نحن المحرومون من.. الأمل

                     

                               دلع المفتي
الأمل هو شعور عاطفي إيجابي، يدعو الإنسان إلى التفاؤل بأنه يستطيع الحصول على نتائج إيجابية في حياته على الأصعدة الشخصية والمجتمعية والعالمية، حتى وإن كانت تلك النتائج صعبة وأحياناً مستحيلة الحدوث.

ولأننا محكومون بالأمل كما يقول الراحل عبدالله ونوس، ولأنها سنة جديدة ومسيرة البحث عن أمل جديد بدأت للتو، وعلى اعتبار أني إنسانة متفائلة (خلقة ربي)، قررت أن أشعل شمعة لأعثر على ذلك «المدعو» أمل في عامي الجديد، ليبعث فيني التفاؤل، فأنقله إليكم لتصابوا بما أصابني.
توكلت على الله، وفتحت الصحف اليومية. قلبت الصفحات العربية، وتجاوزت أخبار الربيع العربي الذي انقلب خريفاً (مع الاعتذار للخريف)، بعد أن فاق عدد ضحاياه ضحايا الدكتاتوريات العربية، وبعد أن حطم الجهل والطائفية والعنصرية آخر صرح من مبادئه. تغاضيت عن أخبار سوريا، مصر، تونس، ليبيا، البحرين، العراق، اليمن. من بقي من الدول العربية؟ تجاهلت أخبار المجازر والعنف والإرهاب والعمليات الانتحارية والبراميل المتفجرة، وتعاميت عن أخبار شلل الأطفال في سوريا وانتشار العدوى في دول الجوار. ولأني ما زلت أبحث عن الأمل أسقطت من حسابي أخبار النازحين واللاجئين والمتشردين والعالقين في أشباه أوطان، وعن المساعدات العالمية التي يبدو أنها ضلت طريقها للوصول إليهم. وخوفاً من فقدان الأمل بالأمل، «دعشت» نفسي ولم أقرأ أخبار داعش والغبرا.
ولأني ما زلت أبحث عن السيد أمل المفقود، انتقلت إلى الصفحات المحلية وأكملت رحلتي الشاقة، قلت لنفسي لن أنقل إليكم أخبار الفساد، والمحسوبية والواسطات، ولا أخبار مستشفى جابر، ومبنى مجلس الأمة الجديد، ولا أخبار الحصى المتطاير فوق رؤوس البشر بعد أن تفككت طرقنا السريعة في آخر فكاهة من فكاهات وزارة الأشغال. ولن أكتب لكم عن أعداد العمال الذين «ينفقون» في مجارينا الصحية دون أن نجد حلاً لهذه المآسي الإنسانية التي تحصل سنوياً دون حسيب ولا رقيب. ولا عن انتشار المخدّرات والحبوب المنشطة التي تباع وتشترى في مدارس أولادنا!
إذن لم يبق أمامي سوى الأخبار الثقافية. حاولت ألا أقرأ فعاليات مهرجان القرين المكررة بالوجوه والمواضيع نفسها، وتغاضيت عن كيفية جلوس الناس فوق بعضهم - بسبب ضيق المكان - في مسرح الدسمة من أجل حضور الفعاليات الفنية، وقررت أن أؤجل الحديث عن حفلات هلا فبراير القادمة، وقلت: «اتركيها لوقتها». منعت نفسي عن التساؤل: «كيف وبأي عذر تكون دولة مثل الكويت بلا صالة مسرح معتبرة، بل وبلا مجمع ثقافي متكامل؟». وضحكت حتى غشيت عندما قرأت عن محاولة تسويق الكويت سياحياً، ثم قهقهت حتى بكيت حين قرأت التعليقات حول منع ندوة جلال الدين الرومي.
طيب ما العمل؟ أين أجده ذاك المدعو أمل، وليس هناك أي إشارة تدل عليه؟
يبدو أننا على عكس ما قال ونوس: نحن محرومون من الأمل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

771 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع