الإعلام مصنع السياحة الرئيسي وغلافها الترويجي

                                      

            بقلم الباحث الاثاري عامر عبد الرزاق الزبيدي

أصبحت ألان السياحة في العالم عبارة عن صناعة , وهناك معامل ومراحل تمر بها تلك الصنعة ,

تبدأ من أول مراحل إنشائها وتحسينها وتغليفها حتى تصديرها إلى الأسواق العالمية , هكذا أصبحت السياحة في العالم ألان وخاصتا بعد أن وضعت الدول السياحة مورد اقتصادي بديل لها, وقامت بتطويرها وخلق الظروف البيئية المناسبة لإنعاشها , أما الموارد الأساسية التي ترتكز عليها السياحة في العالم فهي عديدة وأهمها الظروف الأمنية التي يعيشها البلد , فالسياحة ترتبط بالوضع الأمني ارتباط رصين فهي تؤثر وتتأثر به , وكذلك البنى التحتية للسياحة في تلك الدولة من خلال المرافق السياحية المتنوعة , والقوانين التي تضعها الدول والتي تساعد السائح بالقدوم وتكون له عنصر ايجابي بزيارة تلك الدولة , وذلك من خلال رفع تكلفة الفيزا عنه , أو إقامة بعض المغريات التي تجذب السائح لها , والدور الإعلامي الذي يلعب الدور الرئيسي من كل هذه الأمور لخلق وإيجاد سياحة مزدهرة في أي بلد عالمي .
والإعلام ينقسم إلى عدة اتجاهات , ومنها الإعلام الصوري والمقروء , وذلك من خلال تسليط القنوات الفضائية والصحف إلى أهمية ذلك المرفق السياحي, وتسليط الضوء عليه من خلال دمجه في بعض لقطات التلفزيون في البرامج , والمسلسلات , والأفلام , وهذا ما نلاحظه جليا ألان في تركيا و اسبانيا و ايطاليا ومصر والمغرب والإمارات , حيث يسلط المخرج في بعض لقطات المسلسل إلى بعض المعالم السياحية في البلد , وكأنها إشارة تسويقية لتلك الأماكن , وعند سؤالي عن تلك الظاهرة عرفت بأن دائرة السياحة والآثار  في تلك البلدان تعطي رسوما وأموالا لتلك القنوات بإدخال تلك الأماكن السياحية في برامجها ومسلسلاتها التلفزيونية , وهذا ما يعطي مشاهدة أكبر لتلك الأماكن من قبل المشاهدين تفوق كل الوسائل والكتلوكات , وهذا بدوره يزيد من عدد السواح الذين يزداد فضولهم بزيارة تلك الأماكن التي يرونها في تلك القنوات ,هذا من جانب وجانب آخر في التلفزيون أيضا إنشاء تقارير وأفلام وثائقية عن تلك الأماكن السياحية وخاصتا إذا كانت معلما تاريخيا أو اثاريا أو تراثيا أو منتجع طبيعيا أو معلما جغرافيا , فهي وسيلة جيدة لإظهارها لعدد أكبر من سكان الأرض ومشاهدته , فإذا جعلنا العراق مثلا لذلك نجد بأن الآثار العراقية المعروفة للعالم لا تتجاوز عشرة مواقع لكن الخزين الاثاري السياحي في العراق اكبر من ذلك بكثير فيوجد بالعراق أكثر من خمسه وعشرين ألف موقع اثري تمثل أول وأقدم المدن في الحضارات القديمة المختلفة , وفي العراق ألاف الأماكن التراثية , وبه مئات ألاف من المنتجعات الطبيعية الصالحة أن تكون أماكن سياحية مهمة في العالم ومنها (( الاهوار / وبحيرة ساوه / وبحيرة الحبانية / وبحيرة الرزازة / وحمام العليل / وضفاف انهر دجلة والفرات / وجبال كردستان العراق ومصايفه وكهوفه وقلاعه التي كانت المستوطن الأول في تاريخ البشرية ))
بالإضافة إلى الأماكن الدينية المهمة التي يندر وجودها في العالم , وإذا استغلت الاستغلال الأمثل لكانت أماكن سياحية مهمة جدا بالعالم ولكان روادها يفوق كل الأماكن السياحية في دول العالم ومنها (( موطن النبي إبراهيم ع في أور / وضريح النبي يونس ع / وضريح النبي دانيال ع/ ومقام نبيي الله هود وصالح ع / أقدم مقبرة في تاريخ الوجود وهي مقبرة الغري وادي السلام في النجف الاشرف / وضريح نبي الله ذي الكفل ع / ومحرقة إبراهيم / وهناك الكثير من الأماكن التي تخص الديانات السماوية خاصتا الكنائس الأولى في تاريخ المسيحية الموجودة في منطقة الحيرة / والأديرة الموجودة في ظهر الكوفة ومنها دير هند الصغرى وهند الكبرى ودير أم الجماجم , والتي تعطي صورة جليه على بداية الديانات في هذا البلد )).
أما الديانة الإسلامية فالعراق يعتبر البلد الأول إسلاميا في عدد الأضرحة والمزارات فهو به أولى عواصم الدولة الإسلامية (الكوفة / بغداد / سامراء) وفي العراق أضرحة الأئمة الأطهار من آل البيت (ضريح الإمام علي بن أبي طالب ع النجف/ ضريح الإمام الحسين ع في كربلاء وضريح الإمام العباس ع في كربلاء / وضريح الإمام مسلم بن عقيل ع في الكوفة / وضريح الإمام علي الهادي ع والإمام الحسن العسكري ع في سامراء / وضريح الإمام موسى بن جعفر ع والإمام محمد الجواد ع في بغداد / وضريح الإمام أبي حنيفة النعمان رض والإمام أحمد بن حنبل رض في بغداد / والشيخ الكيلاني رض / والسيد أحمد الرفاعي  رض/ والقاسم بن موسى الكاظم ع / وأضرحة الصحابة هاني بن عروة والمختار والزبير وطلحة وغيرها مما لانستطيع ألان عدها أو حصرها )).
هذا بالإضافة إلى التنوع الجغرافي في بيئة العراق المختلفة من الكهوف والجبال والوديان شمالا إلى القلاع والهضاب والصحراء وسطا إلى السهول والاهوار ومؤانى البحار جنوبا , وبتنوع جغرافيته تنوع سكان العراق من عرب وكرد وتركمان , وتنوعت أديانه ومذاهبه من مسلمين, ومسيحيين, ويهود, وصابئة, و يزيديين,  وبهائيين, وشبك.
وكل هذه الأمور وغيرها لم نجد لها حيزا احترافيا إعلاميا يضهرها للعالم ؟؟!!! لماذا ؟؟؟؟؟ وهذا السؤال كثير مايتردد وإجابته به عدة أمور , ومنها القيود التي تضعها المؤسسات الاثارية والسياحية على القنوات الفضائية والإعلام المختلف, وصعوبة دخول تلك القنوات المحلية والدولية وتوضع بوجههم رسوما مالية باهظة !!!! التي بدورها تكون عنصر طرد لتلك القنوات , فألان إذا أرادت أي قناة تصوير تقرير لا يتجاوز ثلاثة دقائق عليها دفع رسم مالي وقدرة 250 ألف دينار , أما إذا تريد تصوير حلقه وثائقية فالمبلغ يصل إلى 750 ألف دينار , وهذه الأسعار تتضاعف تجاه القنوات الأجنبية , والأمر الأخر عدم وجود إمكانية عالية لعمل أفلام وثائقية  تخص تلك الأماكن في العراق من قبل القنوات المحلية , فهي بحاجه إلى أدوات , وطرق تصوير , ومعدات احترافية, وخبرات عالمية ربما لا تتوفر داخل البلد , وهناك رأي ربما يكون غريبا لكني أضعه ضمن تلك النقاط , وهي هناك من يريد أن يفشل كل عمل إعلامي لبعض القنوات المحلية والعربية والعالمية لإظهار الوجه المشرق للسياحة في العراق , لان ذلك سيقلل من حضور عدد السواح في تلك البلاد , وربما يكون للجانب السياسي دور فعال في ذلك الأمر.
والإعلام طبعا لايقف على تصوير تلك المعالم السياحية وطرق تسويقها بل هناك كثير من الأمور لها دور في إعلام الناس بتلك المواقع , ومنها جعل تلك المواقع السياحية شعارا تضعه بعض المؤسسات والجهات الثقافية في ذلك البلد , وإنشاء السفارات العراقية في الخارج على إن تكون مصدرا إعلاميا لتثقيف الشعوب بحضارتنا , وذلك من خلال طرق تصميمها بعمارتها المستوحى من آثارنا وتراثنا , وكذلك إنشاء متاحف مصغرة تعكس مواقعنا السياحية وجماليتها , وإنشاء مهرجانات عالمية سنوية باسم إحدى الصروح التاريخية في العراق تكون فرصة لشهرتها علميا ورؤيتها من قبل العالم الخارجي كأن تكون مهرجانات للفن أو الفلكلور أو الديانات , أو مؤتمرات تقوم بها الجامعات تخصص لتلك المدينة الأثرية المراد البحث عنها , وبحضور كبار علماء الاختصاص محليا وعالميا, وكذلك إنشاء المتاحف المتجولة التي ترى العالم من خلالها حضارتنا وأثارنا لمن يصعب عليه الحضور إلى العراق , ونضمن بذلك عدد أكبر من السواح يرى تاريخنا مما يكون لهم الدافع الكبير لزيارة العراق بالإضافة إلى المردود المالي.
وعلينا دائما أن نبتكر طرق ووسائل إعلامية كافية توفر لنا خطط فعاله لإنعاش أماكننا السياحية بكل أصنافها الاثارية والتاريخية والتراثية والدينية والجغرافية والطبيعية , وإيجاد قوانين سهلة تساعد السائح بالتجوال في تلك الأماكن , وكذلك للقنوات الفضائية.
وإذا أردنا أن نكون بلدا سياحيا عالميا علينا أولا أن ننشط السياحة الداخلية وتفعيل السكان المحليين بزيارة تلك الموارد السياحية , ومن ذلك ننطلق إلى السياحة العالمية , وجذب السواح بالإعداد الكبيرة التي نطمح لهم , وهذا ما يرسم خارطة جديدة للعراق بالقريب العاجل, لأن النهوض السياحي للعراق يكون قويا وسهلا لكثرة موارده السياحية العملاقة , ولقوة ميزانية الدولة التي بدورها تستطيع أن ترتقي بالجانب السياحي العراقي , علما إن السياحة أصبحت موردا اقتصاديا أساسيا ل 126 دولة في العالم.
وقد أخبرتنا الدكتورة سلفيني مديرة متحف اللوفر في فرنسا عندما زارت متحف الناصرية في 2012 حيث قالت إن فرنسا هي إحدى الدول الصناعية السبعة الكبرى بالعالم , لكن  إيرادات فرنسا من السياحة تشكل 20% من ميزانية فرنسا وخاصتا متحف اللوفر, وبرج ايفل, وقوس النصر , حيث إن تذكرة الدخول لمتحف اللوفر تبلغ 20 يورو أي مايقارب 30 دولار ويدخل المتحف يوميا وبالأيام العادية من ثلاثة آلاف إلى خمسة ألاف سائح, ولا يوجد أي سائح يدخل فرنسا لا يزور متحف اللوفر , أو برج ايفل , وذلك للقوة الإعلامية التي لا يستطيع أي سائح إهمالها أو تجاهلها حيث تمثل له فرنسا متحف اللوفر, وبرج ايفل, وقوس النصر.
فعلينا في العراق أن نجعل إعلامنا يشد كل من يزور العراق بمعالمنا التي لاحصر لها , وهذا مايعطينا عدة أمور منها قوة اقتصادية كبرى للدولة / خلق اقتصاد بديل للدولة/ إعلاما منيرا لجمال العراق وتنوعه/ رغبة الشعوب بالتخالط والتعايش مع الشعب العراقي/قوة إعلامية مترامية الأطراف/ القضاء على البطالة حيث اثبت علماء الاقتصاد بأن دخول كل اثنين من السواح إلى البلد توفر فرصة عمل لشخص واحد داخل البلد .
حيث يستطيع الإعلام أن يخلق من الموقع السياحي مهما كان بسيطا ومحليا أن يكون صرحا سياحيا مهما وعالميا, فللإعلام القدرة على الترويج تفوق كل القدرات الأخرى , فقصرا بسيطا انشأ قبل مئة عام في روما يسمى بقصر روميو وجوليت تلك المسرحية الشهيرة التي كتبها وليم شكسبير , أستطاع الإعلام المحترف أن يحول هذا القصر من قصة مسرحية خيالية إلى واقع أسطوري تهفوا إليه النفوس من كل حدب وصوب لزيارته , وخاصتا العشاق وهم يكتبون أمانيهم في ورقه ويعلقونها في جدران القصر التي عملت له فيما بعد صفائح من الزجاج لحماية الجدران , واستطاع الإعلام أيضا أن يحول منطقة بسيطة في دمشق بسورية من مكان لعرض مسلسل (باب الحارة) إلى منتجع سياحي تزوره الناس وتدفع المبالغ الطائلة لرؤية تلك الحارة وبيت العم عصام , وأصبح الموقع سياحيا يسمى بباب الحارة , وهو فقط مكان عرض به ذلك المسلسل لخمسة أجزاء, واستطاع الإعلام أيضا أن يحول قصر غير معروف في تركيا إلى مكان من أهم الأماكن السياحية والترويجية في تركيا بعد ان تم به عرض مسلسل نور , وأصبحت الدخولية له ب 25 ليرة تركية , وهناك عبارة(سفينة) توصلك إلى القصر بمبلغ مالي أيضا , وأصبح ذلك القصر وبفضل الإعلام الرائع أن يخلق من لاشيء شيء وبه مردود مالي واقتصادي وسياحي إلى تلك الدولة التي تخطط وبلا شك من جعل الإعلام المحرك الأساسي لخلق بيئة سياحية مثلا بالعالم , واستطاع الإعلام أيضا أن يحول صخرة جلمود صلبه على ساحل البحر المتوسط في بيروت الى مزار سياحي كبير واحد أهم معالم لبنان وهو (صخرة الروشة) التي عليك زيارتها عندما تزور لبنان , وأصبح الإعلام يحيط عليها القصص والحكايات , ويظهرها في كل برنامج يظهر لبنان, ولقطات السينما والتلفزيون .
الباحث الاثاري
عامر عبد الرزاق الزبيدي
 دائرة آثار ذي قار

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

767 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع