د.هاني سالم حافظ
علمتني الحياة
هناك مقوله قديمه تقول( من لم يعلمه الابوان،،،، علمه الزمان) والحياة مدرسة من لم يتعلم فيها لم يزدد الا جهلا وكثير من العباقره والمخترعين والمبدعين لم ياخذوا نصيبهم من الدراسات الاكاديميه او الشهادات العليا ولكنهم اضاءوا للبشرية بانتاجهم واختراعاتهم ولقد كان المرحوم جدي يحثني على الدراسه عندما دخلت كلية الطب بقوله ( هاني اريدك تصير طبيب مائه بالمائه لان نص طبيب يموَت ونص عالم يكفَر)وهو الذي لم يدخل مدرسه !! واني وقد تجاوزت من العمر سبع وسبعين عاما ارتايت ان اعرض للاحبة قراء الكاردينيا بعض الدروس التي تعلمتها من الحياة
1) تعلمت في طفولتي احترام الوالدين وحب العائله واحترام كبار السن وتعلمت الصدق في الاقوال والافعال
2) في المدرسة كان هناك صندوقا خشبيا مثبت على الجدار ومفتوحا من الاعلى وكتبت عليه الاية الكريمه ( إن الله يأمركم أن تأدوا الامانات الى اهلها) وكانت التعليمات ان من عثر على شيئ ليس له ان يضعه في هذا الصندوق ومن فقد شيئا يبحث عنه في هذا الصندوق ولا ياخذ شيئا ليس له وسبق ان ذكرت ان مرشد الصف كان ياخذنا بسفرات مدرسيه ويجمع الطعام الذي نجلبه ويضعه على بساط واحد وناكل من الاطعمه ما نشتهيه بغض النظر عما جلبناه فتعلمنا الامانة والايثاروالتعاون
3) في الخدمة العسكريه( الاحتياط): من اهم الاسس العسكريه هو الانضباط والطاعه واحترام ( المافوق) رتبة وموقعا واذا كان على العسكري الوقوف امام الآمر او القائد باستعداد شديد وعدم الحركه فما بالنا نقف بين يدي الله وشتى الافكار تشتت الخشوع والحركات المتتاليه والالتفات المستمر اثناء الصلاة ونحن نعلم ان الله اقرب الينا من حبل الوريد ويراقبنا في كل شيئ؟ الا نخجل من الله ؟
4) في الخدمة الطبيه تعلمت الصبر على الشدائد والآلام وشكر الله على نعمة العافيه فقد مرت علي انواع الحالات المرضيه وانا بصحة وعافيه فاشكر الله على العافيه ومن اشد ما اثر في نفسي هو مشاهدتي لعمليات جراحة القلب في مستشفى ابن البيطار( لست جراحا وانما كنت ادخل صالة العمليات احيانا بعد الاستئذان من الزملاء الجراحين) فترى المريض على طاولة العمليات يتحدث مع الجراح وبعد لحظات يدخل في غيبوبة التخدير وتبدا تحضيرات العمليه بتبريد الدوره الدمويه في جهاز خاص فيتثاقل القلب ثم يزرق المريض بمحلول خاص فيقف القلب عن الخفقان ويسجل تخطيط القلب خط الصفروبعد اتمام العمليه تعكس الدوره الدمويه لتدفئتها الى الحراره الطبيعيه فيبدا القلب المتوقف بالحركه ولكنها حركة متثاقله فيعمد الجراح الى اعطائه رجه كهربائيه ينتفض فيها القلب ويعود الى العمل كان شيئا لم يحصل فسبحان الله
5) واخيرا حكمة تتردد على السن الناس وهي ( اصرف ما في الجيب ياتيك ما في الغيب) وقد صدقت هذه الحكمة معي بشكل لم اتوقعه فبعد دخول العراق الى الكويت وبداية الحصار الاقتصادي على العراق اختفت السلع الاساسيه من الاسواق وبدانا نقف في طوابير طويله للحصول على الوقود او البانزين واخذ كل فرد من العائله يقف في صف حول المواد الغذائيه وبالكاد تحصل على حاجتك وبدانا بالاقتصاد وفي احد الايام رجعت من الدوام الوظيفي فاذا بزوجتي تقول ان فقيرا جاء يتوسل انه بحاجة الى اي شيئ فاعطته قليلا من السكر والدهن للوهلة الاولى عاتبتها وقلت انت تعرفين الوضع في البلد وانا اشتريت السكر والدهن بالامس بصعوبة ؟ ثم هدات نفسي وانتهت المشكله ولكن والله لم تمض الا اياما قليله وجاءني احد الاصدقاء الاعزاء الذين غادروا العراق الى امريكا منذ زمن طويل وبعد استقبالي له اذا به يخبرني انه جاء بقافلة معونة من امريكا الى العراقيين ووزعها وقد بقيت عنده زياده ( تنكة دهن وكيس سكر) هي لي هديه ولا تسال عن فرح زوجتي وعتابها لي ( شفت ؟ اصرف ما في الجيبب ياتيك ما في الغيب)..
339 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع