اللغة العربية... حاضرها ... مستقبلها

                                       

                         حسن الجبوري

يقول أحد الفلاسفه الغربيين ( أستوى الكمال على ثلاثه اشياء ، عقول الافرنج وأيدي اهل الصين ولسان العرب) .

ولعلنا لا نغالي اذا وافقنا هذا القول ،فلغه العرب قد بلغت الكمال وكيف لا وهي لغه القران الكريم ولسان الصادق الامين النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فلنطالع حاضر العربيه ومستقبلها وقبل ذلك شيئا من ماضيها .
ماض مشرق للغه عريقه :
يوم كانت الدوله العربيه الاسلاميه في أوج عضمتها كانت العربيه ايضا في زهو وشموخ فهي لغه اعظم دوله في الوجود،ولغه العلوم والفنون والاداب ولغه العلوم الدينيه ... حتى ان كثيرا من الشعراء والادباء من العجم كالفرس وغيرهم قد خطو نتاجاتهم الشعريه والادبيه بلغه العرب لتنال شهره وتلقى رواجا... ومن طريف ما يروى ان رجلا من اصفهان اراد تعلم العربيه فشد الرحال نحو بلد الرشيد " بغداد " فبقي ردحا من الزمن يحضر الدروس وضن انه قد اتقن العربيه واراد الرجوع الى اهله ... فكتب على احد كتبه عباره " قرأته بالبغداد "فما كان من اساتذته الا ان يطلبوا منه ان يمكث فتره اطول! وكان من نتائج انتشار العربيه هو تأثيرها في كثير من اللغات كالفرنسيه والالمانيه والانكليزيه والايطاليه  وغيرها... ولابد من ان نشير الى التراث الواسع الذي تزخر به العربيه من مؤلفات ادبيه وفكريه ولغويه تتناول مختلف الفنون والعلوم والاداب.
حاضر العربيه
أما في عصرنا الراهن فقد شهدت العربيه تراجعا ملحوظا ، ومن اسباب هذا التراجع انتشار اللهجات العاميه والحملات الممنهجه التي تعرضت لها العربيه من قبل بعض الدول الاستعماريه وخاصه في المغرب العربي والتي استهدفت اجتثاث الثقافه العربيه الاسلاميه ككل واللغه جزء منها ...ولكن حتى بعد التحرر من الاستعمار لم تستطع الحكومات العربيه المتعاقبه اعاده العربيه الى سابق عهدها وربما هي لم تسعى الى ذلك اصلا...وتبرز صور تراجع العربيه في مشاهد عديده ,كأن نشاهد محلات او اسواق او شركات تضع لها اسماء اجنبيه وهي ظاهر منتشره في انحاء الوطن العربي ...اضافه الى اننا نلحظ كثيرا في التلفزيون وغيره اشخاص يتعمدون استخدام مصطلحات وعبارات اجنبيه ربما ليوحي ولو بصوره غير مباشره ان العربيه عاجزه عن الايضاح والتعبير ..كما اننا نشاهد بعض الفضائيات العربيه تضع لها اسماء انكليزيه وغيرها من المشاهد التي نلحظ فيها نفورا من العربيه وتمسكا باللغات الاخرى ..حتى ان جنوب السودان فور انفصاله عن السودان سارع لاعلان الانكليزيه لغه رسميه للبلاد على الرغم من ان اغلب السكان يتحدثون العربيه ..ورغم ما تعانيه العربيه فأنها تبقى من اللغات الحيه في العالم وهناك حملات جاده لاجل الحفاظ عليها ورعايتها ..في تونس مثلا بعد الثوره والاحاحه بنظام بن علي تأسست جمعيه تعنى بالحفاظ على اللغه العربيه وقد بين رئيس الجمعيه في لقاء تلفزيوني ان العربيه قد عانت في زمن بن علي وقبله بورقيبه فقد اعتمدا سياسه تجفيف المنابع ضد العربيه وشجعا  على العاميه والفرنسيه ..وقال رئيس الجمعيه ان الثوره قد غيرت الكثير فلاول مره في تاريخ تونس تقوم رئاسه الجمهوريه برعايه مؤتمر عن اللغه العربيه !

افكار لاجل العربيه
على من تقع مهمه الحفاظ على سلامه اللغه العربيه ؟ بأختصار المهمه تقع على عاتق الجميع وزارات الثقافه في البلدان العربيه عليها بذل الجهود في هذا المضمار وكذلك تقع على عاتق المثقفين والكتاب وخاصة الشعراء ... فالشعر ديوان العرب كما يقال ..ان على الشعراء ان ينزلوا قليلا من ابراجهم العاجية  وان لا يقتصروا القاء قصائدهم في المهرجانات والندوات المغلقه ..عليهم ان يكونا اكثر قربا من الناس ويكتبوا لاجلهم .. وللاسف بعض الشعراء يبالغ في تعقيد قصيدته حتى لا يستطيع احد فهمها الا النقاد ! وربما هذا من اسباب نفور الناس من الشعر الفصيح واقبالهم على الشعر الشعبي العامي .. لقد كان الشعراء العراقيون الكبار  كبدر شاكر السياب ومعروف الرصافي ومحمد مهدي البصير ينزلون الى الشوارع ويلقون القصائد في حضره الجماهير  كما كانوا يقود المضاهرات والاحتجاجات المناهضه للاحتلال البريطاني والناس كانو يبادلونهم الود ..من جانب أخر يجب الاهتمام بالخط العربي بوصفه احد الفنون الجماليه الذي يدخل في ميادين مهمه منها زخرفه المساجد ..وحسب علمي ان الامارات العربيه المتحده تعتزم ادخال ماده الخط العربي كماده اساسيه في المناهج الدراسيه لديها ...وهذه خطوه رائعه من شأنها الارتقاء بأحد فنون العربيه ..وندلف الان الى موضوع مهم يخص سلامه العربيه  وهو الاخطاء اللغويه ومكافحتها ..الاخطاء اللغويه ظاهره منتشره هذه الايام ... ولكن ما هو الحل لها ؟ يقول المرحوم الاستاذ عبد الحق فاضل في احد كتاباته التي نشرت في مجله الف باء العراقيه .." ان الاخطاء اللغويه قد انتشرت حتى طالت المترجمين والمحررين والقصصيين بل حتى الادباء المعتدين بلغتهم ... ويؤكد الاستاذ عبد الحق فاضل ..ان كتبا عديده قد ألفت منذ العصر العباسي حتى الوقت الراهن قد وضعت لاجل الاخطاء اللغويه ولكنها لم تجدي نفعا لان من لديهم اخطاء اغويه هم اقل الناس قراءه وبالتالي لن يقرأ احد منهم كتب التصحيح اللغوي , فضلا عن ان هذه الكتب منفره للقراء وخاصه اذا كتبت بطريقه معقده وباسلوب جاف ...ويرى ان الحد من الاخطاء او بتقليلها  هو بتأليف كتيب صغير يجمع فيه اهم الاخطاء اللغويه ..وقد قام فعلا عبد الحق فاضل بتأليف الكتيب واسماه " اخطاء لغويه "...  واذا كان عبد الحق فاضل يرى ان كتب التصيح منفره للقراء فأني ساتبع طريقه كان الاطباء القدماء يتبعونها وهي في دس الدواء في غذاء المرضى الذين كانوا لا يتقبلون العلاج .. بالتسبه لي ارى ان المسلسلات والعمال الدراميه هي وسيله فعاله لنشر اللغه .. قد يستغرب البعض ولكني سأوضح الامر .. هناك الكثير من المسلسلات التركيه والهنديه المدبلجه والتي تلقى رواجا واسعا بين فئات كثيره من الناس .. لماذا لا تقوم الشركات المترجمه لهذه الاعمال الدراميه بأستخدام العربيه الفصحى بدلا عن اللهجات الشاميه او الخليجيه .., بالتأكيد استخدام الفصحى سيخلق ثقافه لغويه لدى المتلقي خاصه اذا كانت الترجمه بأسلوب أدبي جميل يتوخى فيه المترجم الدقه والالتزام بقواعد العربيه .. سابقا كانت هناك مسلسلات مكسيكيه تمت دبلجتها بالعربيه الفصحى وقد نالت رضا واستحسان الناس ... لماذا لا تعاد الكره ؟ كما ني اقترح على القائمين بأمر الدراما العربيه انتاج مسلسلات اجتماعيه ولكن بالعربيه الفصحى ..وعدم اقتصار الفصحى على المسلسلات التاريخيه .. ان عمليه نشر العربيه تحبيب الناس بها عمليه يجب ان تنتشر في كافه المجالات والفن جزء منها بل هو جزء حيوي مهم منها ...
واخيرا ... لقد دفعني الشعور بالتقصير تجاه العربيه لكتابه هذه المقاله التي لن تكون الاخيره بأذن الله ، نحن نشعر كم اننا مقصرون بحق لغتنا الام لغه القران والاسلام ، والتي على مر العصور وتعاقب الدهور ستبقى خالده بخلود القران العضيم .
 لارسال أي ملاحظه حول الموضوع او للمراسله معي على البريد الالكتروني
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

                                            

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

495 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع