لوندرا دي لا بارا وآرتورو ماركيز.. قيثارتان مِن بلاد السِحر والجَمال

                                             

                          مصطفى القرة داغي

         

    

المايسترو سنيورا "ألوندرا دي لا بارا / Alondra de la Parra" هي أميرة فاتِنة في الـ33 مِن عُمرها، تعشَق الموسيقى وتعزفها بمَهارة وتحمِل شَهادة الماجستير في مَجال قيادة الفرق السمفونية، تقيم حالياً في الولايات المُتحدة الأمريكية، لكن جذورها مِن المَكسيك تلك البلاد التي لطالما سَحَرتني بعَظمة حَضارتِها وجَمالها وطيبة شَعبها.

رَغم صُغر سِنّها إلا أنها اليوم واحِدة مِن أشهَر قادة الفرق السمفونية،ومِن أجمَل مَن حَمَلت أنامِله عِصي قيادتها، ولديها اليوم فِرقتها الخاصة التي قامَت بتأسيسِها عام 2004 لدَعم المَواهِب الموسيقية الشابة بالقارة الأمريكية،!
سمَتها أوركسترا الأمريكتين السمفونية ومَقرّها نيويورك. قبل أشهُر إستضافتها أوركسترا برلين السمفونية لقيادَتِها بحَفلة سمفونية عُزفت فيها 6 مَقطوعات لمُؤلفين موسيقيين مِن أمريكا اللاتينية حالفني الحَظ لحُضورها والإستمتاع بها. تجربة نادِرة لاتتكرّر يَومياً سَعُدت وإستمتعت بها، إمرأة تقود بحِرفية وإقتِدار وبلمسَة أنثوية فرقة سمفونية تعزف مَقطوعات تجمَع بَين موسيقى أمريكا اللاتينية بخصوصِيّتها التراثية المَعروفة وبَين البناء السمفوني الأوركسترالي.
مِن المَقطوعات التي عُزفت بالحَفل كانَت"أل تروبيكو" للموسيقار المَكسيكي كارلوس شافيز، و"تانغازو" للموسيقار الأرجنتيني آستور بيازولا، و"هابانغو" للموسيقار المَكسيكي خوسيه بابلو مونكايو، لكن أبرَزها وأجمَلها كانت مَقطوعة "دانزون رقم 2 / Danzón no. 2" للموسيقار المَكسيكي "آرتورو ماركيز / Arturo Márquez" التي ترَكت في نفسي كما في نفوس أغلب الحاضرين أثراً جَميلاً دَعانا للتصفيق مُطالبين بإعادة جُزء مِنها في نهاية الحَفل، والتي أحبَبت أن أتحَدّث عَنها في هذا المَقال.
(دانزون رقم 2) مَقطوعة ضَخمة كتبَت للأوركسترا بمُرافقة البيانو ويَستغرق عَزفها قرابة 10 دقائق، ألفها عام1994 الموسيقار المَكسيكي آرتورو ماركيز الذي ولد سَنة 1950 ولايزال على قيد الحياة، والذي إمتاز باستخدامه للموسيقى المَحلية المَكسيكية وتطويعَها في قالب أوركسترالي، وعَزفتها لأول مَرة بنفس السَنة أوركسترا المَكسيك السمفونية بقيادة فرانسيسكو سافين، وترافق ذلك مَع انتفاضة حَركة باتِستا ضِد الحُكومة المَكسيكية. هي حَتى الآن المَقطوعة الأشهَر لماركيز مِن ضِمن8 مَقطوعات دانزون، فمُنذ عزفِها لأول مَرة قبل 20 عاماً أصبَحَت واحِدة مِن أشهَر المؤلفات العالمية سَماعاً وعَزفاً بالحفلات الموسيقية الى جانِب أشهَر مُؤلفات أساطين الموسيقى العالمية، ليسَ فقط بالمَكسيك حَيث تعتبر النشيد الوطني الثاني بَل في كل العالم، وهو أمر سَنفهَمُه ونحسِّه إذا إستمَعنا للمَعزوفة بتركيز وإمعان، فهذه المَقطوعة هي خلطة سِحرية وتجسيد رائِع للموسيقى المَكسيكية التي لا يُمكن مُقاومة أنغامَها المُثيرة الراقِصة عِند سَماعِها ولكن في قالب سمفوني رَصين وبناء أوركسترالي أخّاذ.
لابُد مِن الإشارة الى أن موسيقى الدانزون هي بالأساس مُوسيقى راقِصة كوبية الجذور ولها أيضاً شَعبيّتها في المَكسيك وبورتو ريكو، وهي تعتبر في دُول أمريكا اللاتينية كالفالتز Waltz في الدول الأوروبية، وقد كان آرتورو ماركيز مُبدعاً وفذاً في تجسيد طَبيعة هذه الموسيقى بمَقطوعتِه الرائِعة "دانزون رقم 2". تبدأ المَقطوعة بلحن رَئيسي أول هاديء بطيء على الكلارنيت والأوبو يَأخـذ بالإسراع شَيئاً فشَيئاً بمُشارَكة الوَتريات، ثم يَتوقف هذا اللحن بدُخول البيانو مُنفرداً مُمَهداً لصُعود كل الأوركسترا وبداية عَزفها للحن الرَئيسي الثاني القوي السَريع الذيُ جَسّد روح الرَقص اللاتيني إلى أن يَصِل للذروة، بَعدَها يَنخفِض أيقاع العَزف مُجَدداً ليُعيدنا للحن الرئيسي الأول تدريجياً مَع البيانو وكمان مُنفرد يَتبَعَهُما دُخول مَهيب شاعِري للوَتريات ثم الهَوائيّات يَنتهي بوقفة تمَهّد صُعود الأوركسترا كامِلة في تسارُع لحني مُتقن البناء يُختتم بإعادة عَزف للحن الرَئيسي الثاني بقوة وسُرعة راقِصة وتناغُم ساحِر حَتى يَصل الى ذروة تنتهي بخاتِمة انفِعالية مُفعَمة بالعَواطف تليق بمِثل هكذا عَمَل يَبدوا أن مُؤلفه قد قرّر له مُسبقاً أن يَتخلد.
هي مِن وجهة نظري المُتواضِعة عَمَل رائِع ومُتكامِل يَستحِق الإستِماع والإستِمتاع بتوليفة أنغامِه الفريدة، وفي الرابط أدناه تسجيل لأوركسترا الأمريكتين السمفونية وهي تعزف مَقطوعة دانزون رقم 2 بقيادة مُؤسّسَتها المايسترو الوندرا دي لا بارا :

http://www.youtube.com/watch?v=onB1-1xt8Ic

مصطفى القرة داغي
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

733 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع