علي السوداني
ألليلة المبروكة الرائقة ، أنا والقمر جيران . زخّة فيروزية منعشة . راحة مجتزأة ومنتوفة من دفتر الحيلة . نفرتُ من قدّام التلفزيون نفرةَ قطيع غزلان ، تشمّمن عطرَ سبعٍ ينبح . معلّمي العتيق كان أسرّني أنَّ السبعَ قد ينبح ، كي يصنعَ فخّاً ممكناً لكلبٍ تائه . ظهريّتها صدّقتُ معلّمي ، وزرعتُ فعل السبعِ المتسبّع بباب الخزي . على عتبة كمشة شيبات لمّاعات مبكّرات كنَّ يلعبْنَ فوق مدى الرأس الدائخ ، عرفتُ أنّ المعلم كان على صحٍّ مبين .
جلسةَ رَوَقان يسألني صحبي ، إنْ كنتُ من المعتقدين الراسخين بمقروءات الأبراج ، وحركة النجوم ، وثنيات فنجان القهوة الثقيل ، فإنني أُنكرُ وأشمرُ رأسي أربعين هزّةً ذات اليمين ، وسبعين صوب الشمال ، وحيث تحطّ عينايَ على شاشة الساحر ، وتأتي المصادفة المبهجة بما أعشق وأشتهي ، فإنَّ ذاك المعتقد التجريديّ ، سيتبرغثُ بين الرجْلين . سأستدير قليلاً الآن صوب باب التلفزيون . ألتنفير والتقزيز والتفزيز ، أزيد من الأمل والبهجة والراحة .
مع نشرة أنباء المساء ، تنبتُ للتلفاز يدان ، واحدة تصفعك على خدّك اليمين ، والثانية تمنحها بامتنان كي تنطبع فوق خدك اليسار . جنونٌ جمعيٌّ في بيت الشرق المفضوضة بقيا بكارته . شاشة ضخمة تسيح عليها دماء ودموع ، وقصفٌ متّصل بهاونات الكلام الثقيل ، وأمصال هيروين الغفلة التي تمّ تقديسها ، بخراج منبوشات ومطموسات التأريخ ، وعفن الثأر النائم . ثمة متمترسون محصّنون يغنّون ويغردون خارج سرب العادة ، وآخرون متكاثرون متناسلون يشهرون ما جاف وفسد ، من بضاعة صائحة راقصة طابلة رخيصة فوق دكّةٍ معلنة .
حفلة " ستربتيز " عارمة عرمرم ، والخالعون النازعون المرجّفون مؤخراتهم المشعة ، خدودُهم ليست على حمرة ، وجباههم ليست مَنقَطَة عرقٍ يخرُّ من بقيا حياء .
ألفصام على أشدّهِ . ممثلةٌ حلوةٌ شهيّة كنّا زرعناها تحت مخدّة أخير الليل ، تنطُّ الليلة من على شاشة قوية ملونة . الممثلة " تائبة " وتستر شعرها الذهبيّ العتيق بشال الفرض ، لكنّ شفتيها تتلاطعان كحبّتين متآخيتين من عنب الخليل .
أنا منزعج بقوة ، على غير ما كنتُ عليه في خاصرة السطر الأول . تصبحون على بلادٍ ممكنة رحيمةٍ ، مثل أمٍّ تلسعُ زندها نار التنّور ، لكنَّ خبزها طيبٌ وأبديّ .
779 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع