لقد جاء اعتزال السيد مقتدى الصدر من العمل السياسي وحل التيار الصدري الذي يعتبر من اقوى التيارات الشيعيه الدينيه وله مايقارب 13 % من مجموع البرلمان ويعتبر التيار الذي يضم فقراء الشيعه ومن يؤيد الحوزه الناطقه التي تمثل مناكفا للحوزه الصامته وهي المرجعيه الشيعيه في النجف الاشرف وهذا ما كان يؤكد عليه والد مقتدى السيد محمد محمد صادق الصدر الذي يعتقد انه اغتيل بسبب ذلك ..
بعد الاعتزال المفاجىء القى السيد مقتدى خطابا وجهه الى الشعب العراقي وذكر فيه مجمل اسباب لاعتزاله وهاجم فيه الحكومه والذين جاؤوا من خلف الحدود وهنا وقبل ان نحلل اسباب الاعتزال ونتائجه المحتمله لابد من العوده الى بعض الحقائق والافعال التي رافقت التيار الصدري على مدى اكثر من عشرة سنوات ,,
1 . كان نشؤ التيار الصدري بشكل عشوائي كرد فعل لما حصل في نيسان 2003 ولم يكن يمتلك اسس تنظيميه ولا اطار سياسي ولا اهداف محدده وانما عمله كان اقرب الى العشوائيه وجمع حوله مؤيدين من اتباع ابيه ومن المتحاملين على المرجعيه الدينيه في النجف ومن اعداء النظام السابق وممن يأملون باستلام الشيعه للحكم في العراق اي التجمع كان عاطفيا اكثر منه علميا ..
2 . رافقت تشكيل هذا التيار الكثير من الاحداث غير المقبوله قانونا وشرعا واتسمت الكثير من الافعال بالغوغائيه ومنها مقتل العميل عبد المجيد الخوئي ومحاصرة المراجه الدينيه الخمسه وعلى رأسهم السستاني ومطالبتهم بمغادرة العراق خلال 48 ساعه اضافة الى عمليات النهب والسلب التي رافقت سقوط النظام والتي سميت بالحواسم . والتي يتهم بها اتباع الصدر اضافة الى مجموعات وعصابات اخرى .
3 . خلال عمل التيار الصدري سياسيا منذ ولاية ابراهيم الجعفري والمالكي ولفترة ما يقارب التسع سنوات كانت حالة التذبذب حاضره بشكل دائم وعدم وضوح القرار وتغيير المواقف وعدم امتلاك التيار لشخصيات قياديه سياسيه تعكس مبادىء واهداف التيار ولذلك فقد ركب موجة التيار العديد من سياسي الفرصه والانتهازيين وتسنموا مناصب وسرقوا وقتلوا واساؤا باسم التيار .
4 . لم تكن قيادة مقتدى الصدر قادره على السيطره على التيار الواسع من مؤيديه وكان البعض يتلاعب به وبقراراته والالتفاف على توجيهاته اضافة الى عدم تيسر الخبره والتجربه السياسيه لدى السيد مقتدى اساسا .
5 . لقد ارتكبت الكثير من الجرائم وقتل الابرياء على الهويه والتي اتهم بها التيار وما ابو درع وتنور الزهره ومليشيات جيش المهدي ببعيده عن هذا بالرغم من ان بعض الحركات السياسيه الشيعيه استغلت جهل التيار واندفاعه عشوائيا لتقوم هي بالقتل واعمال العنف باسم جيش المهدي مثل حزب الدعوه والمجلس الاعلى ومنظمة بدر حتى وصل الامر ان يتحدث ابراهيم الجعفري كواحد من التيار الصدري وكان يرسل الاسلحه في شاحنات الى مدينة الصدر والشعله ويطلب منهم قتل اهل السنه ووصل الامر ان يقدم التيار على ترشيح الجعفري لرئاسة الحكومه بالرغم من الخلاف العقائدي مع حزب الدعوه الذي كان الجعفري امينا عاما له .
6 . الفساد الاداري والمالي والاخلاقي الذي ساد التيار منذ البدايه وحتى الاعتزال كان مؤشر ثابت ودائم عليه وعدم اتخاذ اي اجراء بل بالعكس فقد كان السيد مقتدى اول من بارك الفساد باقتناء طائره خاصه وسكوته على حاكم الزاملي وعمليات القتل والفساد في وزارة الصحه وكذلك الحال مع الاخرين ومنهم بهاء الاعرجي الذي يعد اليوم من الاثرياء المعدودين وكذلك الاخرين .
7 . عدم انصياع اعضاء التيار الصدري لتوجيهات مقتدى الصدر وتهديد البعض بالذهاب الى كتل اخرى معارضه للتيار في حالة محاسبتهم كما جرى ذلك مع حاكم الزاملي وغيره الامر الذي اصبح واضحا لدى قيادة التيار المتمثله بالسيد انه من الضروري الابتعاد عن السياسه حفاظا على ماتبقى من سمعه .
وبعد الاسباب والنتائج التي ادت الى الاعتزال لابد من تحليل لما بعد ذلك ومدى تأثير ذلك على الواقع السياسي العراقي المتدهور اساسا وما سيترتب على ذلك من تداعيات ونتائج .
في خطابه الاخير يوم الثلاثاء 18 \ شباط لم يشر السيد مقتدى الى اين سيكون اتباعه ولم يحدد لهم مستقبلهم وترك لهم حرية التصرف بل ونصحهم بعدم الاستقاله والحضور الانتخابي المكثف وهذا يعني نوع من انواع التشرذم والتفكك الذي سيؤدي الى ظهور كتل ضعيفه وصغيره مولوده من الاصل ولاده مشوهه وتعتمد على سمعة التيار ضمنا وليس علنا وعلى اسماء شخصيات تعتقد انها سياسيا مقبوله ..
تحدث الكثير من السياسيين عن التوازن السياسي وفقدانه بعد اعتزال السيد مقتدى وان ذلك يصب في صالح التيار المالكي وولايته الثالثه وقد يكون ذلك صحيحا الى درجة ما ولكن اعتقد ان ضغوطا ايرانيه مورست على التيار لصالح المجلس الاعلى وليس المالكي الذي رفضته المرجعيه وامريكا في الوقت الذي لايزال فيه الموقف الايراني متأرجح ,, لايمكن القبول بان ايران لاشأن لها بما جرى وان القرار كان صدريا خالصا وفي احسن الاحوال قد يكون هناك تهديد للسيد مقتدى بالتصفيه وما سيخلف ذلك من تداعيات وصراعات تجهز على الاحزاب والحركات الشيعيه كما كاد ان يكون في عام 2007 عندما هاجم التيار جميع مقرات حزب الدعوه والمجلس الاعلى وحرق ودمر اكثر من 200 مقر خلال ساعات قليله .
احتمال انسحاب بعض اعضاء التيار من الواجه السياسيه حفاظا عل المكاسب والابتعاد عن الضوء ودائرة المسؤوليه التي لابد ان تطال البعض لابل وجميع من قتل وشارك في القتل وسرقة اموال العراقيين ,, مع بقاء البعض الاخر داخل قبة البرلمان وقتيا لحين تهيئة تكتلات جديده ينضون تحتها او يقومون بتشكيلها لخوض الانتخابات القادمه التي من المحتمل ان لاتتم بسبب الاحداث الامنيه الجاريه .
اما احتمال الانسحاب من البرلمان وكذلك استمرار قائمة متحدون بالمقاطعه فأن ذلك سيؤدي الى انهاء هذه السلطه التشريعيه المتهالكه اصلا وخاصة ان التحالف الشيعي قد انتهى هو الاخر واصبحت الكتل تغرد حسب اهدافها كما ان الوقت المتبقي يساعد على هذا التشرذم والتشتت ..
يبدو ان الموقف العام بدأ بالانقلاب اذا ماعدنا الى الاعوام الاولى بعد الاحتلال وكيف توحد الشيعه بمختلف اهدافهم وايديولوجياتهم المتقاطعه والمتعارضه والتي تصل الى التكفير وهدر الدم توحدوا امام المكونات الاخرى وهي السنه تحديدا نجد اليوم اصبح العكس وهو التقارب والتوحد السني مقابل تشتت الشيعه وهذه نتيجة طبيعيه لكل اساس تم بناءه على صيغ غير وطنيه وماديه واساسها الانتقام والتنكيل والنهب والارتباط بالخارج ..
المستقبل السياسي غامض والاحتمالات التي يمكن ان تحدث واكثرها قربا من الواقع هي :
1 . حل البرلمان قبل موعد انتهاء دورته .
2 . تأجيل الانتخابات والعذرهو محافظة الانبار ونينوى وديالى والحالة الامنيه.
3 . اعلان حالة الطوارىء والاحكام العرفيه والمزيد من الاعتقالات وحمامات الدم .
4 . اعلان المالكي نفسه ديكتاتورا رغم انف الجميع وبالقوه .
5 . استعمال المليشيات للتهديد والترهيب والقتل لغرض تثبيت كرسي الولايه الثالثه للمالكي .
6 . حصول حركات تمرد عسكريه بايعازات وطنيه او خارجيه او انتهازيه للوصول الى السلطه .
7 . سيناريوهات امريكيه او ايرانيه للسيطره على العراق سياسيا واجتماعيا واقتصاديا .
تمكن ثوار المحافظات المنتفضه وثوار العشائر من احراز تقدم وخاصة ان مؤشرات ذلك تشير الى حدوث نجاحات كبيره لحد الان وتكبد السلطه لخسائر اقلها ما ذكره السياسي فائق الشيخ بوجود 1200 قتيل من الجيش لحد الان ممن دفنوا في كربلاء عدا المفقودين والذين دفنوا في الفلوجه والرمادي والذين القوا في نهر الفرات والذين تم احراق جثثهم من قبل السلطه .
8 . ازدياد وتيرة التفجيرات التي تقوم بها السلطه تمهيدا لما ورد اعلاه في اعلان حالة الطوارىء وتفرد المالكي بالسلطه ...
وقبل الختام اقول ان ما يتداوله سفراء غربيين في عواصم عربيه عديده هذه الايام حول منطقة الشرق الاوسط هو ان الدول العظمى لاتريد جمهره من الدول الصغيره التي تحمل كل واحده العديد من المشاكل تتعب الدول العظمى بحلها والصحيح هو تفويض الحل لدول قويه من المنطقه تنظم تحت لوائها هذه الدول الصغيره والحديث يدور عن ثلاث دول هي تركيا ... واسرائيل .... وايران ... والباقي تحت رحمة هؤلاء ؟؟؟
وخيرا نقول الى السيد مقتدى ومنه الى المالكي تيمنا بالايه الكريمه ..
( اخرج منها خائفا او غير خائف ,, فأن الملىء يأتمرون بك ليقتلوك ..)
ورحم الله امرىء عرف قدر نفسه ..
صديق المجله / بغداد
511 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع