عباس العلوي
الطاعون : مرض بكتيري معدي حاد، وهو من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان ويصنف كأحد الأمراض الخطيرة التي تسبب الأوبئة في حالة عدم السيطرة عليها منها الطاعون الأسود (الموت العظيم أو الموت الأسود) الوباء الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي 1347 و1352 وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة.
في العراق تفشى وباء الطاعون بشكل ملفت نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين بعد ان حصد ارواحا كثيرة ثم تراجع تدريجيا مع مرور الوقت لكنه ظل باقيا في اجساد السياسيين العراقيين !!
في زمن المعارضة العراقية كنا في المؤتمرات والمحافل الدولية ننتقد الدكتاتور على جعل المناصب القيادية في الدولة حكرا على افراد عائلته وعشيرته وتهميشه لكل الطاقات العراقية المبدعه الرافضة لمشروعه التدميري القمعي الذي أوصل العراق لحافة الهاوية !!
كان في وقتها يحدونا الأمل أن نهاية < القائد الضرورة > تعني زوال تلك العقلية الفاشية التي اعتبرت الدولة والمواطن إرثا مملوكا لها ، الأمل كان يعني بصريح العبارة أن نستخلص الدروس من الكوارث لنبدأ بعدها بداية صحيحة ونساير ركب الحضارة شأننا في ذلك شأن الدول الأخرى التي قبرت طغاتها ونهضت نهضة كبرى لاحقا!!
لكن ماحصل على أرض الواقع بعد يوم 9 / 4 / 2003 هو العكس من هذا المعنى تماما ، أخذنا كل فايروسات الديكتاتور وزدنا عليا مرضا :
* استبدلنا طاعون الحزب الآوحد بطاعون الأحزاب المتحاصصة !!
* استبدلنا طاعون جيش القدس بطاعون المليشيات التي لاتعرف غير الخطف والتهجير والقتل على الهوية !!
*استبدلنا طاعون الوزراء القمعيين للعائلة التكريتية بطاعون الوزراء الحرامية لرئيس الكتلة البرلمانية!!
* استبدلنا دولة المواطنة بدولة المكونات
* استبدلنا الكفاءات العراقية بصبية الاحزاب
*استبدلنا طاعون الخطاب العفلقي بطاعون الخطاب الطائفي التكفيري المحرض للقتل والذبح !!
بهذا عاد العراقيون في العهد الديمقراطي إلى المربع الأول ولكن بغياب صدام حسين ، دكتاتوريات حزبية متعددة تنتهج ذات السلوك الأقصائي التهميشي لمن هو خارج منظومتها ولا تتوانى من استعمال كاتم الصوت لمن يقف في طريقها إذا لزم الأمر !
أما تلك الكفاءات العراقية التي تفتخر بها الجامعات العربية ومراكز البحوث الأمريكية والأوربية ضلت بعيدة عن أجندة المتحاصصين التي رفعت شعار < الحزب أولا > !!
*أربع وزارات تشكلت منذ يوم السقوط الكبير لم نجد فيها إلا ماندر من الكفاءات بينما سوادها الأعظم كان من الأميين المتفننين في < الشفط واللطش > وامثالهم من ذوي القربى في المراكز العليا للدولة !!
عشر سنوات أنا أبحث عن أسماء كبيرة في أختصاصاتها والبلد بأمس الحاجة لها ، لم أجدها في أي تشكيل وزاري أو تشكيل استشاري خذ مثلا ومع حفظ الألقاب :
محمد علي زيني، رياحين الجلبي ، عبد الحسين شعبان ، عبد الستار عزيز،رؤوف الأنصاري ،لطيف الوكيل ، صلاح الموسوي ،عباس العبودي، زهير الدجيلي ،زهير كاظم عبود ،جليل العطية ،ابراهيم احمد ،حمزة الجواهري ، مؤيد عبد الستار ، لؤي الخطيب ،عبد المنعم الأعسم ،نبيل ياسين ،قاسم العكاشي ،عبد المنعم العنوز هشام الديوان والمئات غيرهم !!
*أما صاحب الحكيم هذا الرجل المجاهد الذي أدار بنجاح باهر مئات الأسابيع من الأعتصامات في لندن وقام بدور عدة مؤسسات بحثية لتوثيق جرائم النظام السابق طيلة أكثر من 25 عاما فضلا عن ذلك الحضور الكبير في المحافل الدولية من أجل حقوق الأنسان العراقي المنتهكة في زمن النظام الفاشي ، بالأخير نجد هذا الرجل يُهمش بطريقة غير انسانية فضلا عن مصادرة بيته من قبل النظام المتحاصص !!
بالتأكيد سيظل الطاعون متفشيا طالما تبقى المنظمة السرية الفاعلة داخل الاحزاب الحاكمة في عراق اليوم < تتخامش > على اكل الثريد بشراسة الحيوانات الكاسرة
دخل الطاعون في الموروث الشعبي فصارت دعوة العراقي على عدوه
< طاعون يشيلك ويخلصنه منّك > !!
4180 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع