مَشاهِدْ مِنْ الْإعْجازُ الْعِلْمِي في القُرْآن الْكَرْيمِ في جَبَهاتِ القِتْال

                                           

     

  

                      

   مَشاهِدْ مِنْ الْإعْجازُ الْعِلْمِي في القُرْآن الْكَرْيمِ في جَبَهاتِ القِتْال

 

مقدمة
الحَمْدُ لِلْهِ على نِعَمِهِ وأَفْضالِهِ ‏، وعَلْى رَأْسِها دِينَهُ الَذْي بَعَثَ بهِ رَسْوُلُهُ الْخاتِم‏ْ (‏ صَلْى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَم‏ْ)‏ الذي لا يرتضي من عباده ديناً سِواه‏ُ ، بعد أن أتَمَهُ ‏، وأَكْمَلَهُ ‏، وحفظ  القرآن بنفس لغة الوحي كَلِمَةَ كلِمَة‏ ، وَحَرْفاً حَرْفاً على مدى أربعة عشر قرْناً وإلى أن يرث الله ‏(‏ تعالى )‏ الْأَرْضُ ومن عَلَيْها‏...!!
تَتَرَسَخُ في الذاكِرَةُ مَشْاهِدَ يومية في الحياة خِلالَ تجوال الإنسان في مناطق مختلفة من العالم مُخَيَراً أو مُرْغَمَاً لا يدرك مغزاها لحظة حدوثها وبمرور الزمن تُعْيدُ الذاكرة عرض تلك المشاهد في وقت يكون الإنسان فيه قد بَلَغَ مرحلة متقدمة من العمر أو الإستقرار الإجتماعي أوالنفسي ،
وَلِما كان ذلك له علاقة  بمشاهدات مرت في حياتي منها  مايحتاج الى تفصيل لا يتسع له المقام‏ ،‏ لذا فسوف أْقصِرُ الحديث ، وأُوْرِدُ بعض الجوانب العلمية لبعض آياتِ الْذِكْرِ الحكيم ، لنعيش في ظِلالِها ونرى عَظَمَةُ الخالق سُبْحانَهُ وَتَعَالْى ، والناظر في القُرْآن الْكرْيمِ يَلْحَظُ وُجْوهَاً كَثْيرَةً من وُجْوهِ الإعجاز الذي يؤكد بما لا يدع مَجْالاً لِلْشَكِ على أن هذا القُُرْآنَ هو كلامُ الله الخَالِدِ فَكُلُ آيَةٍ تُمَثِلُ مُعْجِزَةً قائِمَةَ بحَدِ ذاتِها في الْتَعْبِيرِ عما في هذا اَلْكَوْن مِنْ أَسْرارْ.
سُوۡرَةُ الرَّحمٰن
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ (١٩) بَيۡنَہُمَا بَرۡزَخٌ۬ لَّا يَبۡغِيَانِ (٢٠) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢١)

           


مشاركة الفوج الأول لواء المُشاة الأول في حرب حزيران في جبهة قناة السويس سنة 1967
أولاً. قبل فترة قصيرة مرت علينا الذكرى 47 لنكسة حرب 5 حزيران سنة 1967  في هذا المقال لا أشرح سرد مشاركة الفوج في هذه الحرب وإنما أَذكر إحدى مشاهد الإعجاز العلمي في القرآن الكريم كما وردت في آيات القرآن الكريم 19  و 20 و 21 من سورة الرحمن الْمُبَيَنَةِ في أعلاه التي شاهَدْتُها شخصياً في  بحيرة التمساح في مدينة الإسماعيلية في جبهة قناة السويس .
ثانياً. كنت آمراً للفصيل الثاني السرية الأولى فوج المُشاة الأول ( فوج موسى الكاظم ) نُسِبَ الفصيل للدفاع عن بناية هيئة قناة السويس المؤلفة من إثنى عَشْرَةَ طابقاً الواقعة على بحيرة التمساح في مدينة الإسماعيلية ، تبلغ مساحة البحيرة حوالى 14 كيلومترمربع ، وتشتهر البحيرة في أن الله تعالى أغرق فيها فرعون وقومه والمنطقة التي غرق فيها فرعون لازالت مياهها تَفْوُرُ إلى اليوم وتسمى ب ( نافورة فرعون) .

  

ثالثاً. توجد في مدينة الإسماعيلية  تُرْعَة سُمْيَتْ بإسم ترعة الإسماعيلية تأخذ الماء من نهر النيل الذي يجري من الجنوب إلى الشمال عكس أنهار العالم الأخرى من شمال مدينة القاهرة جنوب سد القناطر الخيرية مروراً بمدينة الزقازيق ، يُحاذي هذه الترعة طريق (الإسماعيلية – القاهرة ) الزراعي قبل وصول الترعة إلى مدينة الإسماعيلية  يتفرع منها فرع  يتجه شمالاً إلى مدينة بورسعيد والفرع الرئيسي يسير وسط المدينة وينتهي ببوابة تتحكم في تصريف المياه العذبة ، تقع البوابة يسار بناية هيئة قناة السويس وهو المكان المسؤول فصيلي للدفاع عنه ضد تسلل الضفادع البشرية الإسرائيلية من بحيرة التمساح ، يبلغ طول هذه الترعة أكثر من 100 كيلومتر.
رابعاً. كانت توجد شجرة وارِفَةِ الظلال فوق بوابة نهاية ترعة الإسماعيلية
، كنا نجلس تحتها أنا والملازم فليح عبد الحسن شرارة آمر فصيل ضد الدبابات ب 10 حيث تنساب مياه الترعة العذبة القادمة من نهر النيل إلى بحيرة التمساح ولغرض قضاء الوقت قمنا بشراء سنارات لصيد السمك لفت إنتباهنا حركة السمك الصغير الحجم بطول 10 سنتيمتر من إتجاه مياه بحيرة التمساح إلى المياه المنسابة من ترعة الإسماعيلية  وبالعكس من مياه الترعة إلى مياه البحيرة وكنا نشاهد دخول السمك الصغير من إتجاه المياه العذبة إلى إتجاه المياه المالحة لمسافة لاتزيد على 50 سنتيمتراً بعدها يعود السمك بسرعة مضاعفة إلى المياه العذبة وكأنه يصاب بصعق كهربائي ونفس الشئ بالنسبة إلى السمك الْمُتَجِهْ من المياه المالحة إلى المياه العذبة ، كل سمكة تعيش في البيئة التي نَشَأَتْ  فيها بعد فقس البيض ولاتعيش في غَيْرِ بِيئتِها الْمُعْتادةِ عَلَيْها ، لا تُشاهِد أي تمييز بالنظر بين مياه النيل العذبة وبين مياه بحيرة التمساح المالحة هذه المشاهدة أَبْلَغْ بُرْهانْ على ماوَرَدَ في الآيات القرآنية الكريمة (مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ (١٩) بَيۡنَہُمَا بَرۡزَخٌ۬ لَّا يَبۡغِيَانِ (٢٠) فَبِأَىِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢١) صدق الله العظيم .
وهي إشارة قرآنية دقيقة إلى حقيقة علمية مؤكدة لم يدركها العلماء المتخصصون إلا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في أثناء رحلة الباخرة البريطانية‏ ( جالنجر) أو التحدي‏ ( 1872 – 1876 ) ، إكتشفوا إن الماء في البحار المتجاورة‏ ، وَحَتْى في البحر الواحد يتمايز إلى العديد من البيئات المتباينة في صفاتها الطبيعية والكيميائية‏ ، والتي تلتقي مع بعضها البعض دون إمْتِزاجِ كامل‏ ، فَتَبْقى مفصولة على الرغم من إختلاطها وتلاقي حدودها‏ ، وذلك لِمْا للماء من خصائص مَيَزَهُ بها الخالق‏(‏ سبحانه وتعالى‏).
ظاهرة علمية غريبة
خامساً. فور بدأ الحرب صدرت تعليمات من القيادة العسكرية في مدينة الإسماعيلية بعدم السماح للصيادين بصيد السمك من بحيرة التمساح وأُعْتُبِرتْ البحيرة مسرح عمليات لتواجد القوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية لبحيرة التمساح إستلم الفوج واجب الدفاع على بحيرة التمساح قبل منتصف شهر تشرين الأول سنة 1967 أي بعد مرور أربعة أشهر ونصف من تأريخ منع الصيد في البحيرة خلال هذه الفترة تكاثر السمك وكَبُرَ حجمه ، حيث تشتهر بحيرة التمساح بأسماك  "الدنيس" و"الطوبار" التي تُعَدانِ من أشهر أنواع الأسماك في العالم .
 في أحد الليالي التي أصبح فيها القمر بدراً وأنا أترصد البحيرة بناظوري الشخصي لاحظت ظاهرة غريبة هي طوفان السمك على سطح ماء البحيرة وقد شَكَلَ مَنْظَرَاً رائِعَاً حيث إنعكس ضوء القمر بإتجاه الأعلى ، حقيقة إلى اليوم أجهل سبب طوفان السمك على سطح الماء عند بلوغ القمر بدراً ، حبذا لو أحد الأخوة القراء من ذوي الإختصاص يشرح لنا هذه الظاهرة .
سُوۡرَةُ الواقِعَة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ (٦٣) ءَأَنتُمۡ تَزۡرَعُونَهُ ۥۤ أَمۡ نَحۡنُ ٱلزَّٲرِعُونَ (٦٤)


لواء المُشاة التاسع عشر في نال باريز في قاطع بنجوين سنة 1984
سادساً. سبق أن شرحنا طبوغرافية منطقة القاطع الدفاعي للواء المُشاة التاسع عشر في منطقة نال باريز قاطع بنجوين سنة 1984ونُشِرَ المقال بعنوان تجربتي في قيادة لواء مُشاة في زمن الحرب كان يوجد في الجناح الأيسر الراقم 1654 وقمة الراقم صخرية جرداء لايوجد فيها حفنة  تراب ، في موسم الربيع منتصف نيسان سنة 1984 شاهدت على عدد أصابع اليد نبتات تنمو في الشقوق بين الحجر لم تجلب إنتباهي في حينه بعد مرور ثلاثة أيام أو أكثر وخلال زيارتي التالية شاهدت هذه النباتات أزهرت بلونين مختلفين لون أحمر قاني ولون بنفسجي غامق رؤيتها تُسْحِرُ الناظر إليها لعدم وجود أزهار مُشابهَة لها في المكان والقاطع ، دفعني الفضول لإقتلاع إثنتين كل واحدة من لون  من المكان بواسطة حربة بندقية تعود لأحد جنود حمايتي بعد حفر مايقارب 25 سنتيمتراً شاهدت جذر هذه النبتة عبارة عن بصلة بحجم  فسقة البصل الأحمر عند بداية زراعته ، هَيَأْتُ لها علبة معجون فارغة مَلَئْتُها بالتراب الأحمر وسقيتها بالماء وكلي أمل أنْ أقومُ بنَقْلِها إلى حديقة داري عند التمتع بالإجازة الدورية لكن بعد أقل من 48 ساعة لاحَظْتُ عليها علامات الذبول وبدأت تتساقط أوراق أَزْهارِها وما أن مضت 72 ساعة حتى تيبست أوراقها وخاب أملي بها ، السؤال من الذي جاء بهذه الأبصال إلى هذا المكان ؟ وكيف نمت بين الحجر؟ ولماذا أزهرت كل بصلة بلون يختلف عن البصلة الأخرى ؟ عِلْمَاً إن أوراقها مُتَشابهَةَ ولاتختلف الواحدة عن الأخرى  !
من فعل هذا ؟ أإلْهٍ مع الله ؟ ! الطبيعة الصماء ؟ ، والصدفة العمياء !! ؟ أم أنه الله سبحانه وتعالى رب كل شَئِ ومليكه ، الذي أعطى كل شئْ خلقه ثم هدى.
كل هذه الصفات ومثلها آلاف المرات أودعها الله سبحانه وتعالى تلك البذرة أو الحبة الصغيرة والتي تحمل من الجينات الوراثية ما يزيد عن الكلمات الموجودة في  أي موسوعة علمية عشرات المرات وما يعجز القلم عن كتابته ، إنَ الله سبحانه وتعالى بقدرته وعظمته ، شق هذه الصخور الصلدة وفتتها وجعلها لَيْنَةَ وسهلة ، يستطيع الجذر الضعيف أن يشقها ويخترقها وأن يتوغل فيها ، مُصَدِقاً لقول ربنا سبحانه وتعالى : (ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً )  (‏ سبحانه وتعالى‏).

سُوۡرَةُ البَقَرَة
بِسۡمِ ٱللهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ

ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَلِكَ فَهِىَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةً۬‌ۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ‌ۚ وَإِنَّ مِنۡہَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُ‌ۚ وَإِنَّ مِنۡہَا لَمَا يَہۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِ‌ۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ (٧٤) ۞


لواء المُشاة التاسع عشر في لسان ميشاف في قاطع بنجوين سنة 1988

سابِعاًً. قبل نهاية الحرب العراقية الإيرانية بفترة لاتزيد على الشهر كُلِفَ لواء  المُشاة الخامس ولواء المُشاة التاسع عشر ولواء المُشاة 36 تحت أُمرة قيادة فرقة المُشاة الرابعة بواجب تطهير لسان ميشاف في قاطع بنجوين في مدينة السليمانية من دنس الجيش الإيراني ، (هذه المعركة سبق  أن نشرت الكاردينيا مقال بعنوان  معارك ) ( مُحَمَدْ رَسُولُ اللهِ ) القسم الثالث  بتاريخ  26  تموز 2013
ليس بحثنا عن المعركة بل عن مشاهدة علمية في هذه المنطقة شاهدتها شخصياً كان الكتف الأيسر لِلِسان ميشاف يتكون من سلسلة جبلية وَعِرة جداً يبلغ إرتفاعها ما يقارب 3000 مِتْرَاً في أحد الأيام كنت في زيارة إلى مقر الفوج الأول الذي يبلغ الوقت المستغرق للوصول إليه من أقرب مكان تصل إليه العجلة الواز حوالي  ساعتين تسلق السلسلة الجبلية التي يتواجد فيها مقر الفوج  بعد تفقد مقر الفوج والوقوف على الصعوبات التي يعاني منها  جنود الفوج وصعوبة الإدامة اليومية وكيفية تذليلها .
ثامناً. في طريق العودة إتَجَهْتُ بشكل لا إرادي إلى المنطقة المشجرة تجنباً من حرارة شمس شهر آب اللهاب في المناطق الصخرية كانت السلسلة الجبلية  مُشَجَرَة وبعد مَسْيرٍ يُقارِبُ الساعة عثرنا على عين ماء ينساب منها الماء العذب مُشَكلِاً مَجْرَاً طَبيعياً بِعُرْضِ أقل من متر وبعمق لايتجاوز 15 سَنْتيِمِتْرَاً درجة نقاوة الماء عالية جداً ودرجة حرارته تقارب 5 درجات مئوية وطعمه لذيذ ، شربنا من الماء حتى إرتوينا وخلال الجلوس لأخذ قسط من الراحة والتمتع بمنظر الماء ومشاهدة الحصى أسفل الماء بأَلْوانِهِ الْطَبيعيِة قد أبالغ بالقول إن الحصاة الواحدة لا تشبه الأخرى التي إلى جوارها كأنك تشاهد لوحة فسيفساء من خلق الله سبحانه وتعالى هذا المنظر متوقع في عيون الماء في المناطق الجبلية من خلال مشاهداتي السابقة في المنطقة لكن الغير متوقع هذه المرة لم يكن في بالي لأن عين الماء على إرتفاع لايقل عن 1500 متر، شاهدت سمكة في الماء تتسلق نحو الأعلى طولها لايقل عن 30 سنتيمتراً وأجزم إن وزنها لايقل عن كيلوغرام أو أكثر إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار درجة إنكسار الضوء للأشياء داخل الماء قدْ يقلل من حجمها الطبيعي إنْتابَتْني لحظة  تفكر شَديْدة بقدرة الخالق سبحانه وتعالى عن كيفية وجود هذه السمكة بهذا المكان المرتفع ، كيف جاءت إلى هذا المكان ومن نقلها إليه غير قدرة الله الواحد الأحد التي زادتنا إيْماناً به ( سبحانه وتعالى ) ،
كل ما جاء بالقرآن الكريم حق وصدق والموجودات والظواهر وَالْسُنُنْ الكونية تطابق الإشارات العلمية القرآنية وهي بتلك المطابقة تثبت وَتُؤَكِّدُ مصداقية القرآن في حديثه عن الكون وكافة المخلوقات ، كما تُعْطْي للإعجاز الإستمرارية كلما تكشف أمْرَاً في الكون وكان مطابقاً للإشارة العلمية بالقرآن الكريم .
بارك الله لَنا ولكم في القرآن العظيم ونَفَعَنا وإياكم

 اللواء فوزي البرزنجي
7 / 6 / 2014

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع