د. عمر الكبيسي
أولاً : مشروع الصحوة ومشروع الإقليم :
كان بعض شيوخكم أول من روّج لمشروع الإقليم وبعضكم من وضع يده بيد المحتلين ليقاتل لقاء المال والسلاح بالنيابة عن المحتل متذرعا بحماية أهله في وقت كان أبطال المقاومة من ابناء المقاومة الشجعان يلاحقون قوات الغزاة ويلحقوا بهم أفدح الخسائر
ولولا صحوة أبو ريشة لكانوا قد رحلوا نهاية عام 2006 رحيل المنهزمين باعترافهم و وفق مجمل آراء المحللين العسكريين، فهل كانت معارك الصحوات حقا وحقيقة معركة تحرير؟ أم انها معركة نيابة؟ لقد كان المستفيد الأول منها اميركا والغزاة بعد ان وقعت في فخ الصمود والجهاد، اما حكومة الاحتلال وساسته على مختلف انتمائاتهم وكتلهم فقد كانوا بعد انتهاء مهمتكم التي كلفتم بها،اندادا لكم وأعداءً لأنكم قاسمتموهم الامتيازات والصلاحيات في جيشهم وميليشياتهم وانهالت سلطة المالكي وجيشه وميليشياته عليكم بملفات الملاحقة والعقاب كان آخرها ما سمعتم به اليوم من تنفيذ حكم الإعدام بقائد صحوة الفضل عادل المشهداني. وعندما انقلبتم الى مشروع سياسي سواء بخوض التنافس الانتخابي كوسيلة لنيل الامتيازات او تبني مشروع الاقليم كمنفذ لسطوتكم وتنصيبكم لم تنالوا رضى اهلكم وحاضنتكم واتضح ان حاضنتكم واجهتكم كما واجهت ساستها الفاسدين بالمقاطعة والاعراض.
ثانياً : الموقف من ساحات الاعتصام والقتال الجاري :
كانت وقفتكم مع شباب وجماهير الاعتصام رائعة، غسلت شوائب الماضي وأشعلت وميض النهضة والصمود وكان مزيج العمائم والعكل مزيج الحكمة والشجاعة الملتحفة بثقافة الرجولة والبطولة. ومع ذلك كانت الدسائس السياسية و عرابيها
عنصرا رئيسيا في دك إسفين اختلاف الاراء واللافتات في الساحات وكلفها الخلاص من هذه الخلافات وقتا طويلا قبل ان تتغربل وتتخلص من افكار مؤدلجة الى التمسك بمطالب شعبيه تحمل إطار رفع التهميش والإهمال والتمييز وفقدان التوازن بالتعامل مع جميع المحافظات المعتصمة والتي بالرغم من ادعاءات المالكي بالاستجابة للمطالب من خلال تصريحات عديدة ولجان خماسية وسباعية لم تنجز شيئا بالرغم من مرور ما يقارب سنة كان خلالها شيوخ العشائر والوجهاء وبضمنهم احمد ابو ريشه ورافع الفهداوي والشوكه وكرحوت واحمد العلواني واحمد الذيابي وعلي حاتم وغيرهم متواجدين في ساحة اعتصام الرمادي، متى بدأت قناعات بعضهم بضرورة فض الساحة الى ما بعد الانتخابات تتبلور ومتى صار شرط فض ساحة الاعتصام موضوع مزايدة لتنفيذ بعض مطالب المعتصمين ومن ثم متى أصبح خوض القتال مع داعش موضع تنفيذ لدى الصحوات الجديدة التي اعيدت زعامتها بين يوم وليلة ودفع له المال والسلاح بنفس اليوم ليصبح اهل الأنبار على نائب الانبار احمد العلواني مهان معتقل، وأخيه وحراسه مقتولون وساحة الاعتصام منتهكة وابو ريشه وصحوته تقاتل اربعين داعشيا حسب قول احمد الذيابي او 500 داعشيا بعدئذ حسب احصائية ابو ريشه دخلوا مدينة الرمادي بعد ساعات من محاصرة الانبار عسكريا ودخول سوات الاتحادية، وتمضي فترة اسبوعين والقتال لم ينته والعالم كله لم يشهد قتيلا واحدا او اسيرا واحدا عربيا أو أجنبيا في الساحة او في قبضة المقاتلين والقتال في المدينة مستمر؟، اصبحت بعدها كل بيوت وجوامع الرمادي والفلوجة مصادر إطلاق نار كما يصرحون ليهددهم بعدها المالكي ومن ثم ابن الرمادي سعدون الدليمي وزير دفاعه الموكل بقولهم سنقلعها من الأرض!. هل تقبل العشائر وشيوخها بذلك؟ ألا يحسب هذا الأمر عجيبا غريبا؟.
أذكر شيوخ ووجهاء القبائل والعشائر بما كتبت عن أبائهم ومن سبقهم من شيوخنا ووجهائنا الأولين ممن عاصرناهم وممن نقلت عنهم المآثر والمواقف والمراجل قبل أكثر من خمس سنوات :
"لقد عاصرنا وعرفنا ابائكم وأجدادكم من شيوخنا الأولين، كانت دواوينهم ومجالسهم دواوين كرم وحكمه وذوق، فيها تحل المشاكل والنزاعات ومنها توزع الإعانات والديات وتقام الفواتح والأفراح والدعوات، ولم نعرف عنهم يوماً أن امتدت اياديهم تطلب عوناً من أغنياءهم ومقتدريهم من منتسبي العشيرة ناهيك عن ممن هو خارجها، لا تعرف يسراهم ما تنفق او ما تستلم يمناهم وعاشوا وارتحلوا بعزة و ورفعة، فما الذي حدث في زمانكم الفاسد اليوم، يتقاسم فيه الأخوة منكم بين قوائم كتل سياسة متناحرة لا تعبر عن تطلع العشيرة بل من اجل اقتناص فرصة اكبر لتأمين مقعد يدر المال والمكسب، وتتبنون مشاريع سياسية من اجل الجاه وتشترون وتباعون بالمال حتى وإن اوقع ذلك بين عشائركم ومنتسبيكم الفتنة والقتال والدماء! ألم يحدث هذا يا بعض شيوخنا؟ الم تمتد بعض من ايادي شيوخنا ابناء الحسب والنسب لتصافح الغزاة والمحتلين عن قصد وتعمد او عن جهل وغفلة؟ أليس في هذا عار كبير وذل ليس بعده ذل؟ ".
أنا وغيري يا شيوخنا من أبناء عشائركم بدافع من حرص عليكم وعلى سمعة أجدادكم وآباكم وليس بدافع النقد او المنافسة او الحسد والله يعلم، نريد لكم سيرة حميدة وتاريخا مشرفا ومواقف عز وشرف تطرزون بها جباهنا وجباه اهلنا، سياراتكم الفخمة وقصوركم الشاهقة ودواوينكم الفارهة تزيد قيمتكم بأعيننا ولا تفرض احترامكم علينا،كنا بأبائكم وأجدادكم اكثر تعلقاً و وداً حينما كانوا على الفطرة والحكمة ببساطتهم المنشودة وابتساماتهم الودية بلا قصور او سيارات حديثة ومحصنة
لا يشرفكم ان تكونوا ساسة بلا حكمة او مقاولين ما اجل الثراء أو أبهات بالملبس والمأكل من أجل الفخفخة والإطراء وأهلكم جائعون ومهجرون ومشردون يتنازعون يقتل بعضهم البعض.
نعرف من بين شيوخنا شيوخ قمة وعزة ورفعة ما كانوا يملكون ما تملكونه اليوم وما تحضون الآن، لكنهم ملكوا العشيرة والأهل والاحترام وانحازوا لوطنهم وتربتهم وشرفهم نعدهم ابائنا وقدوتنا سيذكرهم التاريخ بأرفع النعوت والشيم اما انتم عندما تستعينون بهذا العميل او المرتزق او بذاك اللعوب المنافق او بهذا الزعيم المتمشدق من اجل منصب او جاه او مال، فإن التاريخ لن يرحمكم وعشائركم لن تحترمكم وتسيئون بهذا الفعل او ذاك لصميم نسبكم وأصولكم وحينها لن ينفع الندم يا شيوخ الاقاليم والدولار والأوسمة والصحوات والمقاولات والفتن ما لم تكن لكم وقفة تصحيح وعودة الى الثوابت وتطهير من مستجدات الدمن ونكبات المحن.
يا شيوخ الأنبار، داعش إكذوبة، والله والله لا داعش في الأنبار و والله والله الانباريون ليسوا تكفيرين أو إرهابيين وكأني بساحات اعتصامهم ساحات ذكر وابتهال واستغاثة بالله كما يستغيث المتصوفة، كل الثائرين والمقاتلين عراقيون، مختصر فكرهم انهم : بعد اعتصامات السنة الكاملة وبعد كل الهوان والتهجير والاعتقالات والتهميش الذي تعرضوا له قبل وبعد الاعتصامات بلا مستجيب، سيقاتلون ولأنهم لا يملكون ما سيخسروه فإن معركتهم معركة وجود او فناء في العراق الواحد.
653 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع