صبري الربيعي*
الآن ..
أصبح واضحا ان (المالكي) ينبغي ان يرحل !..هذا ماعلنت عنه (الولايات المتحدة) ! بعد توقعنا وغيرنا ,ان هذاالإعلان جاء بعد (تفاهم) مباشر ,او ضمني بينها وبين (ايران) , ورغم رفض (المالكي) فكرة التخلي عن السلطة المدنية والعسكرية, ورفضه ان توصف سياسته بالطائفية ..هذه التطورات تجعلنا أمام اسئلة كثيرة خطيرة بحجم خطورة الأحداث الجارية ..
1: هل ان أياد علاوي وطارق نجم, في وضع قادرعلى ادارة رئاسة الوزراء ؟..الآراء تميل الى القول ان (علاوي ) لايصلح في هذه المرحلة لإدارة الدولة, "كما كان لايصلح لذلك في عام 2010 "من وجهة النظر الإيرانية والقوى السياسية الشيعيه ..الرجل علمانيا , وهي تريد شيعيا (دينيا) !
أما طارق نجم فتشير المعلومات," انه تمتع بخبرة مميزة في ادارة الدولة, حيث كان وراء كثير من القرارات التي رفضها (المالكي) , فضغط عليه (نجم) لإقرارها , وهو يتمتع بشخصية تصلح لهذه المسئولية, كما ان له امتدادات واسعة في العراق وخارجه ,من دول الإقليم العربية والأسلامية" !
الصورة القاتمة !
2: الى اين سيتجه العراق فيما اذا أصر (المالكي) وعاند (الولايات المتحدة الأمريكية) ورغبة غالبية العراقيين من (الشيعة) والأطراف السنية والكردية ؟..الذي يلوح في الأفق تدخل عسكري ايراني في (الموصل ) , وزج للميليشيات الشيعية المعدّة . وتدخل مقاتلي (حزب الله) المؤهلين للقتال , فيما تبقى عين المحلل مركزةعلى الدور التركي, الذي مثل ركنا أساسيا اقيمت عليه خطة السيطرة على (الموصل ) , اذ يؤشر الواقع ان دخان تخلي( تركيا) رضوخا للقرار الدولي في التخلي عن ( الموصل ) بموجب معاهدة (سايكس بيكو) الذي كان خامدا بفعل ظروف الحرب الباردة ,قد تأجج الآن لدى (اردوغان) وذ وي النزعة القومية , فيما طربت (السعودية) و(قطر) لما حدث في خا(لموصل ) ! حيث اثمرت الاموال والدعم اللوجستي والإعلامي فيي زعزعة حكومة (المالكي) ,رئيس وزراء ا لدولة العربية الوحيد الذي حكم العراق طيلة ثماني سنوات ,ولم يزور خلالها (السعودية) وذلك لسبب مذهبي كما اشار اليه (الملك عبد الله) !
في خضم حرارة هذه الأزمة الخطيرة التي الهبتها السيطرة على (الموصل) , قالت (اميركا ) انها لن تتدخل عسكريا على الأرض ! كما انها لن ترسل طائراتها الى المعركة المنتظرة ! هي ستقدم المشورة الفنية فحسب ! اليس هذا غريبا ,وهي ترتبط مع العراق باتفاقية امنية تلزمها في الدفاع عن من تعاقدت معه ؟ الاجابات عن تلك الأسئلة لن تأتي اليوم كاجابات واضحة حاسمة , الّا بعد ان نرى ..ما الذي سيحصل في ايام القريبة القادمة ؟..ففي الأمر غاطس كثير , وليس كل مايعلن يعبر عن الواقع !
ارواح بريئة تحت الأقدام !
اذن ..سيدخل العراق في صراع دموي جديد , لن يسلم منه أحد , وستسقط تحت اقدام المتقاتلين ارواح بريئة , ليست لها مصلحة في كل ذلك ! كما ستهدر الإمكانيات والأموال , وستقود التحالفات المرحلية الدولية والمحلية الى (تفتيت العراق ) , بعد ان دمر الإحتلال الأمريكي الغاشم مرتكزات بنائها كدولة جديثة ,وجهد العراقيين طيلة 90 عاما مضت ,منذ جاء الملك المؤسس (فيصل الأول) ,استجابة لما اتفق عليه الحلفاء في اعقاب الحرب العالمية الثانية ! وعلينا ادراك ان هذا الصراع سيفرض اوضاعا جديدة تماما ,من احداث (التقسيم بالقوة) واكسابه الشرعية القانونية والدولية ! وذلك بعد نجاح الأطراف العربية والدولية والمحلية في انجاز (التقسيم الناعم) الذي طالما حذرنا منه منذ عام 2007 لحد الآن !
ما الذي على (المالكي) فعله ؟
3: اليوم على (المالكي) ان يثبت مايدعيه في شعاراته عن وطنيته , وذلك بالإستجابة للضغط الدولي ولحقن دماء العراقيين وهدف انقاذ العراق , ربما ليغفر البعض له ارتكاباته بحق العراق والعراقيين , التي كانت سببا رئيسيا من اسباب تفتت العراق كدولة وشعب !
4: في جهة (السنة) , ومن خلال قيادات واعية جديدة يجب ان تظهر,على ان لاتكون قد لطخت بدماء العراقيين وكانت سببا من اسباب اشعال الفتنة . تتفهم الظروف الموضوعية الراهنة , وتبعد عنها القيادات السنية السابقة الفاشلة في ادارة ازمتها مع (المالكي)..تأتي الى تشكيل حكومة انقاذ برؤية جديدة متفهمة وعاملة على انقاذ العراق فعلا لا لفظا !
5: علينا الإعتراف بأن( ايران) دولة جارة للعراق, من خلال 1500 كم تحادد العراق من شماله الى آخر نقطة فيه ,وهناك مصالح اقتصادية مشتركة , كما ينبغي عدم تجاهل الروابط الإجتماعية بين ملايين العراقيين والإيرانيين ولكن ...! وهذه (الآكن) تنطوي على شرط جوهري, يتمثل ان تنظر (ايران) الى العراق ليس كحديقة خلفية,وان تتوقف عن تدخلها السافر في سياسات ومواقف بعض السياسيين المستحضرين للعلاقة المذهبية في ادارة الدولة والمجتمع . والتوقف عن تنفيذ مخططها المذهبي في التمدد في الدول العربية ,الذي يعد احد مظاهر الصراع الحقيقي في هذا الإقليم الملتهب , ويجري ذلك في مقابل توقف (المذهبية السعودية الوهابية ) عن مواقفها السياسية والمخابراتية , وتحويل تلك الأموال الهائلة التي تنفقها الى ملايين الفقراء في (السعودية والعالم العربي) , اذا كانت تدعي انها تعمل لوجه الله ! فهذا وجه الله ناصعا واضحا ! اما فيما يتعلق بالإمارات الخليجية فيجب ان تعود الى حجمها السياسي التأريخي, وان لاتدخل أنوفها في شئون العراق , فقد ذاق العراق منها الكثير من العدوان والأذى طيلة 60 عاما مضت ! وهم يعرفون رجال العراق جيدا , وان فرضت الظروف السياسية على العراقيين اليوم مواقف ونتائج, فان هذه المواقف والنتائج سوف لن تشكل عامل الإستقرار لهذه الدويلات على المدى البعيد ..فحركة التأريخ ترفع وتسحق ,ودنيا السياسة عالم متحرك,ربما لم يدركه عقل البعض من السياسيين الخليجيين , واستحضر هنا نص ما قاله لي امير (البحرين) الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مانصه " ياخوي ماطول العراك والسعودية اتفقوا حنّة العربان بخير" ! وقد نشر ذلك في كتابي (اوراقي في الصحافة والحياة ).
6: انا شخصيا لاأجد في فكرة حكم (الشيعة) منفردين فكرة تلائم العراق ! نعم ..ان في العراق أغلبية شيعية ! ولكن هذا لايؤهلها لحكم العراق من دون مشاركة حقيقية وفاعلة من المكونات الأخرى ,على قواعد دستور جديد, يولد ولادة قانونية وشرعية صرف , لانصوصا كتبت في ظل ظروف عاصفة ومتناقضة كان فيها رأي المحتل الأمريكي هو الملزم ,فيما كان السياسيون كقطيع أغنام أطرش !
اقول كل هذا ..منطلقا من رؤية سلامة العراقيين العراق أرضا وشعبا ,من دون كل الثانويات التي يحصر البعض انفسهم فيها !
فليرحل (نوري المالكي) ! وليفهم ابناء العراق ,ان سلامتهم في وحدة مواقفهم حيال هدف أسمى هو العراق !ومادون ذلك فيخضع للحوار الحقيقي, وتعزيز هدف الثقة , وهذا لايحدث من دون تولي القرار شخصيات مستقلة عن كل هذه المؤثرات والتأثيرات ..والله المعين في ان نرى العراق سالما ومعافى, ولعنة الله على كل من عمل لأذي العراق ,وهدر ثرواته واعاقة تطوره الإقتصادي والإجتماعي وفتت صلات شعبه !
ورود الكلام ...
اليوم قرأت (الفاتحة) على ابنة لي , أولدها العراق,شرعية,لها عقل وعاطفة, تعلي شأن العراق ,رغم مراهقتها التي جلبت عليها الكثير من المعضلات , ابنتي هذه أثارت الجدل , وصار لها أصدقاء ومحبين بل وعاشقين ..وانا ارقب بعين المحب وعدل العادل..الى أين ستصل ابنتي ؟ ومن وراء ابنتي ؟ ولماذا تستسهل ابنتي هذا المسار الصعب ؟ في وقت انبطحت زميلات لها تحت سلطة الدولار!
اسئلة كثيرة تدور في ذهني عن ابنتي ,,فقد اغتيلت , قتلت وأهلها المنافقون يتفرجون ليقولوا لنا انهم مجانبون لقول الإمام علي بن ابي طالب ع, "لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه" ,فلم تستوحش ابنتي طريق الحق وجاهرت به ,وهذه فضيلة تغطي على غيرها من صغائر الخطأ الظاهرة في مسيرتها !
رحمة الله ومغفرته لك ياابنتي (البغدادية )!
* رئيس مركز الدراسات العربية والأوربية
1068 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع