جودت هوشيار
يحتفل العالم في 21 شياط / فبراير من كل عام بـاليوم العالمي للغة الأم ( ( International Mother Language Day )
حيث يعاني عدد كبيرمن الشعوب والقوميات اضطهادا للغتها الأم و تجاهلاً لثقافتها و تراثها و تهديدأ لمحو هويتها . و هذا اليوم مناسبة للفت أنظار العالم الى هذه المعضلة ورفع الشكاوى والاحتجاجات بشأنها الى المنظمات الدولية المعنية .
و يقول علماء اللغة ان اللغة تكون معرضة للأندثار في اي مجتمع، أذا لم يتعلمها 30% من الأطفال .
وكانت منظمة " اليونسكو " قد أتخذت قراراً في 17 تشرين اول /اكتوبر عام 1999 بالأحتفال بهذا اليوم أعتباراً من عام 2000 من اجل تشجيع التعدد اللغوي و التنوع الثقافي .
ويرمز اختيار هذا التاريخ إلى اليوم الذي فتحت فيه الشرطة النار في مدينة دكا، عاصمة بنغلاديش حاليا، على تلاميذ خرجوا متظاهرين للمطالبة بالإعتراف بلغتهم الأم، البنغالية، كواحدة من لغتي البلاد الرسمية لما كان يعرف حينئذ بباكستان.
و قررت الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة أعلان عام 2008 عاماً دولياً للغات International Year of Languages) ) و عام 2010 عاماً عالمياً من اجل تقريب الثقافات ( International year for the Rapprochementof Cultures)
و تعد اللغات تعبيراً فريداُ عن ألأبداع البشري بشتى صوره و أشكاله وأقوى أداة للأتصال و التفكير و تلقي المعلومات ، و اللغة تصف رؤيتنا للعالم و تعكس العلاقة بين الماضي والحاضر و المستقبل ووسيلة أساسية لنقل و تطوير التراث غير المادي للشعوب.
وتحظى اللغة الأم باهتمام متزايد في الأوساط الدولية ولدى شعوب الأرض المضطهدة قوميا وثقافيا، وذلك لوجود روابط وجدانية قوية بين الفرد واللغة التي نطق بها كلماته الأولى، والتي يتم بها تكوين شخصيته ورؤيته للعالم .أما تعلم أي لعة أجنبية ، فأنه وسيلة للتعرف على رؤية أخرى للعالم .
وتشير إحصاءات منظمة "اليونسكو" إلى أن أكثر من 50% من الستة آلاف لغة المستخدمة في العالم، مهددة بالاندثار في نهاية القرن الواحد والعشرين، و96% من هذه اللغات لا يستخدمها سوى 4% من سكان العالم، ورغم أن 90% من لغات العالم ليست ممثلة على شبكة الأنترنيت،الا أن مواقع التواصل الأجتماعي مثل ( فيسبوك) و ( تويتر ) و حتى الرسائل النصية القصيرة يمكن أن تنقذاللغات النادرة المهددة بالأنقراض .
و في عشية الأحتفال بالذكرى السنوية الـ13 ليوم " اللغة الأم ". ، قالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، السيدة إرينا بوكوفا، إن "اللغة تعبر عن أفكارنا و مشاعرنا، وإن الوسيلة الوحيدة لضمان التعليم للجميع والتنمية هي قبول التنوع اللغوي ومكافحة التمييز، لذا يجب البدء في حوار حقيقي في هذا الشأن واحترام جميع اللغات .
إن اللغات هي الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور تراث الشعوب وتشجع على تطوير وعي أكمل للتقاليد اللغوية والثقافية في كافة أنحاء العالم كما ستلهم على تحقيق التضامن المبني على التفاهم والتسامح والحوار
ويشير الخبراء إلى أن العولمة الكاسحة تهدد 600 لغة في عالم اليوم بالاندثار، لأن أهلها غير قادرين على حمايتها في وجه إهمال أو أضطهاد الدول غير الديمقراطية.
و تعد إيران وتركيا وسوريا و الجزائر و المغرب من أكثر بلدان العالم التي تمارس الأضطهاد الثقافي و اللغوي للأقليات القومية فيها ، رغم توقيع هذه الدول على مواثيق الأمم المتحدة الخاصة بمنح الشعوب الحق في التعليم بلغة الأم.
و لعل أهم و أضخم أحتفال لمناسبة " اليوم العالمي للغة الأم " ، هذا العام كان في تركيا ، حيث خرج مئات الآلاف من كورد تركيا الي مراكزالمدن التركية الكبرى ( أستانبول ، أنقرة ، ديار بكر ، وان و غيرها ) رافعين المشاعل في تظاهرات و مسيرات جماهيرية حاشدة يمشاركة أعضاء " حزب السلام و الديمقراطية " BDR)) و العديد من منظمات المجتمع المدني و بضمنها منظمات حقوق الأنسان . و قد طالب المتظاهرون بالأعتراف بحق أستخدام اللغة الأم ، ورفعوا لافتات كبيرة كتبت عليها عبارات بلغات كافة شعوب تركيا " اللغة الأم – هي المدخل الى القلب "
، و جرى عقد العديد من المؤتمرات الصحفية و وتقديم العروض الموسيقية و الدبكات الشعبية و الحفلات الغنائية برعاية " KURDI – DER " ) Kurdish Language Research and Developnent Union )
و أصدر "حزب السلام و الديمقراطية " بياناً بهذ المناسبة ، قال فيه أن الجمهورية التركية ترتكب جريمة بحق البشرية عن طريق منع أستخدام أو وضع القيود على اللغة الكوردية و اللغات الأخرى غير التركية في البلاد .
و دعا الحزب الى وضع ضمانات دستورية لأستخدام اللغة الأم في كافة المجالات وطالب بالكف عن "سلوك" الأمة الواحدة ، اللغة الواحدة والثقافة الواحدة . كما طالبت كتلة الحزب في البرلمان التركي برفع القيود عن اللغة الكوردية وجميع اللغات الأخرى في تركيا .
جودت هوشيار
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
4698 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع