صبري الربيعي
في عام 1964 ارتأيت مع كل من الزميلين زيد الفلاحي (رحمه الله) وسجاد الغازي سكرتير تحرير (جريدة الثورة العربية) , (أمد الله في عمره) مباشرة حملة لتقويم نشاطات (المؤسسة العامة للسينما والمسرح) , التي كانت تحت إدارة الأستاذ حقي الشبلي (ابو المسرحيين العراقيين)..
ورغم الإحترام الكبير الذي نكنه نحن الثلاثة ومعنا قطاع المثقفين العراقيين للشبلي , الا أننا وقفنا على رغبة عارمة لدى الفنانين العراقيين , في ان تتبنى المؤسسة مؤازرتهم في جهودهم ,من حيث توفير عوامل الإنتاج واستمرارية وتطوير فعالياتهم الفنية , وكان لمدرسي معهد الفنون الجميلة دور كبير في تلك الحملة , حيث استهدفنا جميعا احداث التغيير نحو الأداء الأفضل في (المؤسسة العامة للسينما والمسرح), نظرا لكونها المؤسسة الحكومية الوحيدة التي يمكن لها التأثير الإيجابي في مساعدة الفنانين , من حيث تقديم القاعات المسرحية للفرق المسرحية من دون كلفة , والكتابة الى الجهات المعنية لإعفائهم من رسوم (الملاهي) ,التي كانت تثقل كاهل الفرق المسرحية , بالإضافة الى رسوم الإعلانات ! متبنين مواقف اساتذة ( معهد الفنون الجميلة) الطامحين, فيما يتعلق بما كانوا يؤشرون من سوء ادارة المؤسسة التي ترأسها حقي الشبلي …وقد كانت حملتنا تحت شعار (اعمال مؤسسة السينما والمسرح جعجعة من دون طحن) مؤثرة الى درجة كبيرة , حيث أثارت غضب الشبلي , الذي بحث عنيّ طويلا من دون جدوى , حتى (ضبطني) في ( معهد الفنون الجميلة) لدى الأستاذ أسعد عبد الرزاق عميد المعهد , إذ وجدته مغاضبا , معاتبا , بمرارة لم أحتمل تأثيرها عليّ , وأنا أجد هذا الطود الشامخ يتألم منيّ , أنا ابن التاسعة عشرة , ولذلك نحّيت نفسي الى جانب الأستاذ اسعد عبد الرزاق (ربما احتماء به), وبعد مداعبات معروفة عن أحد أشهر ظرفاء بغداد ومثقفيها الأستاذ عبد الرزاق , تم الاتفاق على زيارتي للأستاذ الشبلي في دائرته للاستماع الى وجهات نظره , و(دفاعه) عن مؤسسته .. وفعلا تم ذلك اللقاء بعد عدة أيام في مكتب الشبلي ضمن بناية (المسرح القومي ) في (كرادة مريم )….لقد كان عتاب الشبلي موجها أيضا الى تلامذته , متخذا من اغنية حضيري ابو عزيز”ربيتك زغيرون حسن .. ليش أنكرتني ” ؟ مدخلا لعتابه , ورغم حرارة المناخ القائضة في تلك الساعة , أصر على النزول من مكتبه و مرافقته الى قاعة (فرقة الفنون الشعبية), للقاء اعضاء الفرقة بوجود (قمر خانم) الخبيرة الروسية الأذربيجانية, مع اجراء جولة في مكاتب المؤسسة للإطلاع على بعض المعلومات .
لقد تركت تلك الحملة , تأثيراتها النفسية الموجعة ,على رائد المسرح العراقي وعميده حقي الشبلي ..ولكنها الصحافة التي تبحث عن منافذ للنقد والتصحيح والتقويم .
4790 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع