لبنان زمان واليوم , دولة تحوي كل شئ !!! وفي أصغر مساحة ممكنة !! المسافة بين البحر والجبل لاتزيد عن نصف ساعة بالسيارة !!الفرق بين السباحة والمناخ الشتوي في الجبل لا تزيد عن مسافة الذهاب من بغداد الى اللطيفية!!بلد فيه كل شئ (نفسك وما أشتهت) !! وحركة الحياة فيه مثل خلية النمل النشطة!!
بلد كانت فيه مصايف شهيرة أولها عاليه وبيسينها (بيسين نزاكة لبنانية باللغة الفرنسية تعني المسبح ) , وهو مكان تجمع المطربين من كل الدول العربية صيفا( ناظم الغزالي , فريد الاطرش , سليمة باشا , عبد الحليم, محرم فؤاد , وردة , فيروز , صاحب شراد , داخل حسن ,حضيري أبو عزيز , سميرة توفيق ,حمدية صالح, صباح , زهور حسين ,عوض دوخي , وديع الصافي , طروب ومحمد جمال , طوني حنا , صباح فخري , هيفاء حسين (مطربة عراقية), أحلام وهبي, سمير يزبك, وعصام رجي وغيرهم .)
كانت عاليه تغص بالسواح العرب والخليجيين بصورة خاصة , وبنسبة أكبر كثيرا من العراقيين ..
بأتجاه الجنوب من عاليه والى الطريق الى سوق الغرب , توجد كازينو عين الرمانة الشهيرة والمحاطة بأشجار التفاح والعنب والتين وجهاز الكرامفون بربع ليرة ..
ثم مصيف عين السيدة الذي كان مقرا صيفيا دائما لعدد من البيوتات والعوائل العراقية, وفي فندقيه المتميزين الرويال وعين السيدة , وتملك الفندق الأول وتديره عائلة قشوع الشهيرة في تلك المنطقة وأتذكر منهم المرحوم جان والسيد كميل ,, كان فندقا متميزا بكل شئ , في موقعه البعيد المطل عل مطار بيروت الدولي والبحر , وأحاطته بأشجار الصنوبر والتفاح وحتى قمة الجبل حيث كازينو عين السيدة .
تم تدمير هذا الفندق كليا مع الفندق الاخر والعديد من المباني الجميلة أثناء الحرب الأهلية والعدوان الأسرائيلي على لبنان سنة 1982 ...
بقيت متحسرا وأنا أرى ذلك الحطام وتلك المنطقة الجميلة بعد ثلاثة وأربعين سنة من أخر زيارة, ومع ذكريات لا تزال محفورة في ذاكرتي مع أغنية أنت عمري للمرحومة أم كلثوم !!!
بعد عين السيدة نصل الى مصيف سوق الغرب وفندقه الشهير ( حجار ) والذي أصبح ركاما هو الاخر !!!
كانت هي المنطقة والممتدة الى بيت الدين وقصرها ( العاصمة الصيفية للبنان اليوم ), ودير القمر الجميلة ( عاصمة جبل لبنان القديمة ), وكل جبال الشوف مناطق مختلطة على مر الزمان , تم حصول مذابح مخزية بين طوائفها المختلفة أثناء الحرب الأهلية وسياسة التهجير القسري!!لي معرفة بطبيبة مسيحية لبنانية ومن عائلة كريمة في سوق الغرب فقدت عائلتها بالكامل, والبالغ عددهم تسعة عشر فردا في الحرب الأهلية وقد نجت من المذبحة كونها كانت تدرس الطب في بيروت .
اليوم تبكي كلما تكلمنا عن ذكرى تلك المنطقة , ولهذا السبب فهي تخص العراقيين بمحبة خاصة كونهم عانوا كما عانت هي وعائلتها ...( لعن الله كل من يحاول تجزأت البلد وأهله ) ...
الى الجنوب من سوق الغرب توجد عيتات ووادي بيصور( جنة الله في الأرض ) , وعدد من القرى الجميلة ,والى غربها بأتجاه البحر بشامون وكيفون ومن ثم الشويفات وعرمون .
بالعودة الى أتجاه الشرق من عاليه وفي الطريق الى الشام , سنمر بمدينة بعلشمية ثم مصيف بحمدون الشهير ,
المكان المفضل لأغلبية العراقيين , وتنقسم بحمدون الى جزئين , بحمدون المحطة , وبحمدون الضيعة ,,, الأولى هي المزدحمة وفيها عدد كبير من الفنادق كان أشهرها الكرمة, والساحة, وسبلينديد, وخير الله ( الأخير متعاقد مع عدد كبير من العراقيين كرسته وعمل لمدة نصف قرن من الزمان ) .. حيث أصبح محلة قديمة من محلات بغداد !!!! كذلك توجد فيها عدد من السينمات ودور اللهو البريئة وغير البريئة !!! أما أشهر كازينو فيها ومقر العراقيين فوق سن الخمس و الاربعين عاما ,فهو كازينو أبو الشامات التراثي الرائع .
كذلك كازينو ومطعم الأرلكان ذو الطوابق الثلاثة المتوزعة على الأعمار والمهمات !!!! ومحلات جميلة أخرى , كالأكستاز وغيرها...هنا أتذكر( عركة) كبيرة بين العراقيين والكويتيين سنة 1972 حيث حاول عدد من الكويتيين التحرش بفتاة عراقية كانت تمشي مع شقيقها في الشارع الرئيسي , فحدثت مشادة بينهم تدخل عدد من الكويتيين لمساعدة جماعتهم , وأشبعوا المراهق العراقي ضربا (ولية مال مخانيث),,,,أستدعى هذا الأمر تدخل كل العراقيين الشباب في بحمدون حيث تم أجراء اللازم للمعتدين ومن أتى معهم ( صار طشارهم ماله والي ) , مما أستدعى تدخل الفرقة 16 اللبنانية لمكافحة الشغب وبسياراتها البونتياك الستيشن السوداء والبيضاء , وللتأريخ وقف رجال هذه الفرقة بجانب العراقيين..مما أستدعى لاحقا مغادرة معظم الكويتيون ( أناثا وذكورا ) وبالهرولة , مصيف بحمدون في اليوم التالي , وتدخل سفارات البلدين لفض الأشتباك وحل تلك المشكلة..!!!!!
أما بحمدون الضيعة فهي أقل ضجيجا , وملتقى حقيقي للمتقاعدين العراقيين و في فندق الصخرة الشهير الذي هو من أملاك عائلة خير الله أيضا ... حيث كانت هنالك سيارات ثلاث ليموزين من نوع كاديلاك 1954 سوداء , تابعة للفندق ولنقل النزلاء من بحمدون المحطة الى الضيعة حيث مقر الفندق وعلى مر ساعات اليوم .
الان بحمدون تحاول أعادة بريقها ولو بصورة بطيئة وبعد تدمير عدد من فنادقها ومرافقها أثناء الحرب الأهلية والعدوان الأسرائيلي .
بأتجاه الشرق والشام سنمر بحمانا وشاغورها العلوي والسفلي...وهي مصيف مفضل للعراقيين أيضا وكذلك فالوغا ... الشاغور العلوي (الشاغور هو الشلال المائي باللبناني) , توجد كازينو بديعة داخل فندق تراثي وقد أستضاف العديد من المطربين وفي احدى حفلات سمير يزبك وعصام رجي , كنت أنا ومجموعة من الأصدقاء حاضرين ..وبعد أنتهاء الحفلة و مع أشراقة الشمس ,نزلنا الى بيروت عن طريق أستغرق أكثرمن ثلاث ساعات بدلا من ساعة وعبر غابة بولونيا وبكفيا ( رحنا نتريك تكة )!!! وفي سيارة الفيات 127 المستأجرة من قبلي بما يعادل دينارين عراقيين يوميا !!!( مثل واحد يذهب من بعقوبة الى بغداد عن طريق الكوت وبدرة وجصان !!) ولأسباب لوجستية معروفة !! .
باتجاه الشرق وبنفس الطريق وعلى مسافة قريبة, تحل صوفر الجميلة , وفندقها التأريخي العظيم ( فندق صوفر الكبير) ...المكان المفضل لعرسان العراق في الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات !!! تم تدمير هذا الفندق أيضا مع كل الأسف كونه يحمل تأريخا عربيا أيضا . .
ثم نتجه نحو ظهر البيدر أعلى قمة , ليبدأ الطريق بالنزول الى سهل البقاع الجميل ومفرق زحلة شتورة ...
زحلة معروفة للقاصي والداني بمقاهيها وبأنتاجها الشهير جدا المسمى بأسمها !!!حيث تعرف( جي أم وبوينغ بأميركا ), والزحلاوي بزحلة ...
وبالاضافة لهذا الأنتاج المميز توجد المكملات من المزات اللبنانية وبكل ما لذ وطاب,وبالأضافة الى صوت وديع الصافي وأم كلثوم ( مساءا ),وفيروز صباحا .
لا تزال زحلة أقل ضررا من بقية المناطق بسبب موقعها الجغرافي وتركيبها السكاني .
أما شتورة فهي المدينة الكبيرة الأولى التي يدخلها القادم من الشام (كأنه قدم من العالم الثالث الى العالم الاول) , حيث كان مطعم ومقهى بديعة مصابني ( راقصة شهيرة أستاذة تحية كاريوكا وملهمتها ),أفتتحت هذا المطعم بعد توبتها وتحولها من حزب علماني الى حزب أسلامي لاحقا !!!!
أحسن ترويئة ( ريوك بالعراقي في هذا المطعم ) ,,
حيث أنواع الألبان والمربيات والمعجنات والتي لا تتوفر حتى في أفخر فنادق الدرجة الأولى وبأسعار شبه مجانية...المقهى الان مهجور ومهمل ومتضرر , الان توجد العديد من المطاعم المشابهة والعائدة الى عوائل شتورة,تقدم وتبيع أعداد لا يستهان بها من الاجبان والمربيات والألبان المصنعة محليا..
( عددت أكثر من ستين نوعا من المربيات والعسل في أحد المطاعم !!!) , وتباع أيضا أفخر أنواع الزجاجات المعبأة بال!! البلدي الفاخر وبقوة ثمانية سلندر, وأنواع النبيذ الفاخر من أنتاج البقاع وكفريا .(أعتذر من الأخوة على ذكر بعض التفاصيل الدقيقة !!) .
بنهاية الجزء الثاني من لبنان أيام زمان , أتقدم بالشكر والتقدير لكل الأخوة الأفاضل المعلقين على الجزء الأول وللأخ الفاضل جلال چرمگا على تعزيزه بالصور الجميلة,والى لقاء قريب مع الجزء الثالث والأخير أن شاء الله .
للراغبين الأطلاع على الجزء الأول:
http://www.algardenia.com/ayamwathekreat/104-2012-08-30-07-25-26.html
4798 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع