مفخرة عراقية ...باني مستشفى مرجان في بابل
هكذا كان في العراق رجال يعملون من اجل بلدهم ومدنهم وخدمة ابناء مدينتهم ولا يفكر ان يجني ثمار الخير من الاخر غير رضا الله عنه والمجتمع ولا يكنز المال من اجل الاحتكار والتباهي به علي الاخرين وانا اذكر جيدا في مدينة كركوك ان هناك تجار وموسرين قاموا ببناء مدارس علي حسابهم الخاص وتسليمها الي الدولة من اجل نشر التعليم لابناء مناطقهم وهم بسعادة تامة لهذه الانجازات والان تحول الاغنياء الي حيتان تلهم اموال الشعب ويسرق اموال الدولة ويغش في العمل والبناء من اجل ان يحصل علي مزيد من الارباح اين نحن من هولاء الكرام الافذاذ الذين خلدوا انفسهم باحرف من نور في سجل التاريخ ولا اهمية الموضوع احببت ان انشر هذه المعلومة الطيبه ليطلع ابناء العراق علي مأثر الاجداد والافتخار بها والاقتداء بهم
ياسين الحديدي
رجل البر والتقوى الحاج عبدالرزاق مرجان (1882-1970) اول مسلم عراقي يتبرع بأنشاء مستشفى كامل وعلى نفقته ِ الخاصة !
وهو المرحوم الوجيه الحاج عبد الرزاق جواد آغا مرجان (1882م- 1970م ) ولد في الناصرية وانتقل الى الحلة بعد وفاة والده ودرس في كتاتيبها ...
قام بأعادة أعمار مسجد النقطة في حلب وتأسيس كهرباء السيدة زينب ع وأعمار مساجد داخل الحلة وتشييد مسجد العباسية في الكوفة وغيرها من الأعمال الخيرية منحه الملك فيصل الثاني وسام الاستحقاق وذلك لتشيده مستشفى مرجان في الحلة عام 1957م
ومستشفى مرجان تبلغ مساحته 45 دونم القطعة 6/93/9/7/5 وردية
وضع الحجر الأساس المرجع الديني الأعلى الأمام السيد محسن الحكيم قدس سره في عام 1953 م
الافتتاح الروحي: السيد محسن الحكيم في 1957/3/15
الافتتاح الرسمي :جلالة الملك فيصل الثاني في 1957/3/23 م
ولبناء المستشفى قصة رواها الباحث عماد عبد الوهاب مرجان ذكر فيها ان جده عبد الرزاق قد اصيب بمرض التدرن، وكان في حينها من الامراض الخطيرة القاتلة التي لا شفاء منها الا ارادة الله سبحانه وتعالى، وتم عرضه على اطباء بغداد ثم رقد معه في المستشفى في بغداد ولكن دون جدوى حيث بقى عبد الرزاق طريح الفراش اكثر من سنة.
وبعد ذلك سافر عبد الرزاق الى لبنان وسكن في داره في مدينة فالوغا في لبنان، وبعد مراجعة الاطباء في مستشفيات لبنان تم شفاؤه، ففكر ببناء مستشفى خيري في لبنان، فاختار لذلك الموقع الصحي المناسب المطل على وادي حمانا في جبل لبنان المشهور بطيب هوائه، وبعد ارتفاع البناء لما يقارب المتر اعترض بعض المسؤولين هناك ومنهم النائب اللبناني نجيب صالحة، باعتبار ان هذا المستشفى يشيد في منطقته الانتخابية، وسوف يؤثر على الاهالي في موسم الاصطياف ولهذا الغي البناء.
وبعد رجوع عبد الرزاق الى العراق قدم دعوى تعويضية على الحكومة اللبنانية مطالباً تعويضه عن الاضرار التي الحقت به. وبالفعل كسب الدعوى، وشاءت الاقدار ان يبيع ارضه بعد عدة اعوام باربعة اضعاف سعرها السابق. وبعد تطور الطب في العراق قرر ان يكون بناء هذا المستشفى في الحلة مدينته التي احبها.
وبعد ان اختار الارض التي قرر ان يقيم عليها المستشفى وهي محاذية للجهة الشرقية من نهر الحلة، بدأ بالبناء عام 1954. كانت مساحتها الكلية تبلغ 25.000م2، اما مساحة البناء فقد بلغت 6000م2. وقد شمل البناء طابقين متماثلين بالتنسيق بافخم بناء واحدث طراز، ضم اثنتي عشرة ردهة وقاعات للعمليات ومكاتب للادارة وداراً للاطباء واخر للممرضين. وقد بلغت تكاليف انشائه 120 الف دينار. وهو مبلغ كبير جداً في ذلك الوقت يدل على كرم هذه العائلة وسخائها.
وما ان اوشك بناؤه على الانتهاء حتى بعث عبد الرزاق مرجان برسالة الى وزير الصحة الدكتور محمد حسن سلمان يخبره ببناء المستشفى. وان البناء اوشك على الانتهاء كي تتسلمه الجهات الصحية الرسمية.
وقد اجاب وزير الصحة رداً على هذا العمل الخيري بكتاب موجه الى عبد الرزاق مرجان معلناً قبول وزارته لهذا الصرح الحضاري والانساني وامر بتأليف لجنة استشارية تتعهد بتأثيث المستشفى وتجهيزه وادامته.
وفي يوم 21 آذار 1957م افتتح المستشفى ملكُ العراق فيصل الثاني وولي العهد عبد الاله كما وحضر الافتتاح نوري السعيد وعبد الوهاب مرجان ورئيس مجلس الاعيان وعدد من الوزراء والمتصرفين وحشد من الاطباء، فضلاً عن مشاركة خمسة آلاف مدعوا من مختلف انحاء العراق.
كان يوم الافتتاح يوماً مشهوداً من ايام الربيع، حيث عزفت الموسيقى ونشرت الورود ولبس الطلاب والطالبات من مدارس الحلة ملابس الكشافة واصطفوا خطين متقابلين من شارع بغداد حتى الباب الداخلية للمستشفى وكانت حناجرهم تصدح بالاناشيد الوطنية.
وما أن حلت الساعة العاشرة من صباح يوم الافتتاح حتى ازدحمت حدائق المستشفى بالمدعوين وبدأت الكلمات تعبر عن وجهة نظر اصحابها ومنها كلمة الدكتور عبد الامير علاوي وزير الصحة الذي اشاد من خلالها باسرة آل مرجان المخلصين لتشيدهم هذا المستشفى.
وقد القى عبد الوهاب مرجان كلمة شكر بها ملك العراق وولي عهده لافتتاحهما هذا المستشفى. كما القى عبد الله بكر رئيس الديوان الملكي كلمة الختام جاء فيها "امرني سيدي صاحب الجلالة الملك المعظم ان اعلن لكم ان الملك فيصل امر بمنح الحاج عبد الرزاق مرجان والحاج عبد العباس مرجان وسام فيصل من النوع المدني ومن الدرجة الثالثة تقديراً لخدماتهما الخيرية".
وذكر شهود عيان ان موائد الغذاء كانت حافلة وعامرة بكل مالذ وطاب وكانت الاهازيج الشعبية تعانق عنان السماء، فكان ذلك اليوم بحق يذكره الحليون بفخر واعتزاز.
وقد خلد عدد من الشعراء تلك المأثرة الكبيرة، ومنهم الشاعر الشيخ محمد علي اليعقوبي فعندما تدخل الباب الرئيس للمستشفى وتتجه نحو بنائه فستطالعك قصيدة
كتبت بالنقاشات على واجهة مدخل المستشفى مؤرخاً هذا الاثر الجليل قائلاً:
هذا هو الاثر العظيم الخالد
منه عليه للخلـود شواهـد
طالت به الفيحاء آفاق السما فحنت عليه الشهب وهي سواهد
من آل مرجان الأْلى بأكفهم شرعت مناهل للندى وموارد
يمضي الزمان وبابل تفنى وذا تاريخه اثر ببابـل خالـد
وانبرى الشاعر الحلي المعروف محمد علي النجار مؤرخاً انشاء هذا الاثر بهذه الابيات:
تخط الاجيال في صفحة الـخلد سطوراً مدارها من نور
هكذا تخلد الرجال مع الدهر وتغنى العصور بعد العصور
يوم شاد الوجيه ابو الوهاب مبنى يفوق اسمى القصـور
وبعد ثورة 14 تموز 1958م رفعت الدولة اسم آل مرجان من على واجهة المستشفى ووضعوا مكانها اسم (مستشفى الشعب). ولما وصل الخبر الى عبد الكريم قاسم رفض هذا التصرف وامر بارجاع اسم آل مرجان على واجهة المستشفى اكراماً لهم، وبقي مستشفى مرجان للامراض الصدرية عامراً الى يومنا هذا.
ولايفوتنا أن نذكر أن المرحوم عبد الرزاق مرجان هو والد السياسي المعروف عبد الوهاب مرجان الذي شغل عدة وزارات في العهد الملكي ونائبا ثم رئيساً لمجلس النواب مرات عديدة ورئيسا لوزراء العراق عام 1957م ....
رحم الله المحسن الوجيه الحاج عبد الرزاق مرجان وأسكنه فسيح جناته
وختامنا مسك بقوله تعالى (ومايلقاها إلا ذو حظ عظيم)
توفي منتصف ليلة 30 (كانون الاول) عام 1970 م ودفن في مقبرة اسرته ِ في مدينة النجف .
منقول من صفحة حيدر الطائي من الحلة
569 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع