألم والجوع هناك. كانت ألأيام هناك تسير ممله بطيئة كسلحفاةٍ توشك على وضع بيوضها عند الشاطي في يومٍ عاصف. بدأت رحلة جديدة في حياتنا هناك. كل شخص بحث لنفسه عن طريقةٍ للخلاص من طول الساعات الطويلة. كي أكون منصفاً تعلمتُ منه الشيء الكثير ولاأدري إن كان هو قد تعلم مني شيئاً. راح يدرس لوحدهِ ساعاتٍ طويلة لكتبٍ أحياناً يحبها وأحياناً يمقتها ولكنه أراد أن ينفذ الى عالمٍ آخر قد يكون له فائدة تختبيء في مكانٍ من ذاته حينما يخرج الى العالم الفسيح وكان محقاً في ذلك. كان له محبين وأعداء. له طريقه سحريه في الحديث عن أي موضوعٍ يريد الخوض فيه. وجاءت ساعة الفراق. هو إختار ركناً بعيداً من أركان هذا العالم وأخترت أنا ركناً آخر في الجهةِ ألأخرى من الكرةِ ألأرضية. لم نرَ بعضنا البعض منذ عشرات السنين ولكنه يسكن في قلبي مهما حاولتُ أن أطرد تلك الذكريات البعيدة التي كنا نتشارك فيها ليلا ونهار ولا أدري إن كان يتذكرني أو يزوره طيفي حينما يهجع الى النوم بعد ساعاتٍ طويلىة من عمل شاق – إن كان على قيد الحياة- .
الگاردينيا: أهلا بالأخ / ثامر مراد من بغداد..ننتظر جديدكم..
757 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع