ياسين الحديدي
احداث العام الاول لثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ في كركوك
يتخوف العراقيين من شهر تموز خاصة بعد قيام ثورة تموز 1958 التي تمر ذكراها الخامسة والستون اليوم خاصة بعد مقتل العائلة المالكة غدرا وكنت في المرحلة الابتدائية واتذكر ذلك اليوم التموزي الحار والجو المغبر وقد سمع اهلنا الخبر متاخرا من خلال المذياع الذي كان في دارنا وهو الوسيلة الوحيدة والذي كان يعمل علي البطارية الخاصة بالسيارات ولازلت اتذكر نوعه فيلبس ومكانه في زواية البيت علي مكان مرتفع عن الارض واتذكر البكاء والنحيب للمجتمعين علي مقتل العائلة المالكة غدرا وبقسوة وعنف غير مبرر ومن ذلك اليوم والعراق لاينعم براحة وفوضي واحداث وخاصة ماحصل من مجازر همجية في الموصل وكركوك في السنة الاولي للثورة وظهور امور لم يالفها العراقيين المقاومة الشعبية وشعارات ماكو مؤمارة تصير والحبال موجودة رغم تبني شعارات السلام وحمامات السلام البيضاء والعودة الي كركوك واحداثها قبل مجزرة 1959حيث سيطر الحزب الشيوعي علي مرافق الدولة وكانت المدينة تعيش الخوف والحذر وكان حادث دار المعلمات الابتدائية في المصلي مقابل فلكة المصلي اول قطره في نهر الدم الذي جري في العراق بدايات محزنة ومؤسفة ومشكلة تلد اخري
المديرة الست لبيبه احمد الريس من الناصرية وهي ناشطة شيوعية عندما عثرت احدي الطالبات التركمانيات علي منشور بعثي مناؤئ للحزب الشيوعي وكلنا يعرف الصراع الدموي بين البعثيين والشيوعين موزع في باحة المدرسة والمدينة وقامت بتسليمه الي الادارة ومن هنا بدأت المشكلة وفصلت الطالبة والقت المديرة كلمة اتهمت التركمان بالطوارانية وتهجمت عليهم واشتعلت الفتنة بعد ان استنجدت الطالبه بشباب التركمان الذين هجموا علي المدرسة وتدخلت الشرطة والانضباط العسكري بعد رشق المدرسة بالحجارة ولمدة اربع ساعات وتم اخلاء المدرسة من الهيئة التدريسية بصعوبة وتدخلت التربية وكان المدير نعمان بكر الذي امر باحالة الطالبة الي مجلس المدرسة والغاء امر المديرة وقرر المجلس فصل الطالبة لمدة ثلاثة ايام ولم ترض المديرة واخرجت تظاهرة ضد القرار وهتافات بالموت للطورانيين وحلف بغداد وبالمقابل رد اهل المنطقة من المصلي بمظاهره حاشدة وكاد ان يكون الالتحام يؤدي الي كارثة لولا استنجاد المتصرف عبد الجليل الحديثي بالفرقة الثانيه وقائدها المرحوم ناظم الطبقجلي واتفق علي نقل المديرة الي مدرسة اخري وتازم الموقف واصدر قاضي تحقيق كركوك بطرس مروكي الذي كانت له ميول شيوعية باصدار مذكرات توقيف بعدد من وجوه التركمان وتم الشكوي من قبل التركمان الي الزعيم عبد الكريم واحمد صالح العبدي الحاكم العسكري وشكلت لجنة برئاسة القاضي سالم محمد عزت قاضي الرصافة الذي وصل الي كركوك وقرر اطلاق سراح كافة الموقوفين.
ويروي العميد المورخ صبحي ناظم توفيق وكان طالبا في متوسطة المصلي في شهادته امام الصحفي حبيب الهرمزي بتاريخ 4 تشرين الاول 2012 تجمعنا نحن شباب التركمان بمئات من الشباب واهل المنطقة بمظاهره حاشدة عصرا ضد اجراء المديرة وكان يقوم بنقل المتظاهرين بسيارته الخاصة كريم جويل من الاوجية بسيارته الجيب لاندروفر يعاونه مصطفي كمال موظف في المعارف وكمال رشيد وقسم من المحامين منهم فاضل الصالحي وحميد محمد علي وحسام الدين الصالحي وحبيب الهرمزي وبهاء الدين محمد وكان سابقا حاكم والخطاط محمد عزت والهجوم علي المدرسة وتم بصعوبه بالغة اخلاء المديرة من قبل الانظباط العسكري ومزقت عبائتها وكانت هذه الحادثة هي التي مهدت الي الانتقام من التركمان في مجزرة كركوك البشعة والانتقام من المرحوم ناظم الطبقجلي الذي احيل بتهمة المشاركة في ثورة الشواف وكان السبب هو هو وقوفه مع الحق الي جانب التركمان واتهم ان ميوله قوميه ويساند التركمان لكون زوجته من القومية التركمانية وقد كانت محكامته جزء منها يتعلق بالحادث اعلاه وادعاء احد الشهود طه محمد الحاج امين الذي عرف نفسه بانه محامي من كركوك وتبين فيما بعد انه محامي مزور اذ زور شهادة الاعدادية بموجبها تم قبوله وافتضح امره وفصل واحيل الي محكمة الجزاء حسب المعلومات من الاستاذ المرحوم فاضل الصالحي وعن طريق صديقه المحامي في بغداد جميل السعودي وبحضور المحامي نور الدين الواعظ .
قد يتسائل البعض مالفائده من المعلومات واجيب انها الي الاجيال والتاريخ والعبره والدروس وتجاوز الحقد والكراهية فيما بيننا ونبني عراقا حرا معافي تحت راية الوطنية تحية الي اهلنا في كركوك جميعا المتاخية ثبت على وجه اليقين طبياً وقضائياً أن (25) تركمانياً قد أُستُشهِدوا فيما جُرِحَ أو أُصيبَ (130) كلّهم من دون إستثناء من التركمان في الأيام الثلاثة التي إستغرقتها المذبحة،من مساء الثلاثاء الي مساء يوم الجمعة 17 تموز وجلّهم في ليلة 14/15 ونهار (15/تموز) والقلّة يوم (16/تموز)، وقد لقوا مصارعهم إما رمياً بالرصاص أو بضرب الفؤوس على رؤوسهم قبل أن يُسُحلوا بالحبال، أو أنهم رُبِطوا بالحبال وهم ما زالوا أحياء وسُحلوا جرياً على الأقدام أو بالسيارات في الشوارع والأزقة حتى فارقوا الحياة ثم مُثِّلَت بجثثهم أمام أنظار أهالي "كركوك" وقبل أن يُعَلَّـقوا على الأعمدة سواءً في مدخل قيادة الفرقة/2 أو عند بوابة سرية الإنضباط العسكري أو على أعمدة جسرَي مدينة "كركوك" أو أن جثامينهم قُذِفت وسط ساحاتها أو أُلقِيَت في مقابر جماعية، ومنهم من فُقِدَ أثره ولم يُعثَر عليه لغاية يومنا هذا.
بعد محاكمات مطوّلة أجراها المجلسان العُرفيان الأول والثاني في "بغداد" بحق العشرات من المتهمين بأحداث مذبحة كركوك طالت ما يربو على سنتين كاملتين، فقد أصـدرا تباعاً أحكاماً بالإعدام شنقاً حتى الموت بحق (28) مُداناً بأدلة
ولكن ((الزعيم الأوحد)) لم يَمْضِ على تنفيذ تلكم الإعدامات، بل أبقى على أصحابها في السجن مع المحكومين عليهم بعقوبات السجن،،،،
وهكذا ظلّ (28) من المحكومين بالإعدام قابعين في السجون لـ(ثلاث سنوات وسبعة أشهر)حتى إنهار نظام "عبدالكريم قاسم" خلال يومين، إذْ صعد البعثيون إلى سدة الحكم بعد إنقلاب يوم (الجمعة-14/رمضان- 8/شباط/1963)، ، فقد أمر رئيس الوزراء "أحمد حسن البكر" بتنفيذ جميع أحكام الإعدام للمُدانين كافة في يوم واحد، على أن تُعلَّـق أجساد كل مجموعة منهم على عدد من المشانـق في بقعة محددة من "كركوك شارع اطلس ورأس جسر الشهداء " على أعمدتها، فـتم ذلك صبيحة يوم (الأحد-23/حزيران/1963)
المصادر:
الدكتور صبحي ناظم توفيق
مذكرات ناظم الطبقجلي
المحامي جاسم مخلص وفاضل الصالحي والصحفي حبيب الهرمزي
747 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع