فارس الجواري
تناقلت المواقع الاخبارية نقلا عن مدير عام سلطة الطيران المدني العراقي إن "سلطة الطيران المدني تعاقدت مع ستة طيارين ألمان لقيادة طائرة البيونغ (777) التي تم استيرادها مؤخراً"، مشيراً إلى أن "الطائرة نفذت في الطاقم الالماني اول رحلة لها إلى العاصمة اللبنانية بيروت",
وكأن العراق خالي من عناصر كفؤة بالطيران ويحتاج الى استيراد الطيارين من الدول الاوربية ؟
ان استقدام طيارين من جنسيات اخرى غير محلية هو أجراء روتيني لشركات النقل الجوي العالمية عندما تحتاج الى هذه الكوادر ؟ ولكن في العراق الزاخر بالموارد البشرية الكفوءة والتي يشهد له القاصي والداني في العالم لانحتاج سلطة الطيران المدني العراقية الى استقدام طيارين أجانب ولكن يحتاج الى خلق اجواء مصالحة حقيقية فيما بيننا وترك الاحقاد والمصالح الشحصية جانبا وجعل مصلحة البلد فوق كل الخلافات والاعتماد على الطيار العراقي (المحلي) , الذي يمتلك التاريخ والقدرة الفنية العالية ليتميز بها على الطيار الالماني ( المستورد) , وخصوصا وان الخطوط الجوية العراقية (قبل الاحتلال) كانت واحدة من أكبر عشر شركات طيران في العالم في سجلات الكفاءة الفنية والسلامة الجوية.
خطوطنا الجوية الحالية تمر بأسوء حالتها وهو مانلاحظه خلال تنقلاتنا الحالية يطائراتهم يبدأ من دخولك للطائره وركض المسافر لحجز مقعده علما ان ابسط شركات النقل العام بالسيارات فيها مقاعد مرقمة وكل يجلس لرقمه ، وطاقم الضيافة الذي يستقبلك بوجه عابس وكأنهم أناس ليس لديهم أية خلفيه في هذا العمل , وتاخير المواعيد ووو .. القائمة حبلى بما لايسر, في حين كانت الخطوط الجوية العراقية في يوم من الايام واجهه للعراق وسفير متنقل للبلد .
لقد غاب عن المخططين الاستراتيجيين في وزارة النقل العراقية الحالية ان أغلب الطيارين العراقيين هم بدرجة (طيار أقدم) , لخدمتهم الطويلة في هذا السلك منذ عقد الثمانينات , وان سلطة الطيران المدني الدولية تعتبر الطيارين العراقيين الافضل في الشرق الاوسط بل العالم , وهذه الشهادة بهذا التصنيف المرتفع يعود الى ان الخطوط الجوية العراقية منذ ان بدأت عملها وحتى الان لم تسجل اي حادثة جوية مهما كان نوعها , وايضا ان الطيارين العراقيين العاملين في بلدان اخرى هم كذلك لم يسجلوا اية حادثة من اي نوع طول فترة خدمتهم , مما جعلهم في طليعة نظرائهم بالعالم.
لقد كانت بدايات تدريب الطيارين العراقيين عام 1946 من خلال ارسال البعثات الى دول اوربية بريطانيا كانت الوجهة الاهم لهم ,حيث تخرج من معاهدها الخاصة بالطيران اسماء لامعة من الطيارين المحترفين على مستوى العراق والشرق الاوسط ,رحم الله منهم الاموات واطال اعمار الاحياء منهم واستمر تخرج الطيارين الكفؤين بشهادة مدربيهم وعملهم الذي اصبح حديث المهتمين بهذا الوسط من خلال قيادتهم لطائرات البوينغ 747,707,737,727
في حين اصبح اغلبهم الان جليس داره او زبون دائم لاحد مقاهي المهجر في الدول التي اوتهم بعد طردهم من ديارهم وقتل الذي رفض المغادرة,
ان مشكلة هجرة الكفاءات العراقية ومنهم الطيارين من اخطر المشاكل التي تواجهنا حاليا فهي ظاهرة سلبية تؤثر على البلد من الناحيتين العلمية والمادية , حيث ان الشركة الوحيدة للنقل الجوي في العراق الان خالية من طيارين اكفاء يقدون طائرة بوينغ واحدة ؟؟ في حين كان عدد من يحمل لقب ربان لقيادة البوينغ بالعشرات , الغالبية منهم يمارسون مهنهم الان في بلدان عربية وبلدان شرق اسيا, التي تسعى لتقديم عروض ومغريات تجذب هذه الكفاءات لها , وتستغل الدول الاوربية هذا النقص في العراق لتصدير طياريهم الينا بعقود خيالية تصل الى أضعاف مضاعقة من الاموال التي يتحملها كاهل المواطن البسيط , وهذا ماحصل بعقد استيراد الطيارين الالمان للعراق . والغريب بالامر ان العراق لايستورد الطيارين فقط , بل تم استيراد اطياء وممرضين من الهند , وعمال نظافة من البنغلادش وووو الكثير من المهن ومن مختلف الدول , وكأن العراق خلا من الموارد البشرية .........
الى متى يستمر هروب العراقيين بحثاً عن الأمان؟ لقد أصبح هروب العراقيين ناقوس خطر؛ فالعراقي الباقي مضطراً في داره ببلاده يعيش متمترساً بالكونكريت، مغلقاً أبوابه وشبابيكه، حَذَراً وخوفاً من فرق الموت وخفافيش الظلام الذين يرتدون أزياء الدولة؛ ومن ساعدته ظروفه وتمكّن من تدبير ثمن الرحلة غادر بما خف حمله بحثاً عن الملاذ الآمن.
لماذا لا يريد أن يفهم ساسة العراق الجدد أن الشعور بالوطنية ليس مجرد كلمات تردد، ولا فتاوى ودعوات ولطم على الصدور، فالوطن نحسبه محبة ومشاعر ومكاناً للحياة، الوطن يتيح لك حقوقاً إنسانية طبيعية، وهو مكان منامك؛ يعطيك بقدر ما يأخذ منك، إنه حقوق وواجبات..؛ ولكن كيف السبيل لكي يفهم ساسة (المنطقة الخضراء) ما يجري على أرض السواد ويمنعوا استيراد الاجنبي والاعتماد على المحلي؟!
1435 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع