هذه قصة حقيقية عشتها بنفسي وبأذن الله أنقلها الكم بكل أمانة من غير زيادة أو نقصان..
بعد ما ،حكمت (ست سنوات) بتهمة سياسية نقلوني من المخابرات الى سجن أبو غريب و حصرا في قسم ( الأحكام الخاصة ) يعني قسم السياسيين.
هناك شفت العجب عشرات المسؤلين من وزراء و صحفيين ومدراء عامين وقادة عسكريين و طيارين و محامين و أطباء و تجار وكسبة و طلاب جامعات من عرب وكورد و تركمان ومسيحيين وايزيديين ... الخ.
ورا سنة فد يوم طلبوني من الأدارة واذا بمفاجئة حيث اخبرني مدير القسم:
- شوف أخي جلال الجماعة من المخابرات جايين ياخذوك وياهم لكون راح يعيدون محكمتك!!.
بالحقيقة الخبر نزل على راسي كالصاعقة.. لأنه أعرف كلش زين اعادة محكمة سلاح ذو حدين أما يخففون الحكم أو يجوز تروح بيها!!.
قبل ما أروح وية رجال المخابرات رجعت للقسم لأخذ بطانية وياية وهناك انطوني كم باكيت جگاير و تمر حتى أنطيها للناس هناك بالأخص للدكتور ابراهيم البصري.. (كان معتقل في الحاكمية / المخابرات منذ سنوات بأمر من الريس) گالولي بلكي يخلوك بالقاعة اللي بيها البصري ، واذا لاء انطيها للنزلاء هناك بيها ثواب..
المهم وأنا بالبيجامة أخذوني ثنين أفندية وصعدوني بسيارة وأنطلقوا بي الى المدينة حيث دائرة الحاكمية أي ( المخابرات) في شارع ٥٢ مقابل دائرة الجوازات.
الشىء الذي أبعد القلق عني نوعما هو أحدهم وعلمت فيما بعد أسمه ( سفيان) أخبرني بأنه لاداعي للقلق ستسمع أخبار سارة وحلفلي وگال صدگني ما مجبور أكذب عليك!!.
ولكن ياترى شلون أصدگة والرجل ما يعرفني و لا ملتقي به من قبل!!؟؟.
المهم وصلنا للحاكمية و طلبت من (سفيان) و ترجيته أن يخليني بالقاعة اللي بيها الدكتورابراهيم البصري من غير تردد گال تدلل .. تعالوا ودوا بالقاعة (رقم ٥٢ ) وهذه قاعة كبيرة تقع في الطابق الأخير من البناية.
دخلت القاعة واذا بعشرات لابل أكثر من هذا الرقم موجودين.
دخلت سلمت عليهم.. استقبلوني و كنت أعرف كم واحد بيهم وبدأوا بالأسئلة عن أبو غريب والوضع العام وألأخبار وكل شىء لكونهم في هذا المكان منقطعين عن العالم الخارجي تماما!!.
كثيرون دعوني أجلس معاهم ولكن الأكثر اصرارا كان الدكتور ابراهيم البصري ولهذا الدكتور قصص عجيبة سأتناولها يوما ما.
طبعا كانت أكبر فرحة من عرفوا الشباب جايبلهم جگاير و تمر.. تصوروا كل أربعة أشخاص بجگارة يدخنوها بالحمامات حتى لا ينكشفون وأنروح بيها كلنا!!.
بقيت هناك ، و كل يوم كنت أنتظر يا ترى شوكت ينادون أسمي و يأخذوني للمحكمة*؟؟
من بين الموجودين كان( اللواء الحقوقي راغب فخري**) مدير الدائرة القانونية في وزارة الدفاع لسنوات طويلة وهو شخصية معروفة جدا بالأخص للعسكريين ضباط و مراتب.
عرفوني عليه كان رجل كبير العمر قصير القامة حلو الكلام و لكنه كان خايف جدا.. وكان يكرر بأستمرار:
- هالمرة ماكو خلاص يعدمني صدام حسين يعدمني ..
فد يوم سألتة گلتلة:
- عمي ليش هالأصرار على قرار اعدامك.. يجوز الريس يعفو عنك بعده القرار بالرئاسة ليش ما تتفائل؟؟.
رد على و هو يباوع بعيوني وگال:
_ شوف وليدي أني أستحق الأعدام.. قبل سنة هم شتمت صدام.. سجنوني ومن سمع الريس عفى عني فورا
وهالمرة هم عدتها ولكن اللي مايخافون من الله أمسجلين صوتي.. ولكن من أگولك أنعدم مو بسبب شتمت صدام حسين!!!.
- لعد شنهو السبب؟؟ ليش؟؟.
گال : اسمعني زين هذه القصة ما حاچيها لبني بشر وصار عقود تاكل وتشرب وياية وأشعر بذنب چبير و اني متأكد الباري ينتقم مني بسبب عملي هذا..
في زمن حكم الزعيم عبدالكريم قاسم (سنة 1959) كنت (المشاور القانوني) بالفرقة الثانية بكركوك و كنت برتبة ملازم أول قانوني .. وكان أكو عقيد ركن معتقل بالفرقة.. وكان عليه حكم رمي بالرصاص و لكن كنا ننتظر الأوامر.. وكان بأمكاني تنفيذ الأمر أو الأنتظار ..كان أكو كلام بأنه ممكن يصدر قرار عفو بحقه!.
فد يوم وصلت برقية من وزارة الدفاع بأطلاق سراح هذاك العقيد.. ولكن الشيطان لعب براسي وقررت أنفذ بحقه الأعدام!!.. شسويت؟؟ ضميت البرقية و شكلنا فرقة أعدام ونفذنا بحقه الحكم فورا..
راد صاح يا معودين متأكد راح تجي برقية بالعفو عني ولكنني رفضت كل توسلاته وعدمناه!!.
طبعا بعدين صار سين وجيم وتشكيل لجنة تحقيقية بس أني كنت حاسب حسابي طلعت منها مثل الشعرة من العجين ..!!!
بس وراها والى اليوم ضميري يأنبني و كل هالسنوات أشوفة بالحلم ويعاتبني بشدة..أعيش بكوابيس كل ليلة..
لذلك متأكد بأنه هالمرة لازم أنعدم بسبب ما فعلته مع هذاك العقيد الركن الشاب الوسيم صاحب زوجة و طفلين!!...استاهل الأعدام الف مرة أني مرتكب جريمة كبيرة بحق انسان بريئ!!.
وفعلا بعد عودتي الى ابو غريب سمعنا بأن اللواء الحقوقي راغب فخري أنعدم وموبس هذا وهم ياخذوا للأعدام بالطريق من خوفة أنطاكم عمره بسكتة قلبية ..
يشهد الباري هذه القصة عشتها بنفسي و رواها لي المرحوم راغب فخري ولايمكن أن انساه.. وأنا وغيري متأكدين هنالك ميزان عادل سميته حق العدالة السماوية وتطبق عالجميع..وما يفلت منها بني بشر..
أودعناكم أغاتي والى سالفة أخرى بأذن الله
رئيس التحرير
*المحكمة كانت داخل بناية الأمن العامة( محكمة أمن الدولة) تشكلت بعد الغاء محكمة الثورة في تلك الفترة كان يرأسها اللواء/ عجيل العجيلي.
**في تلك الفترة كان اللواء راغب محال عالتقاعد وعنده مكتب محاماة مع مجموعة من زملائه.
919 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع