عدنان حسين
من دون موعد مسبق ومن غير استئذان دخل الضابط في أحد الأجهزة الأمنية عيادة الطبيبة الأخصائية في مستشفى النساء والأطفال، وطلب كتابة تقرير عن حالة زوجته الصحية بغاية حصولها على إجازة مرضية مزوّرة.
ردّت الطبيبة بأنها ترغب في معاينة الزوجة "المريضة" لتكتب التقرير، لكن الضابط المغرور بنجماته والمزهوّ بمنصبه شقّ عليه الأمر، كما لو ان الطبيبة الأخصائية شرطي يعمل بإمرته، فتجاوز الحدود متطاولاً ومعتدياً.
هذا الحادث وقع للتوّ في مستشفى بابل للنسائية والأطفال، والضحية هي الدكتورة أشواق شويلية التي أمضت ثلاثين سنة من عمرها في المهنة. والحادث ليس الأول من نوعه في المحافظة بشهادة مجلس المحافظة الذي على غرار دائرة الصحة استنكر واحتج وبدأ تحقيقاً في الواقعة المتكررة أيضاً في سائر محافظات البلاد.
ليس من الصحيح التهوين من الأمر بالقول ان حوادث كهذه حالات فردية.. الحالات الفردية هي التي لا يقع نظير لها الا مرة كل خمس سنوات أو عشر، مثلما كانت عليه الحال في الماضي.. الحالات الفردية لا تتكرر عشر مرات وأكثر في كل محافظة في كل سنة. رئيسة لجنة الصحة في مجلس بابل الدكتورة هبة عيسى كشفت عن إن "مسلسل الاعتداءات على الاطباء يتكرر دائماً، وخلال شهرين حدثت خمسة اعتداءات" في مستشفيات ومراكز صحية في المحافظة.
الاعتداءات على الأطباء لسبب شبيه بما حصل في مستشفى بابل للنساء والأطفال أو لأسباب أخرى غدت اليوم ظاهرة، ومن المفترض أن تقوم الأجهزة الأمنية بواجبها في ردّ الاعتداءات على الاطباء وغيرهم، ولكن كما نرى فان عناصر في الأجهزة الأمنية هم الآن في قلب هذه الاعتداءات والتجاوزات.
والأمر لا يقتصر على الأطباء، فتجاوزات واعتداءات العناصر الامنية على المواطنين لا تستثني مجالاً أو قطاعاً. إنها تجري في الشوارع والساحات العامة على مرأى ومسمع من عشرات ومئات من الناس.
ممّا ينقص في خطط وبرامج إعداد أجهزة الامن وعناصرها، إن في وزارة الداخلية أو في الدفاع وسواهما، في العهد الجديد، ان عنصر الأمن لا تجري تربيته بان وظيفته لم تعد قمع المواطن والاستهانة بإنسانيته وكرامته كما كانت عليه الحال في العهود الدكتاتورية، وانما هو مجنّد لخدمة المواطن وضمان تمتعه بحقوقه وحرياته. ومن النواقص والعيوب في نظامنا الأمني أيضاً ان عنصر الأمن لا يجري إفهامه بأن التعدي على الناس يعني انتهاك أحكام الدستور الذي ألزم الدولة بكفالة الحريات والحقوق، وفي المقدمة منها حقوق الإنسان التي يتعين أن يُدرك عنصر الأمن على نحو خاص بان المرحلة الانتقالية نحو النظام الديمقراطي الموعود لن يمكن اجتيازها من دون احترام هذه الحقوق وكفالتها بصرامة.
510 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع