الموقف الامريكي كيف يبدو من عراق اليوم

                                          

                           

لقد راهن الامريكان قبل الاحتلال وبعده على الشيعه وانهم قادرون على ادارة البلد وفي لقاء لاحد الاصدقاء من مجموعة اياد علاوي مع مساعد الحاكم المدني بول بريمر في القصر الجمهوري وهو اللواء فارويل ضابط متقاعد ( هذا ماذكره  بصدد اسمه ) حول الوضع الذي بدأ يتأزم في بغداد والانبار والموصل..

وهذا اللقاء في نهاية حزيران 2003 وكان بناءا على حجة عدم وجود طرف يصدق الامريكان القول حول ما يجري وخاصة ان الوضع كان كارثيا واستغرقت الجلسه اكثر من خمسة ساعات تم التحدث خلالها عن الاوضاع عامه وقرارات بريمر خاصه  ويقول هذا الرجل ( وقلت لهم بصريح العباره انتم مخطئون اذا كنتم تراهنون على الشيعه في حكم العراق فانهم ليسوا اهل سلطه بل هم اصحاب تجاره ومال وهذه حقيقه ارجو ان لايزعل منها الشيعه وانكم تراهنون على خراب البلد وان كنتم تعتقدون ان العراق يدار من قبل حزب او جماعه دينيه فانتم ايضا مخطئون في اشاره الى الاحزاب الشيعيه و الحزب الاسلامي العميل ولكن ابحثوا عن رجال مهنيين يهمهم الوطن ولهم خبره في ادارة الدوله واعادة بناء المؤسسات بغض النظر عن من يكونوا هؤلاء وان مجلس الحكم خطأ اخر ترتكبوه وبهذه الحاله فأن العراق سينهار تماما ويتشرذم ويتشظى الا اذا كنتم انتم راغبون في ذلك )... وقد تم تمهيد ذلك بحكومة اياد علاوي ثم بحكومة الجعفري ولكنها لم تأخذ المدى الكافي وكانت اشبه بذر الرماد في العيون على اساس ان العراق بدأ يحكم نفسه دون تدخل الاحتلال وبعد ذلك اتجهوا في نهاية البحث الى نوري المالكي الذي مهدوا له الطريق بازاحة ابراهيم الاشيقر الباكستاني الجنسيه وتزعم نوري للامانه العامه لحزب الدعوه كتأهيل لاستلام الوزاره
ولكنهم ذهبوا الى ماهم معتقدين انه الصح واختاروا بناءا على توصية المستشارين الامريكان رجل مغمور ليس له رصيد حتى في جزء من قريه من قرى العراق وليس له ماضي مشرف وبعيد عن العراق قرابة ربع قرن او يزيد وكانوا فيه من المخطئين واعتقدوا انهم يختارون عميلا لهم ولم يدركوا انهم وضعوا في العراق عميلا لايران  واليوم وبعد ثمانية سنوات على قيام هذا الرجل بحكم العراق ظهر جليا ان القرار الامريكي كان خطأ من ناحيتين ..
الاولى وهو وان كان قد وعد الامريكان ان يكون عميلهم الا انه غير قادر ان لايكون عميلا لايران وقد لاقى صعوبة في اداء دور مزدوج لكلا الطرفين  .
والثانيه انه غير مؤهل لادارة دوله مثل العراق حتى بعد ان احاط نفسه باكثر من سبعين مستشاروتدخل السفاره الامريكيه بين الحين والاخر وتدخل السفير الايراني بشكا دائم  لان طبيعة تربيته وواقعه وخلفيته كلها تشير بوضوح الا انه لايصلح لادارة مدرسة ابتدائيه فكيف بدوله مثل العراق .. والنتيجه هي ما هو حال العراق ما تسببه هذا الرجل الغير مناسب في المكان الغير مناسب ..
اليوم وبعد هذه السنوات العجاف التي سقط فيها الاف الشهداء وتخلفت فيها البلاد سنين الى الوراء وسرقت الاموال والتي تقدر باكثر من الف مليار دولار ولم يرى المواطن شيئا على الارض منها بل اغتنت الاحزاب الحاكمه واللصوص والمحتالين والدجالين والنصابين والمزورين وغيرهم .. الان وبعد كل هذا الضيم والعذاب المملوء بالدم والخوف والرعب تخرج علينا الاداره الامريكيه بما يراد به تخفيف الواقع المر وتجنيب الادارة الامريكيه لنفسها مسؤولية اختيار هذا الرجل ولنقرأ ماقاله مساعد وزير الخارجيه الامريكيه بشهادنه امام الكونكرس الامريكي :
حملت لجنة العلاقات الخارجية الأمريكية في الكونجرس، رئيس الحكومة وزعيم حزب الدعوة نوري المالكي، مسؤولية اللعب بالورقة الطائفية وتهميش السنة وعشائر الأنبار والتلكؤ في ضم قوات عشائر الأنبار إلى قوات الجيش والشرطة، مشددة على إجراء الانتخابات في موعدها.
 وجاء ذلك خلال مسائلة اللجنة لنائب وزير الخارجية الامريكي لشؤون العراق، بريت ماكغرك، عن تمدد داعش وخطرها في العراق.

ولم يعد الوضع الأمني المتدهور في الأنبار يشكل خطراً على العراق وسوريا فقط بل يبدو أن داعش باتت تهدد أمن الولايات المتحدة، حسب ما قال مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق.

وفي شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، قال ماكغرك إن داعش تدرب مقاتلين لمهاجمة الولايات المتحدة، وقدر ماكغرك عدد المقاتلين التابعين للتنظيم  26 ألفا في البلدين.
ويعتبر ماكغورك من شباب (المحافظين الجدد) الامريكان، ومن تلاميذ ريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسات الدفاع القومي السابق الذي كانت تصفه الصحافة الامريكية بـ(امير الظلام)، ومهندس الحرب على العراق الذي غادر وظيفته الحكومية في وزارة الدفاع في منتصف عام 2003 وظل محتفظا بموقعه المرموق في (مركز دراسات المشروع الامريكي) وهو مركز لتقديم الدراسات والابحاث والاستشارات انشأه المحافظون الجدد اواسط التسعينات وانتعش عقب انتخاب الرئيس بوش الابن ونشط كثيرا عقب احداث 11 سبتمبر 2001 والفترة التي سبقت الحرب على العراق ومعروف عنه انه يتعامل مع البيت الابيض والبنتاغون ووزارة الخارجية ومستشارية الامن القومي ووكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه) وكبار رجال الصناعة والنفط وصناع القرار الامريكي.

وبريت ماكغورك عمل في هذا المركز لاكثر من عامين قبل ان يرافق السفير بول برايمر كمساعد له عند تعيين الاخير رئيسا لسلطة الائتلاف الامريكي كما سميت في آيار (مايو) 2003 ، واستمر يعمل مع السفراء الامريكيين المتعاقبين كمستشار حتى تعيينه في وزارة الخارجية مستشاراً.

 وهذا المركز له دراسة خطيرة كان قد قدمها الى ادارة الرئيس بوش الابن بعد احداث سبتمبر 2001 دعا فيها الى التخلص من صدام حسين وتقويض الدولة العراقية والقضاء على البقية الباقية من بناها التحتية التي سلمت من
الحصار وهجمات الطيران الامريكي، ولعل أسوأ ما في الدراسة كما تبين لاحقا ونشر بعض منها، انها نصحت الرئيس بوش الابن وادارته بالتعاون مع الشيعة والاكراد عند نجاحها في إحداث (التغيير) في العراق واستبعاد وتهميش السنة العرب، وكانت حجة الدراسة التي استندت في تحليلها واستنتاجها هذا، ان الشيعة يعارضون الحكام السنة في العراق منذ اكثر من ألف عام دون ان يحققوا شيئا ملموسا، فهم مهزومون دائما ويخافون من (الاقلية السنية) الحاكمة وينتظرون الخلاص وفق عقائدهم على يد أحد أئمتهم الدينيين السابقين الذي تدور حوله أساطيرمتضاربة وقصص شائكة (المهدي المنتظر) لذلك فهم على استعداد للتعامل مع الامريكيين كمنقذين لهم بعد ان طال انتظارهم، وتؤكد الدراسة ان التفاهم مع الطرف الشيعي (الضعيف) الذي يشعر بالغبن والمظلومية على مدى قرون له نتائج طيبة مع الامريكيين الذين سينظر اليهم كمحررين من التسلط السني، والاستراتيجية الامريكية على الدوام تتعاطى مع اطراف وحركات ضعيفة لا تملك ان تقول (لا) او تعارض او تعترض على اصحاب الفضل عليها، والامر نفسه ينطبق على الاكراد الذين وصفتهم الدراسة بانهم كثيرا ما تمردوا وثاروا على الحكم السني على طول ثمانين عاما ولكنهم في النتيجة يخسرون ويهزمون ويظلون على ضعفهم.

أما (الاقلية) السنية العربية كما تصفها دراسة او نصيحة مركز دراسات القرن الامريكي فان التعاون معها محفوف بالمخاطر لان السنة العرب يمتلكون القوة العسكرية والخبرة في الادارة والحكم والامتداد السني الذي يوفره المحيط العربي والعالم الاسلامي، وهذه الصفات الثلاث لا تنسجم او تتوافق مع مشروع القرن الامريكي الذي يقوم على حكم العالم في القرن الحادي والعشرين كله، ومن تابع الخطوات الامريكية في احتلال العراق اولا فاول لا يجد عناء في فهم الاجراءات والسياسات التي رافقت الاحتلال وجميعها تؤشر حالة امريكية في التطابق مع مضامين تلك الدراسة وما حملته من افكار وتوجهات واقتراحات ابتداء من تشكيل مجلس الحكم الانتقالي وفيه احتل الشيعة اكثر من نصف اعضائه بما فيهم رئيس الحزب الشيوعي (13 عضوا من اصل 25 عضوا) وتساوى الاكراد مع السنة العرب (خمسة اعضاء لكل من الطرفين) وترك المقعدان المتبقيان لمسيحي وأخر تركماني شغلته سيدة في حينه.

واذا كان الاعضاء الشيعة والاكراد في ذلك المجلس لهم سمات سياسية معروفة باعتبارهم قادة لاحزاب وميليشيات ابدوا تعاونا مع الاحتلال من لحظته الاولى ، فان الاعضاء السنة الخمسة في المجلس جُمعوا على عجل ولم تعلن اسماؤهم الا بعد ان استحصل بول برايمر على موافقة القطبين الشيعيين عبدالعزيز الحكيم وابراهيم الجعفري عليهم، وقيل في حينه ان اثنين من مستشاري برايمرأحدهم بريت ماكغورك نفسه والاخر روبرت فورد الذي عين سفيرا في سوريا فيما بعد، قد نسجا علاقات متينة مع مراجع الشيعة في النجف والكاظمية بواسطة عماد الخرسان وموفق ربيعي، واقاما صلات وثيقة مع قادة الاحزاب الشيعية وان ماكغورك له آراء متطرفة ضد السنة العرب في العراق ويتفق مع حزب الدعوة في ان كل سني عربي بالعراق هو (ارهابي) عموما وصدامي دائما.

 وهناك معلومة اخرى تؤكد كراهية ماكغورك للسنة العرب نقلت عن ضابط عسكري عمل في مكتب مستشار الامن الوطني السابق موفق ربيعي مفادها، ان ماكغورك الذي كان ضمن وفد الرئيس الامريكي بوش الابن في آخر زيارة له لبغداد التي ضرب بها بالحذاء، ظل يسأل ويلح على موفق ربيعي هل ان منتظر الزيدي صاحب الحذاء الشهير سني ؟ وبعد ساعة واحدة من الحادث عرف ان منتظر شيعي عربي، وعندها اصيب ماكغورك بالخيبة وبان الحزن على وجهه.


 
 ووفق مصادر مقربة من القائمة العراقية فان ماكغورك لعب دورا (خبيثا) لصالح نوري المالكي خلال مفاوضات القائمة مع ائتلاف دولة القانون في الفترة التي اعقبت انتخابات آذار 2010 لتشكيل الحكومة الحالية ودخل في
سجال وجدل عن أهلية المالكي لتأليف ورئاسة الحكومة الجديدة، حتى ان عضوا في وفد القائمة المفاوض التقى به في فندق الرشيد ايام المفاوضات وسأله مازحا: منذ متى يا مستر ماكغورك انتميت الى حزب الدعوة ؟ فرد عليه المستشار الامريكي ضاحكا منذ عرفت المستر نوري المالكي!
ورشحت الادارة الامريكية بريت ماكغورك سفيراً لها في العراق، الا ان جهود الدكتور اياد علاوي، ورسالته الى اعضاء الكونغرس الامريكي التي كشف فيها علاقة ماكغورك مع المالكي افشلت ترشيحه.
 


هكذا كانت تدار الامور اذا وهكذا كان ينظر الامريكان وعملائهم الى  السنه خصوصا  والى الوطنيين العراقيين عموما واليوم يثبت الوطنيين العراقيين بانهم اكبر من كل هؤلاء الاقزام وهم على طريق التحرير ماضون وانهم سيحصدون جهودهم قريبا وخاصة انهم تمكنوا من تحقيق اهم انجازين استراتيجين وهما :
 1 .تمكنهم من منع قوات المالكي من اجتياح مدنهم وتكبيدها خسائر تخشى الحكومه اعلانها من غضبة الجماهير وخاصة الشيعه ولو لاقدر الله ان تمكنت قوات المالكي من اجتياح المدن فانه اي المالكي سوف يكون قد نجح في تسويق قصته الكاذبه في مقاتلة الارهاب وهم اليوم اقرب الى الوحده من اي وقت مضى ..
 2 .تمكنهم من ايصال صوت مطاليبهم وثورتهم الى العالم وخاصة امريكا واوربا وبدأ نوع من التغير في السياسه تجاه ما يجري فعلا على الارض والقصف العشوائي الذي يطال المدنيين والنزوح الجماعي الذي بات يؤرق الجميع والامم المتحده خصوصا وما تصريح السفير الامريكي الاخير حول الانبار بعيدا عن هذا ..

لابد ان تصل الامور الى نهايتها ونتمنى ان تصل كما يريدها شعبنا الصابر على البلوى التي جائت بها امريكا وسلطتها على العراق منذ ثمانية سنوات ..
 ان الله مع الصابرين المحتسبين المرابطين .....


صديق المجله / بغداد

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

615 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع