منذ أن نشرتُ مقالي المعنون "إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة" حصلت التطورات التالية في المشهد العراقي:
1-تعافى السيد رئيس الجمهورية من مرضه وعاد إلى العراق وسط إنتعاش آمال الكثيرين بعقد مؤتمر وطني شامل تبحث فيه كل المسائل العالقة بين الكتل السياسية.
2-أعد التحالف الوطني ورقة عمل للإصلاح حصر فيها جميع مسائل البحث ب(70) بنداً تضمنت إتفاقي أربيل الأول والثاني وإتفاق النجف.
3- قبل يوم من وصول السيد رئيس الجمهورية غادر العراق السيد مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان. ولما عاد السيد مسعود إلى العراق لم يجتمع بالسيد رئيس الجمهورية لحد هذا اليوم 8/10/2012 ما يسبغ المصداقية على ما أوردته صحيفة "كردستان تربيون" يشأن هذا الأمر إذ قالت:
4-"..... وهناك تكهنات تفيد بأن مغادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في 16 من الشهر نفسه ترجع الى حقيقة انه على خلاف مع طالباني الذي يحمله بارزاني المسؤولية المباشرة عن اخفاقه في مواجهة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي."
5-أعلن رئيس الوزراء والقيادي في التحالف الوطني نوري المالكي أنه مستعد لحضور أي مؤتمر وطني تحت خيمة الدستور.
6- قالت السيدة ميسون الدملوجي، المتحدثة بإسم إئتلاف العراقية، بأن إئتلافها يطالب بتنفيذ إتفاقات أربيل أولاً وقبل حضور أي مؤتمر.
7-صرح النائب الدكتور فؤاد معصوم، رئيس الكتلة النيابية للتحالف الكردستاني، بأنه بعد المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية ظهر أن ليس من السهل عقد المؤتمر الوطني.
أعتقد أن هذا الموقف العنيد من قبل السيدين أياد علاوي ومسعود برزاني أزاء عقد مؤتمر وطني تبحث فيه كافة مسائل الإختلاف والتي حصرها التحالف الوطني ب (70) نقطة، لا يعود إلى ما يطرحونه من مبررات في الإعلام بل يعود إلى ما هما موعودان به من مكاسب في حالة تأزيم الوضع الداخلي العراقي وإضعاف الحكومة والعراق وربما الإطاحة بحكومة المالكي مهما يترتب على ذلك من تداعيات.
لا أطرح ذلك من الفراغ ولمجرد التكهن. لقد إعترف النائب عن إئتلاف العراقية الدكتور جمال الكيلاني، في تصريح له، بتأثير التدخل الخارجي على مواقف بعض الكتل السياسية. كنت قد ناقشتُ هذا التصريح في مقالي المذكور أعلاه؛ ولخطورة مسألة التملص من عقد المؤتمر الوطني المنشود فلا بد من تحديد المسؤول عن إدامة الأزمة ليكون الجمهور العراقي على علم بما يجري وعساه أن يتخذ الموقف المناسب في الإنتخابات القادمة المحلية والبرلمانية. لهذا رأيت من المناسب جداً إعادة نشر المقال المذكور فيما يلي أدناه:
إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة
محمد ضياء عيسى العقابي
صرح القيادي في إئتلاف العراقية النائب السيد جمال الكيلاني لوكالة كل العراق [أين] بما يلي:
" نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق "(1).
هذا إعتراف صريح بعدم قدرة إئتلاف العراقية على تجاوز الإستجابة للتدخلات الخارجية للسعودية وتركيا وقطر وشركات النفط، وهي الجهات المتورطة جداً بالتدخل في الشأن العراقي عبر إئتلاف العراقية بالأساس.
وإذا طرح السيد الكيلاني بأن إيران، هي الأخرى، تتدخل في الشأن العراقي عبر التيار الصدري، فأقول هذا صحيح ولكنه ليس السبب الذي منع ويمنع وسيمنع الصدريين من التصويت لصالح السيد أياد علاوي وهو بيت القصيد (الذي يتمناه الصدريون مناكفة ونكاية بإئتلاف دولة القانون وزعيمه السيد المالكي). السبب يعود، بتقديري، إلى أن الصدريين يتخوفون من خسارة تأييد معظم ناخبيهم إذا ما صوتوا لصالح السيد علاوي لأن هذه الجماهير، شأنها شأن الجماهير الديمقراطية العراقية عموماً، لا تؤيد السيد علاوي ورفاقه من الطغمويين(2) لأنهم متهمون بمساندة الإرهاب ومحاولات تعطيل التنمية والإعمار والمصالحة الحقيقية وبالتالي تدمير العملية السياسية بالكامل.
لقد سبق السيدَ الكيلاني زعيمُه الدكتور أياد علاوي بخصوص عدم التمكن من حل الأزمة حينما صرح الدكتور أياد بأن النقاط السبعين المدرجة في ورقة الإصلاح المعدة من قبل التحالف الوطني "تتطلب سبعين سنة لبحثها". هذا كلام الإصرار العنيد وليس كلام رأي وإجتهاد جادين.
أما دعوة السيد الكيلاني، في نفس التصريح، السياسيين في العراق الى " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق "، فهي تؤكد، مرة أخرى، أن السيد الكيلاني كحال زملائه في إئتلاف العراقية، لا يرغبون في أن يستقر العراق بل يواصلون ما إتهمتهم به الجماهير أي محاولة تدمير المسيرة الديمقراطية. فهم يريدون حل جميع مشاكل العالم صغيرها وكبيرها وتصفيرها بالكامل حتى تنتفي الحاجة لوجود منظمة الأمم المتحدة، قبل حل القضية العراقية التي لا تتطلب، في واقع الحال، سوى قدر بسيط من الأمانة والوطنية والنزاهة والإخلاص من جانب ما تبقى من إئتلاف العراقية. وإلا فما العلاقة بين الإضطراب السوري والأزمة العراقية؟ إلا أللهم إذا عول البعض على نجاح الإرهاب في إختطاف الثورة السورية والبدأ بحملة الكوفة كما وعدنا بها الشيخ عرعور الوهابي السوري القاطن في السعودية.
أراهن على أنه لولا الخوف من فضح دسائس بعض قياديي إئتلاف العراقية في التآمر على وطنهم حسبما هددهم به الرئيس السوري بشار الأسد، لشهدنا اليوم المهرجانات والخطب الرنانة والدعوات النارية بحجة الثورة السورية متهمين موقف الحكومة العراقية بالمنحاز لمجرد أن هذا الموقف يدعو إلى تلبية المطالب الديمقراطية للشعب السوري عبر الحوار السلمي بين السوريين تحت رقابة الأمم المتحدة الصارمة، بدل تدمير الدولة السورية وهي دولة الممانعة العربية ضد الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة بدفع وتأييد شركات النفط.
ختاماً، فلنتأمل التصريحات التالية المنقولة عن نائب الموصل السيد زهير الأعرجي(3):
"وأضاف النائب عن العراقية الحرة خلال تصريح صحافي، الثلاثاء، ان بعض الجهات السياسية ومنها زعامات كتل سياسية تدعم ما يحصل الآن في سوريا، وانها ستطرح فكرة انشاء الاقليم السني للمحافظات الغربية في العراق بعد سقوط النظام السوري.
وقال الاعرجي أن هناك اشارت واضحة بأن محافظتي الانبار ونينوى التي تقع ضمن الشريط الحدودي للعراق مع سوريا ستعانيان اضطراباً أمنياً عقب سقوط الأسد. "
هذه هي الحسابات التي تحول دون حل الأزمة السياسية في العراق.
ـــــــــــــــــــــ
(1): التصريح منشور في موقع "عراق القانون" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21013
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): تصريحات السيد زهير الأعرجي منشورة في موقع عراق القانون على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21024
788 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع