جولة في سوق كبار السن في دهوك
قصص وهموم وذكريات ودروس وعبر من تجارب الحياة
هل المتقاعد في البيت يكون مصد را لاثارة المشكل والازعاج؟
دهوك/جمال برواري*:لا ينتهي دور الانسان عند سن معين فكلما تقدم في السن اكتسب الخبرة والحنكة وزهت الدنيا في عينه خاصة اولائك الذين كان لهم دور بارز واقل ما نقدمه لهؤلاء هو الاحساس بهم وتقدير دورهم .
(وقضى ربك الا تعبدو الا ايه وبالوالدين احسنا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما )
صدق الله العظيم
لقد كرم الله وعظم الشرع حرمة النفس واعتنى بها وخص بها بالرعاية والعناية بكبار السن واحترامهم وتوقيرهم ورعايتهم والبربهم وقد جاء ذكر الشيخوخة باعتباره اخر ايام العمر في القران الكريم (ومنكم من يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا) .
في دهوك تجولنا في سوق كبار السن الذين يفترشون الارض ومنهم جالسون على الكراسي الخشبية امام البسطيات وهم يعرضون بضاعتهم لبيع السبح النادرة والسكاكين القديم النفيسه والساعات القديمة والانتيكات .
التقيت بعدد منهم وجلست معهم مستمعا الى ذكرياتهم وعبر تجارب حياتهم .
كبار السن لديهم من الوقت الكبير ان يقضي المسلم معظم اوقاته في العبادة والتقرب الى الله تعالى ولكن يظل المسن لديه وقت فراغ فهم من يلجأون الى قضاء اوقات فراغهم في المقاهي او عمل ما يقضي اوقات فراغه الممل .
سلمت على احدهم وستأذنت منه ان اجلس بجانبه سألته عن اسمه ومواليده ؟
محمد برواري مواليد 1931
ماذا تفعل هنا ؟
الا تراني اني ابيع السبح وتراني كل يوم هنا اقضي اوقات فراغي والتقي باصدقائي هاربا من اجواء البيت .
حدثنا ياعم عن بعض مشاهداتك وما تتذكره ؟.
اذكر دهوك كانت مدينة صغيرة وكانت كلها بساتين وكروم العنب والسيارات كانت كانت قليلة اذكر حجي خالد كان لديه لوري يحمل البضائع من الموصل الى دهوك والعمادية وبالعكس ،اذكر شاهدت الملك فيصل ونوري سعيد والملك غازي اذكر كان كيلو اللحم بربع دينار وماعون تمن مع اللحم بدرهم.
عاملت العم محمد على سبحة قال لي بخمسة الاف ثم تراجع وقال لك بثلاثة الاف شكرته ولم اشتري السبحة !!.
بيار مزوري يبيع الساعات والسكاكين القديمة وبعض الاحجار النفيسة وجهاز مسجل يلفت انظار المتجمهرين رافعا صوت الجهاز باغنية فولكلورية كوردية قديمة ...سألته ما اسم هذه المطربة ..انها مطربة كوردية مشهورة من كوردستان تركيا اسمها حنيفة هنا المسنين اصدقائي يحبون الاغاني القديمة تذكرهم بايام شبابهم ..
سألته عن اسعار الساعات ؟
لكل ساعة سعر واغلى ساعة بعتها كانت بخمسين الف دينار .
العم افدل عبدالرحمن :انا اتي هنا وفي هذا السوق فقط لالتقي باصدقائي ونتبادل الاحاديث ونستعيد ذكريات الماضي الجميل وايام الشباب ولا تخلو تلك الايام من هموم ومصاعب الحياة الحياة كانت صعبة ولقمة العيش كانت صعبة ولكن كانت لذيذة .
العم برموس عبدالله :انا تلقاني كل يوم هنا هاربا من ضجيج الاطفال ومشاحنات (العمة والجنة ).
العم لزكين احمد ريكاني :انا هنا لست محتاجا انا متقاعد وابنائي يحترمونني فهم غير راضين ان ابيع السبح هنا ولكني لا استطيع بدون عمل هنا اقضي اوقات فراغي والتقي باصدقائي واتعرف على الناس .
العم سلمان صديق :هذه المقهى ملتقى المسنين فهم هنا يتبادلون الاحاديث والذكريات لكل واحد منهم قصة وعبرة من تجارب الحياة.
نقاش حاد بين اثنين وتجمهر عدد من المسنين حولهم كل يحاول ان يعلن ان ان بضاعتة افضل ..سليمان الذي جاء من كوردستان تركيا وامامه وعاء كبير من الجبن الكوردي (بيزة) واالاخر من دهوك .
العم حسن حسين دوسكي ..سالته عن صلة القربى في ايام زمانهم والان ؟اجابني متحسرا وبعمق ..للاسف انعدمت صلات القربى في هذا الزمان كنا نتبادل الزيارات ونتعاون فيما بيننا وكنا نتفقد بعضنا ونمد يد العون انا اتالم الان واتحسر لتلك الايام للاسف اليوم الاخ لا يتفقد اخاه !!!سألته وما السبب؟اجابني السبب لا اعلم هل الزمان ام الانسان ام تطور التكنلوجيا الكل مشغولون بهذا الجهاز الذي يسمونه الانتنيت والموبايل وهذا الذي اكره (الفيسميس)الشباب مدمنون به وانا اعتبره ادمانا ويخرب النفوس ؟؟؟
+العم سلمان محمد سليم ..عندما كان والدي يتكلم معي كنت لا استطيع ان ارفع راسي امامه احتراما له واوامره يجب ان تطاع وعلى مائدة الطعام كنا لا نجلس قبله ،اما الان اختلت الموازين الابن يقف امام والده ويناقشه ولا يطيع اوامره ..الا ترى ان هذا خللا وهل الخلل فينا ام في الزمان للاسف اقولها مرة اخرى !!!
العم ئافدل عبدالرحمن :
اذكر هنا في دهوك كانت تجري مقايضة سلعة بسلعة وقلما كانوا يستخدمون النقود كما اذكر كن هناك عطارون متجولون يتجولون في القرى والارياف لعرض يضاعتهم وبيعها كما اذكر كان فيدهوك مستوصف واحد بجانب قصر كمبلان وفي عام 1930 كانت في دهوك سيارتان واحدة من السيارتين كان لصاحبه اورو واذكر اول احتفال نوروز كان عام 1959وشوارع دهوك كانت تضاء بالفوانيس ثم تطور كهرباء وتوليد الطاقة الكهربائية كانت بواسطة ماكنة طحن الحبوب ويتذكر العم ئافدل المطرب الكوردي الكبير محمد عارف جزراوي وكان يعمل ختان للالطفال .
والعم مصطفى عمر يذكرنا بثورة ايلول ويقول ان هؤلاء الكبار السن كان اكثرهم يحملون السلاح في صفوف البيشمركة وكانو مقاتلين اشداء ويفتخرون ببطولاتهم ولكل واحد منهم قصة وبطولة .
وانا اغادر سوق المسنين تذكرت انني واحد منهم بلغت من العمر وشعوري نفس شعورهم هكذا هي الحياة .
حبذا لو ان الجهات الحكومية تلتفت الى هؤلاء بتخصيص مكان لبناء مركز خاص ترفيهي لهم يقضون فيه هوياتهم مثل المطالعة ومزاولة هوياتهم وضرورة الاهتمام بهذه الشريحة التي قدمت الكثير من العطاء .
4407 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع