قانون الحشد الجديد يثير مخاوف من تأسيس "حرس ثوري عراقي"

إرم نيوز:رأى محللون وخبراء أن مشروع تعديل قانون هيئة الحشد الشعبي في العراق يحمل أبعادًا سياسية وأمنية تتجاوز الإطار التنظيمي.

وأضاف الخبراء، أن المشروع يثير مخاوف من تحويل الهيئة إلى كيان موازٍ للقوات المسلحة، ذي صلاحيات مستقلة وتأثير مباشر في النظام السياسي.

وكان مجلس النواب العراقي أنهى القراءة الثانية لتعديل قانون هيئة الحشد رقم 40 لسنة 2016، وهو المشروع الذي أثار انقسامًا حادًّا داخل البرلمان، ولا سيما بعد انسحاب نواب من كتل سنية وكردية، وسط اتهامات بأن القانون يسعى إلى تكريس نفوذ الفصائل المسلحة داخل الدولة العراقية.

بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي غالب الدعمي، إن "قانون الحشد الشعبي الجديد إذا تم تمريره، سيمنح الهيئة صلاحيات تتيح لها التدخل في بنية النظام السياسي العراقي".

 وأضاف الدعمي أن "من بين المواد هناك نص واضح يقول إن الحشد الشعبي يتولى الحفاظ على النظام السياسي، وهذا نص قابل لتأويلات متعددة".

وأردف لـ"إرم نيوز" أن "هذا البند قد يُستخدم لتحريك الحشد نحو تغيير نتائج انتخابات، أو التأثير في تشكيل الحكومة، أو قمع أي حراك لا يتناسب مع العقيدة التي تتبناها أغلبية قياداته".

 وحذّر من أن "الحشد، وإن كان يُفترض أن يُقاد من قبل القائد العام للقوات المسلحة، إلا أن هناك تأثيرًا مزدوجًا يحكمه وهو القيادة الرسمية، والثاني هو العقيدة، وهذه الأخيرة -كما نعلم- لا تتفق مع رؤى مكونين أساسيين في البلاد هما السنة والكرد".

ماذا يتضمن القانون؟

وتتضمن النسخة المعدلة من القانون بنودًا جديدة لم تكن موجودة في قانون 2016، من بينها تأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد، وتنظيم داخلي يعتمد على تشكيل أفواج وألوية وهيئات إدارية وفنية، إضافة إلى اعتبار الحشد كيانًا دائمًا ضمن المنظومة الأمنية، مع صلاحيات مشابهة للوزارات السيادية.

وتزامن هذا المشروع مع محاولة الحكومة تمرير قانون "الخدمة والتقاعد" الذي يخص قادة الحشد، إلا أن القانون الأخير جرى سحبه من قبل رئاسة الوزراء بعد اعتراضات من قيادات في الهيئة، اعتبرت أن القانون يهدف إلى إحالتهم إلى التقاعد، وإقصاء أسماء نافذة داخل الهيئة.

تساؤلات عن تضخم الأعداد

من جهته، قال الخبير الأمني عبدالغني الغضبان، إن "قانون الحشد الشعبي لعام 2016 كُتب عندما كان الحشد لا يزال هيئة قتالية محدودة العدد، أما الآن فهناك تضخم في الأعداد ونفوذ غير مسبوق لقيادات سياسية وعسكرية داخله".

وأضاف الغضبان في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "كلا القانونين يواجه اعتراضات واسعة، ليس فقط من الأطراف السنية والكردية، بل حتى من داخل الشيعة أنفسهم، خصوصًا أن القانون الجديد يتعامل مع الحشد كجيش موازٍ وليس كقوة مساندة".

قبل فوات الأوان.. الحشد الشعبي يطالب الحكومة العراقية بتعزيز دفاعاته

 وتابع الغضبان، أنه "لا ينبغي نكران تضحيات المقاتلين الحقيقيين في الحشد الذين حاربوا الإرهاب، لكن التضخم بعد التحرير، وارتفاع العدد من 100 ألف إلى أكثر من 250 ألفًا، يطرح أسئلة عن طبيعة هؤلاء المجندين، ومن أين جاؤوا، ولماذا؟"، داعيًا إلى "حماية حقوق المقاتلين، لا استخدام القانون لتكريس نفوذ شخصيات جاءت بعد انتهاء الحرب".

قلق أمريكي

وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، صدر مؤخرًا فإن مشروع القانون الجديد يثير "قلقًا بالغًا لدى واشنطن"، لأنه يعيد تعريف الحشد الشعبي كقوة ضامنة للنظام السياسي، وهو تعريف مشابه للدور الذي يلعبه الحرس الثوري الإيراني في إيران.

ويقول التقرير إن "المسودة المعدلة تُكرّس وجود الحشد كمؤسسة موازية للجيش، لها صلاحية التحرك داخليًّا وخارجيًّا وفقًا لِما يقرره قادتها، وتمنحها سلطات تتجاوز حتى بعض الأجهزة السيادية".

ويحذر التقرير من أن "هذه الصيغة الجديدة، إذا مررت، فستجعل من المستحيل لاحقًا تفكيك الحشد أو دمجه كليًّا، لأنه سيكون قد اكتسب شرعية تشريعية تمنحه وضعًا قانونيًّا دائمًا".

وبحسب التقرير، فإن تمرير مشروع القانون بصيغته الحالية "قد يدفع واشنطن إلى اللجوء إلى خيارات أكثر صخبًا، مثل فرض عقوبات مباشرة على الحشد ككل، وهو ما ستكون له تداعيات مالية واسعة على العراق، نظرًا لارتباط الحشد بالموازنة الرسمية".

بغداد تبحث "صفقة" مع واشنطن تنهي أزمة رواتب "الحشد الشعبي"

 ويأتي هذا الجدل في وقت يتهيأ فيه العراق لإجراء الانتخابات العامة؛ ما يثير تساؤلات حول توقيت طرح القانون، وما إذا كان الهدف منه إعادة هيكلة الحشد أم تثبيت حضوره السياسي ضمن منظومة الحكم.

ويرى مختصون أن تمرير القانون بصيغته الحالية سيمنح الحشد الشعبي موقعًا يتجاوز دوره العسكري، ويجعله طرفًا في المعادلة السياسية والأمنية؛ ما يعقد العلاقة بين السلطات الدستورية، ويقوّض جهود حصر السلاح بيد الدولة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

767 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع