الكاظمي والدجاجة

                                                     

                                متي كلو

الكاظمي والدجاجة

"يكون الشعب قويا عندما تكون للقوانين قوة"

بوبليليوس سيروس

يحكى أنه نزل ضيفاً على رجل في بيته، فقدم له صاحب المنزل طعاماً وجلس معه، يأكلان ويتسامران وكان للرجل دجاجة كبيرة، تصول وتجول في البيت، فكانت الدجاجة تأتي إلى الطعام ، وتنقر فيه ، فيطاردها الرجل صائحًا بها قائلاً : كش ..كش ..كش..، فلا تكاد الدجاجة تبتعد قليلاً ، حتى تعود فتقترب من الطعام ثانية ، فتلتقط منه ، فيعود الرجل ويطردها ثانية ، بقوله المعتاد صائحاً بها : كش..كش..كش.. مما أثار حفيظة الضيف .فقال الضيف للرجل صاحب الدار ، ستبقى الدجاجة ، رايحه جايه ، وأنت بمكانك تصيح عليها قائلاً : كش..كش .. !!ثم أردف الضيف قائلًا : : ( تالي وياك ؟ ) .. تظل الدجاجة تروح وتجي وانت بمكانك تصيح : كش .. كش ( أحسن ماتگلها كش .. إكسر رجلها )! فتعجب الرجل من حزم صاحبه الضيف ، وحسن معالجته للأمور.

مثلنا هذا ينطبق على ما صرح به مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء العراقي في مقابلة مع صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الناطقة بالإنجليزية حيث قال"سنقوم بتحركات جادة ضد الجماعات الخارجة عن القانون قريباً" و “الجماعات التي تعتقد أنها فوق القانون ستشهد قريباً تحركات جادة”وهذه التصريحات القارئ تفسيرها،اولا ان الكاظمي يعلم من هي هذه الجماعات وولائها وهذه المعلومة يعرفها قبل الاخرين لانه كان يتولى منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي منذ 7 حزيران 2016 ، كما يعرفها جميع ابناء الشعب العراقي الذين ينتظرون القضاء على هؤلاء الجماعات ، ثانيا انه جاد في القضاء عليها،هذه ربما تفسر بانه منذ استلامة السطة التنفيذية لم يكن جادا في ذلك وبعد عدة اشهر اصبح جادا! اما ثالثا، هي "... قريبا" اي هو انذار او تنبيه الى هذه الجماعات لكي يكونون على حذر ويبتعدوا عن سلطة الدولة عندما تقوم بالتحرك نحوهم!، او الاختفاء عن الانظار لفترة معينة، اي كما فعل الرجل عندما استضاف احد اصدقائه وصاح بالدجاجة .. كش.. كش .. كش ! فلماذا لا يقوم بالتحركات الجادة بصورة مباغتة قبل ان يعلن بانه سوف يقوم بذلك!! اما رابعا و اخيرا،استخدامه كلمة" سوف" فهذا يذكرنا بتصريحات المسؤولين من رؤساء حكومات سابقين او وزراء او نواب قبل الانتخابات بكلمة سوف خلال جولاتهم التفقدية في المحافظات عندما يستمعون الى شكاوي المواطنين عن تذمرهم لرداءة الاوضاع السیاسیة والخدمية وانعدامها مثل الكهرباء والماء والصحة ولكن بعدها يزداد الوضع اسوأ من قبل، كما تذكرنا ايضا بمسرحيات وافلام الفنان السوري المبدع دريد لحام"غوار الطوشه" في اشارة واضحة عن الوعود الكاذبة! سنبني المستشفيات والمدارس وسننشر الديمقراطية والحرية للمواطن، والاصلاحات في كافة مفاصل الحياة! وسوف .. وسوف، واكثر استخدام هذه الكلمة "سوف" عندما تاسست دولة اسرائيل والزعماء العرب يصرحون ويصرخون منذ عام 1948 والى الان باننا سوف نسترجع فلسطين، ولكن الاراضي الاسرائلية تتوسع يوما بعد اخر، واصبحت فلسطين شماعة لأهوائهم!! وتسرق اموال الخزائن باسم فلسطين!!

يذكرنا ايضا وعود كثيرة اطلقتها امريكا قبل ان تدخل الى بغداد بدبابة وعلى متنها رؤوساء الاحزاب "المعارضة" في 2003 لتسقط النظام الدكتاتوري وترفع شعارا "سوف" نعمل لارساء الديمقراطية في عراق جديد حر! ولكن اصبحت الحالة اسوأ مما كانت.

مصطفى الكاظمي يشغل منصب القائد العام للقوات المسلحة.. ويعلم جيدا اين تقع هذه الجماعات واين مقراتها وعدد قطع السلاح ا التي بحوزتها، كما يعلم من هم قادة هذه الجماعات او المليشيات، نعم يعلم كافة تفاصيل تنظيماتها ومصادر تمويلها وارتباطتها الاقليمية ، ويعلم جيدا الخوف والهلع والترهيب الذي يسيطر على الشاوع العراقي بسببها والاغتيالات التي تقوم بها ضد الاحرار والمنادين بعراق حر والتصعيد ضد الاعلاميين و الثوار لانهاء انتفاضة تشرين / اكتوبروتكميم افواه الشباب في ساحات الاعتصام ، اذا كانت كل هذه المعلومات في جعبة الكاظمي فلماذا الانتظار لاكثر من اربعة اشهر!

منذ احتلال العراق عام 2003 والى يومنا هذا والمليشيات تصول وتجول في انحاء العراق ومثل الدجاجة في قصتنا اعلاه" رايحة .. جاية" ولا لا احد"يكسر رجليها" وهذه المليشيات هي السبب في مصائب الشعب العراقي واولها تمزيق وحدته وتفشي الفساد في كافة مفاصل الدولة وبالرغم من الاحتجاجات، ولكن يبقى الشعب مضطهدا من قبل هذه المليشيات التي تتقاسم السلطة والمال والامتيازات فيما بينها، فالمطلوب من الكاظمي الان قبل فوات الاوان ان يسجل اسمه في سجل التاريخ الناصع وفرصة بان يقضي على هذه المليشيات، لان الشعب العراقي سئم من هذا الانتظار، على مصطفى الكاظمي ان يقف مع ابناء جلدته الذي انتفض كي يستعيد وطنه الذي انهكته تلك الجماعات المسيطرة على العراق، نعلم بان معركته سوف تكون شرسة ولكن لا بد منها، والتصدي للارهاب الذي تتبناه الاحزاب المهيمنة على الساحة العراقية، وليس هناك سبيلا امامه سوى الانضمام الى ثوار الانتفاضة، ليس لكسر ارجل المليشيات فقط بل لكسر اجنحتها ايضا،قبل ان ترد عليه قائلة"كش .. ملك" وتكون النقلة الاخيرة!!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4040 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع