سيف الدين الألوسي
يعتبر الوقت من العوامل المهمة لتقدم الشعوب ونظام الحياة الحديثة خصوصا , فحركة الطائرات في المطارات وشركات الطيران تعتبر الألتزام بالوقت هو أحد الأسباب الرئيسية في نجاحها , كذلك في المواعيد والعمل يكون الألتزام بالوقت هو من الضوابط التي لا يمكن لأحد أن يحيد عنها مهما كانت المبررات
كان الألتزام بالوقت والدوام من الخصائص الموجودة في أنظمة الدولة العراقية وفي فترة الملكية وما بعدها بسنين , ولكن للأسباب والظروف التي مرت بالعراق بدأ التهاون مع الوقت يقل تدريجيا , حيث أخذ الروتين يتعاظم والتأخير في أنجاز الأعمال للمواطنين أصبح فن من فنون التعذيب السايكولوجي للمواطن !! فعند مراجعته للبنك أو لأحد الدوائر لأنجاز معاملته , يقوم بأنتظار الخاتون الموظفة لأنهاء لفتها من الفلافل , أو لأنتظار ضابط الجوازات لأكمال أستكان الجاي والجكارة, أو لأنتظار موظفي أجازات المرور من تكملة شياش التكة والمعلاك ومن بعدها أستكانات الجاي حتى يستعدل المزاج ليبدأ العمل .
اليوم مثلا الخطوط الجوية العراقية تمتلك العديد من الطائرات الحديثة ومعظمها مجمد عن العمل لعدم وجود الكادر التشغيلي , والأختصاصيون يعلمون مدى خسارة الطائرة البطالة وخصوصا اذا كانت من نوع بوينغ 777 !!! وكذلك بقية الطائرات الحديثة .
أما نظام العطل الذي أقره مجلس النواب العراقي الموقر , فهو يراعي التقدم العلمي السريع للبلاد ويواكب التطور العالمي للعمل من داخل المنازل كما هو موجود في اليابان , وكون العراق أكثر تطورا معلوماتيا وفكريا من هذه الدول التي تحاول تقليد العراق بنظامه هذا , وخصوصا أنها تعاني من زحامات مرورية وبنى تحتية ضعيفة ليست بمستوى العراق .
كذلك أن كثرة العطل وسد الطرق هي من الوسائل الحديثة والأبتكارات و التي سجلت بأسم العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد , وذلك لحث الناس على العمل ببيوتهم وأستعمال الدراجات الهوائية ورياضة المشي للتنقل , وذلك حفاظا على البيئة ولترشيق المواطنين وتخليصهم من أمراض العصر كالضغط والسكر والكوليسترول والكابة .
كذلك لا يعتبر عامل الوقت مهما للسيدات والسادة أعضاء البرلمان , حيث البلد في حالة تقدم ورخاء ولا داع لقوانين جديدة ومناقشات تعتبر مضيعة للوقت الذي يجب أن يقضي معظمه في ربوع لبنان وتركيا والأردن وغيرها من البلدان , وخصوصا أن الجماهير الزاحفة لأنتخابهم كانت تبتغي الحفاظ على صحتهم ونظارة وجوههم العذبة ..
وللأستفادة من الوقت , ولزيادة مزاولة الرياضة الصباحية للعراقيين فقد تمت أضافة مفردات ومستمسكات أخرى للمعاملات الرسمية حيث تتطلب مهم الركض السريع وعبور الجسور الفاصلة بين الكرخ والرصافة , ولأعادة تذكر القسم الكبير منهم الرياضة الصباحية في ساحات العرضات والأوقات الجميلة التي قضوها في مصايف ومشاتي جلات والطيب ونهر جاسم وبحيرة الأسماك والشيب وكردمند وتلول الله وأكبر وغيرها من المنتجعات السياحية .
بعد كل هذا تبين أن الأستفادة من الوقت في العراق هو مجرد أكذوبة , بنى عليها نيوتن وأينشتاين وماكسويل وراذرفورد نظرياتهم البائسة , وهنالك مقترح جديد قدمته أحد الكتل النيابية الموقرة بأعتماد السنة الضوئية في العراق بدلا من السنة الميلادية وأعادة أستعمال الساعة الرملية كونها الأدق والأفضل في الظروف الحالية التي يمر بها بلدنا من تقدم وأزدهار , كذلك تقدمت كتلة أخرى بأعتبار مستوردي الساعات سابقا مثل المرحومين ناجي جواد الساعاتي وفخري جواد الساعاتي وغيرهم من التجار الأفاضل من الخونة والمارقين الذين حاولوا تأخير تقدم البلد بأستيرادهم ساعات سويسرية وغيرها من أحسن المناشئ مثل أوميغا ولونجين وفافر لوبا وزينيث وروليكس وغيرها و التي من الأسباب التي أدت الى فساد الموظفين والأدارة في العراق سابقا .
وقد تذكرت عند كتابة هذا الموضوع صديق توفى رحمه الله , كان لابسا ساعة جديدة ضد الماء , وكان يتباهى بها حيث كان يسبح بها , وعند خروجه من المسبح وكان هذا الصديق عصبيا جدا ولا يحتمل الشقه ! فيسأله أحد الأصدقاء , ساعة بيش فلان فيقول ساعة 12 وبعد ثواني يسأله الآخر ساعة بيش فلان , فيقول 12 وربع دقيقة وهكذا يسأله عدة أصدقاء عن الوقت في خلال أقل من دقيقتين , إلا أن سأله أحد الأصدقاء ساعة بيش فلان , فصار عصبي الأخ ونزع ساعته الجديدة بعصبية وركعها بالكاع , وعندما تكسرت صاح بأعلى صوته وبعصبية (((( ساعة بال خ ره )))) ...... و ها نحن نعيد ولو بصوت منخفض ما قاله المرحوم الصديق يوميا على ما نراه في بلدنا .
4046 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع