مباحث في اللغة والادب/ ٨٧ النخيل والتمر في التراث العربي/٢

ضحى عبد الرحمن

مباحث في اللغة والادب/ ٨٧
النخيل والتمر في التراث العربي/٢

 

النخيل والتمور في المعاجم العربية

قال الفراهيدي" تمر: أَتمَرَتِ النَّخْلةُ، وأَتْمَرَ الرُّطَبُ، والتَّمْرُ حَملُ النخلةِ . والتَّتْمير: القَديدُ يَيْبَس فيصير تَتميراً، اسماً له. وتَمَرَني فلانٌ: أَطعَمَني تمرا، ويقال عليك بالتمران والسَّمْنانِ. ورجلٌ تامِرٌ إي ذو تَمْر. والتُّمَّرةُ: طائرٌ أصغَرُ من العُصفور". (العين8/119).
قال الفراهيدي" بسر: البَسْرُ الاِعجال، وبَسَرَ الفَحْلُ قَلوصاً أي ضَرَبَها قبل حِينها. والباسِرُ: القاهِرُ بَسراً أي قَهراً. وابتَسَرَ الفَحْلُ الناقة أي قَهَرها على نفسِها حتى يَنُزو عليها. والبُسُورُ: العُبُوس، ويَبْسُرُ فهو باسِرٌ من هَمٍّ أو فِكرٍ. والبُسْرُ من التَّمْر قبلَ أن يُرْطِبَ، والواحدة بُسرةٌ، وأبْسَرَ النَّخْل صارَ بُسْراً بعدَ ما كان بَلَحاً، وفي الحديث: لا تَبسُروا: أي لا تَخلِطُوا البُسْر بالتَّمْر للنَّبيذ، وقد بسره بَسْراً. والبُسْرةُ: ما قد ارتَفَعَ من النَّبات عن وجه الأرض شيئاً ولم يَطُلُ، وهو غَضٌّ أَطَيبُ ما يكون، وقيل: البُسْرَةٌ البُهْمَى خاصّة تخرج في فَرْعها في وَسَط الربيع ثمَّ يُمسِكْها البَرْد فتَصمَع تلك البُسْرةُ ثم تَتَفَقَّاُ عن السَّفَى لذي يكون للبُسْرة، قال ذو الرمّة:
رعت بأرض البهممى جميما وبسرة ". (العين7/250).

نعوت النخيل وسعفه وكربه وقلبته
قال ابن سيده" صَاحب الْعين الْجذع - سَاق النَّخْلَة وَالْجمع أجذاع وجذوع قَالَ الْحَرْث بن دُكَيْن وَأَبُو الْمُجيب الْأَعرَابِي مقاعد النّخل وقصرها - أُصُولهَا وَقد عممنا بِالْقصرِ أصُول الشّجر وَأرى المقاعد من قَوْلهم قعدت النَّخْلَة - إِذا صَار لَهَا جذع أَبُو عُبَيْدَة أعجاز النّخل - أُصُولهَا ابْن دُرَيْد الصُّور - أصل نَخْلَة وَأنْشد: كَأَن جذعاً خَارِجا من صوره مَا بَين أُذُنَيْهِ إِلَى سنوره" . (المخصص3/211).
قال ابن سيده" عن ابي عبيد أنسغت الفسيلة - أخرجت قَلبهَا أَبُو حَاتِم نسغت ابْن دُرَيْد نسغت وَقيل التنسيغ - إخْرَاجهَا سَعَفًا فَوق سعف ابْن السّكيت هُوَ قلب النَّخْلَة وقلبها أَبُو زيد سمي قلباً لبياضه أَبُو حنيفَة وَالْجمع القلبة والقلوب والأقلاب وَقد قَلبهَا - نزع قَلبهَا وَقَالَ قلب النَّخْلَة - رَأسهَا اللَّبن الَّذِي لم يشْتَد فَيصير جذعاً وَقيل قلب النَّخْلَة - الخوص الَّذِي يَلِي أَعْلَاهَا واحدتها قلبة وَيُقَال لقلبها الجمارة أَبُو عبيد وَالْجمع الْجمار ابْن دُرَيْد يُقَال للجمار الجامور فصيحة أَبُو عبيد وشحمة النَّخْلَة هِيَ الجمارة ابْن السّكيت الجذب - الْجمار الخشن واحدته جذبة قَالَ أَبُو عَليّ قَالَ أَبُو الْعَبَّاس الجذبة - الْقلب خَاصَّة وَالْجمع جذبٌ وجذاب سِيبَوَيْهٍ هِيَ الجذبة وَجَمعهَا جذب والجذبة وَجَمعهَا جذاب أَبُو حنيفَة فَإِذا قطع ليؤكل قيل جذب النَّخْلَة يجذبها جذباً وَيُقَال للجمار الكثر الْوَاحِدَة كَثْرَة ابْن دُرَيْد وَهُوَ الكتر صَاحب الْعين عقرت النَّخْلَة عقراً - إِذا قطعت رَأسهَا فيبست وَلم يخرج من سَاقهَا شيءٌ أبدا ونخلة عقرة - إِذا فعل بهَا ذَلِك أَبُو عبيد يُقَال للسعفات اللواتي يلين القلبة العواهن وَقد عهنت تعهن وتعهن - يَبِسَتْ أَبُو حنيفَة سميت عواهن لِأَنَّهَا رطبَة ثمَّ تشتد وَذَلِكَ أَنه يُقَال للقضيب إِذا وَهن من كسر يسير قضيبٌ عاهنٌ وَقد تقدم أَبُو عبيد الخوافي - كالعواهن أَبُو حنيفَة سميت خوافي تَشْبِيها بخوافي الْجنَاح - وَهِي الريشات الَّتِي بعد القوادم وَهِي أَضْعَف وأقصر من القوادم والقوادم تسترها اذا ضم الطَّائِر جناحيه والسعفة من النَّخْلَة - بِمَنْزِلَة الْقَضِيب من سَائِر الشّجر وَهِي فرع النَّخْلَة ولا يقال فِي النّخل قضيب وَلَا غُصْن وَلَكِن يُقَال شطبة وجريدة وَجمعه جريد وفنن وخرص وخرص وخرص وَجمعه خرصان وَقد تقدّمت هَذِه اللُّغَات الثَّلَاث فِي السنان وَكَذَلِكَ عسيب وَجمعه عسب وعسبان وأعسبة وعسوب جمع قَلِيل فِي الْكَلَام ولايقال فِي النّخل ورق وَلَكِن خوص واحدته خوصَة وَقد أخوص النّخل وَكَذَلِكَ كل مَا أشبه النّخل وَهُوَ اسْم لرطبه ويابسه صَاحب الْعين الخوص - ورق النّخل والمقل وَالنَّار وصانعه الْخَواص وَقَالَ ابْن دُرَيْد خوصت الفسيلة - انفتحت سعفاتها أبو حنيفة وَقيل الخوص يابسه وَالسَّعَف رطبه فاذا يبس فَهُوَ صريف الْوَاحِدَة صريفة وَقيل لاتكون السعفة جَرِيدَة الا بعد أَن ينْزع خوصها صَاحب الْعين السعفة - غُصْن النَّخْلَة وَالْجمع سعف وَأكْثر مَا يُقَال لَهُ ذَلِك اذا يبس فاذا كَانَ أَخْضَر رطبا فَهُوَ شطبة غَيره السعف - النّخل عَامَّة أبو عبيد السعف - هُوَ الجريد عِنْد أهل الْحجاز صَاحب الْعين وَشبه امْرُؤ الْقَيْس نَاصِيَة الْفرس بسعف النّخل فِي قَوْله: واركب فِي الروع خيفانة كسا وَجههَا سعف منتشر أبو حنيفة وَيُقَال للجريد القنا وَجمعه القنى أنْشد: وَقل لَهَا منى على بعد دارها قِنَا النّخل أَو يهدي اليك عسيب وانما استهدته عسيبا - وَهُوَ القنا لتتخذ مِنْهُ نيرة وحفة ابْن دُرَيْد الوصا واحدته وصاة - وَهِي جَرِيدَة الفسيل الصغار الَّذِي يشق ويربط بِهِ القت يَمَانِية وَقيل واحدتها وَصِيَّة عَليّ فوصا على هَذَا اسْم للْجَمِيع أبو عبيد الكرانيف - أصُول السعف الْغِلَاظ الْوَاحِدَة كرنافة أبو حنيفة وكرنوفة وَقد كرنفت النَّخْلَة والدباكة - الكرنافة بلغَة أهل السوَاد فاذا املاست وَذهب كربها فَلم يبْق عَلَيْهَا شئ مِنْهُ فَهِيَ قرواح وفريق والفريق أَيْضا - النَّخْلَة تنيت فِيهَا نَخْلَة أُخْرَى واذا لم يستقص الكرب فَبَقيت أُصُوله ناجمة فِي الْجذع فَأمكن المرتقى أَن يرتقي فِيهَا فَذَلِك الوقل وَمِنْه توقل اذا صعد واذا شذبت العسب فأصولها الَّتِي قطعت مِنْهَا هِيَ الكرب وَاحِدهَا كربَة أبو حنيفة وَيُقَال لما يبْقى مِنْهَا جذمار وجذمور ابْن السّكيت هُوَ مَا بَقِي من السعفة بعد مانقطع أبو حنيفة التنبيت - مَا شذبت عَن النَّخْلَة للتَّخْفِيف عَنْهَا وَيُقَال لما بَين الكرب محيطا بالجذع إِلَى قمة النَّخْلَة الليف قَالَ سيبوبه واحدته ليفة الاصمعي وَقد ليفت أبوعبيد الوثيل - الليف وَكَذَلِكَ الخلب واحدته خلبة غَيره هُوَ لب النَّخْلَة وَقد تقدم أَن الخلب والغلفق - ورق الْكَرم وَالسيف من الليف - مَا كَانَ لاصقاً باصول العسب وَهُوَ أردأ الليف وأجفاه وَشَوْك النّخل - يُقَال لَهُ السلاء الْوَاحِدَة سلاءة وأسل الْوَاحِدَة أسلة وسعدانة وَقَالَ أشوكت النَّخْلَة - كثر شَوْكهَا واذا كثر سعف النَّخْلَة فَهِيَ أثيثة وَقد أثت أَثَاثَة وذلككرم ابْن دُرَيْد هذبت النَّخْلَة - نقيتها من الليف وهذبت الشئ أهذبه هذبا - اذا خلصته ونقيته وَرُبمَا قَالُوا هذبت الشئ - قطعته والكلبة - الْخصْلَة من الليف وَقد تقدم أَنَّهَا شدَّة الْبرد والثك والعثك - عروق النّخل خَاصَّة لاأدري أَو وَاحِد أم جمع وَقد قَالُوا العثك فان كَانَ صَحِيحا فَهُوَ جمع هَذَا لَفظه وَلَيْسَ بِلَازِم لِأَن فعلا يكون وَاحِدًا وجمعا وَقَالَ نَخْلَة فخور - عَظِيمَة الْجذع غَلِيظَة السعف وَفرس فخور - عَظِيم الجردان وَرجل فيخر كَذَلِك وَقَالُوا فَحل فيخر بالزاي وَقد تقدم جَمِيع ذَلِك والقدف - جريد النّخل أزدية وَقيل هُوَ أَن ينْبت للكرب أَطْرَاف طوال بعد أَن يقطع عَنهُ الجريد والزور - عسيب النّخل يَمَانِية والزفن - عسيب من عسب النّخل يضم بعضه إِلَى بعض شَبِيها بالحصير المرمول وَقَالَ نَخْلَة مغضف - اذا كثر سعفها وَبهَا سمى الغضف من الخوص أبو حنيفة النواس - مَا تعلق من السعف" . (المخصص3/ ـ211).

التمر في التراث
ذكر ابن الوردي " النخل: هو أول شجرة استقرت على وجه الأرض، وهي شجرة مباركة لا توجد في كل مكان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا عماتكم النخل. وإنما سميت عمتنا لأنها خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام، ولأنها تشبه الإنسان من حيث استقامة قدها وطولها وامتياز ذكرها من بين الاناث، واختصاصها باللقاح، ورائحة طلعها كرائحة المني. ولطلعها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها. ولو قطع رأسها ماتت، ولو أصاب جمارها آفة هلكت. والجمار من النخلة كالمخ من الإنسان، وعليها الليف كشعر الإنسان، وإذا تقاربت ذكورها وإناثها حملت حملاً كثيراً لأنها تستأنس بالمجاورة. وإذا كانت ذكورها بين إناثها ألقحتها بالريح، وربما قطع إلفها من الذكور فلا تحمل، لفراقه، وإذا دام شربها للماء العذب تغيرت، وإذا سقيت الماء المالح أو طرح الملح في أصولها حسن ثمرها. ويعرض لها أمراض مثل أمراض الإنسان. منها الغم، وعلاجه أن يقطع من أسفلها قدر ذراعين ثم تخلل بالحديد. والعشق: وهو أن تميل شجرة إلى أخرى ويخف حملها وتهزل، وعلاجها أن يشد بينها وبين معشوقها الذي مالت إليه بحبل أو يعلق عليها سعفة منه، أو يجعل فيها من طلعه. ومن أمراضها منع الحمل، وعلاجه أن تأخذ فأساً وتدنو منها وتقول لرجل معك: أنا أريد أن أقطع هذه النخلة لأنها منعت الحمل، فيقول ذلك الرجل: لا تفعل فإنها تحمل في هذه السنة، فتقول: لا بد من قطعها. وتضربها ثلاث ضربات بظهر الفأس، فيمسكها الآخر ويقول: بالله لا تفعل فإنها تثمر في هذه السنة فاصبر عليها ولا تعجل وإن لم تثمر فاقطعها. فتثمر في تلك السنة وتحمل حملاً طائلاً. ومن أمراضها: سقوط الثمرة بعد الحمل وعلاجه أن يتخذ لها منطقة من الأسرب فتطوق به فلا تسقط بعدها، أو يتخذ لها أوتاداً من خشب البلوط ويدفنها حولها في الأرض. ومن عجيب أمرها أنك إذا أخذت نوى تمر من نخلة واحدة وزرعت منها ألف نخلة، جاءت كل نخلة منها لا تشبه الأخرى. قال صاحب كتاب الفلاحة: إذا نقعت النوى في بول البغل وزرعت منها ما زرعت جاءت نخله كلها ذكوراً، وإن نقعت النوى في الماء ثمانية أيام وزرعته جاء بسره كله محمراً؛ وإن نقعت النوى في بول البقر أياماً وجففته ثلاث مرات وزرعته جاءت كل نخلة تحمل حملاً قدر نخلتين، وإذا أخذت نوى البسر الأحمر وحشوته في ثمر الأصفر وزرعته جاء بسره أصفر، وكذلك بالعكس، وكذلك فلاحة النوى المتطاول والنوى المدور. وكيفية غرسه أن تجعل طرف النوى الغليظ مما يلي الأرض وموضع النقير إلى جهة القبلة". (خريدة العجائب/307).
ـ قال أبو همام السّنوط " لو كان النخل بعضه لا يحمل إلّا الرّطب، وبعضه لا يحمل إلّا التمر، وبعضه لا يحمل إلّا المجزّع، وبعضه لا يحمل إلّا البسر، وبعضه لا يحمل إلا الخلال، وكنّا متى تناولنا من الشّمراخ بسرة، خلق الله مكانها بسرتين، لما كان بذلك بأس! ثم قال: أستغفر الله! لو كنت تمنيّت أن يكون بدل نواة التمر زبدة كان أصوب". (كتاب الحيوان1/82)
ـ ذكر مرتضى الزبيدي" في حديث أُمِّ سَلَمةَ: أَنَّ مَساكينَ سَأَلُوها فقالَتْ: يا جارِيَةُ أَبِدِّيهِمْ تَمْرَةً تَمْرَة. أَي فَرِّقي فيهم و أَعطيهم". (تاج العروس4/347).
ـ قال الجاحظ" يقال: إن العراق إنّما سمّي سوادا بلون السّعف الذي في النّخل، ومائه. والأسودان: الماء والتمر. والأبيضان: الماء واللبن. والماء أسود إذا كان مع التّمر، وأبيض إذا كان مع اللّبن". (كتاب الحيوان3/120)
ـ قَالَ أَبُو عبيدة " الرّجمة والرّجبة، إذا طالت النخلة فخافوا أن تقع أو أن تميل رجبوها، وهو أن يبنى لها بناء من حجارة يرفدها، ويكون أيضاً أن يجعل حول النخلة شوك، وذلك إذا كانت غريبة طريفة لئلا يصعدها أحد. وقال الاصمعي العُذيق تصغير عذق وهي النخلة نفسها بلغة أهل الحجاز". (الأمالي لللقالي2/53).
ـ قال داود الانطاكي" في الفلاحة النبطية أن النخلة تخاف وتفرح وتعشق نخلة أخرى، فقد صح أن النخلة إذا لم تحمل ضرب في أصلها بفاس، ويقول شخص آخر لأي شيء هذا فيقول الضارب دعني أقطعها فإنها لم تحمل فيقول دعها في ضماني العام فإن لم تحمل فاقطعها، فإنها تحمل وقد جرب ذلك.
وحكى في النفائس، قال زرع شخص أربع نخلات متقابلات فحسن ثمرهن سنين ثم أصيبت واحدة فيبست فلم تحمل التي في مقابلتها".( تزيين الأسواق/150)
ـ قال الأصمعي عن ابن بكرة: من أراد النخل والشجر والأرض فليغرس على عشرين ذراعاً، ومن أراد النخل والشجر ولم يرد الأرض فعلى خمس عشرة ذراعاً، ومن غرس على أقل من ذلك، فليس يريد نخلاً، ولا أرضاً، ولا شجراً". (التنبيهات على أغاليط الرواة/31).
ـ قال ابن قتيبة الدينوري" الأسْوَدَان " التمر والماء، قالت عائشة رضي الله عنها: " لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الأسودان التمر والماء ". وقال حجازي لرجل استضافته: " ما عندنا إلا الأسودان " فقال له: " خير كثير " قال: " لعلك تظنهما التمر والماء، والله ما هما إلا اللَّيل والحرَّة". (أدب الكاتب/42)
ـ قال جعفر بن محمد: نعمت العمّة لكم النخلة، وعمرها كعمر الإنسان وتلقيحها كتلقيحه". (محاضرات الأدباء2/615).
ـ قال الابشيهي" وقيل: خير أموال الناس أشبهها بهم. ووصف خالد بن صفوان لهشام النخل فقال:
هنّ الراسخات في الوحل المطعمات في المحل الملقحات بالفحل، فتخرج أسفاطا عظاما وأوساطا كأنها ملئت رياطا ثم تفتر عن قضبان اللجين منظومة باللؤلؤ المزين، فيصير ذهبا أحمر منظوما بالزبرجد الأخضر، ثم يصير عسلا في لحاء معلقا في هواء ووصفها بعضهم فقال: شريعة العلوق سائحة العروق، صابرة على الجدوب، لا يخشى عليها عدو الذئب". (محاضرات الأدباء2/615). وقيل: إن النخلة تقول للنخلة: أبعدي ظلك من ظلي، أحمل حملي وحملك. وقيل:
الحرب الخفي أن تقرب النخلة من النخلة وهو كما قيل: الحرب الخفيّ إذكار الإبل. وقال بعض البصريين: النخلة تقتل نفسها سنة وصاحبها سنة لأنها تحمل سنة كثيرا وسنة قليلا قال شاعر:
لنا على دجلة نخل منتخل ... نسلفه ماء فيعطينا عسل
مسطر على قوام معتدل ... يسقى بماء وهو شيء في الأكل
وقال أحيحة بن الجلاح وكان قومه لاموه في ابتياعه النخيل:
يلومونني في اشتراء النّخيل قو ... مي وكلّهم يعذل
تغشى الحبوب بأذنابها ... ويجلب من ضرعها من عل
نعم لعمّكم نافع ... وطفل لطفلكم يؤمل
هي المال والظلّ حق الظلي ... ل والمنظر الأحسن الأجمل (محاضرات الأدباء2/616).
ـ قال خالد بن صفوان: تبقى النخلة بالبصرة مائة وعشرين سنة وتبقى كأنها قدح وما تطول نخلة بالبصرة إلا أعوجت". (محاضرات الأدباء2/621).
قيل لبعض الناس: إن التمر يسبح في البطن، فقال: إذا كان التمر يسبح في البطن فإن اللوزينج يصلّي فيها التراويح". ( محاضرات الأدباء1/715). وقال شيخ: ما وضع الناس في أفواههم شيئا أطيب من عجوة، ووصف أعرابي تمرا، فقال: تمرات جرد فطس يغيب فيهن الضرس، كأن نواها ألسن الطير تضع التمرة في فمك فتجد حلاوتها في كعبك. وقال أعرابي: ضفنا فلانا فأتى بتمر كأعنان الوردان يوحل فيه الضرس. وقيل: خير التمر ما غلظ لحاه ورقّ سحاه ودقّ نواه". (محاضرات الأدباء1/716)
قال النابغة يصف التمر:
صغار النوى مكنوزة ليس قشرها ... إذا طار قشر التمر عنها بطائر". (محاضرات الأدباء1/716)
قال الحجّاج يوما لجلسائه: ليكتب كل واحد منكم أطيب طعام وليدفعه إليّ، فكتب كلهم: التمر والزبد". (محاضرات الأدباء1/716)
ـ ذكر ياقوت الحموي" يوم نخلة: أحد أيام الفجار كان في أحد هذه المواضع، وفي ذلك يقول ابن زهير:
يا شدّة ما شددنا غير كاذبة ... على سخينة لولا الليل والحرم
وذلك أنهم اقتتلوا حتى دخلت قريش الحرم وجنّ عليهم الليل فكفّوا عنهم، وسخينة: لقب تعيّر به قريش، وهو في الأصل حساء يتخذ عند شدة الزمان وعجف المال ولعلها أولعت بأكله، قال عبد الله ابن الزّبعرى:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها، ... وليغلبنّ مغالب الغلّاب
(معجم البلدان5/277)
ـ قال المقدسي" حدّثنا ابو عبد الله محمّد بن احمد الدبّاس بالرّجان قال حدّثنا القاضي الحسن بن عبد الرحمان قال حدّثنا عقبة بن محمد البصري قال حدّثنا احمد بن ابى عبد الله الأسلمي قال حدّثنا ابو قتيبة مسلم بن قتيبة الباهلىّ عن يونس عن الحارث الطائفيّ قال سمعت عامرا الشعبىّ يقول كتب قيصر الى عمر بن الخطّاب من قيصر ملك الروم الى عمر بن الخطّاب اما بعد فان رسلي أخبرتني ان قبلكم شجرة يابسة ليس بخليقة من الشجر تخرج مثل آذان الحمير ثم يفلق عن مثل اللؤلؤ ثم يخضرّ فتكون كالزمرّد الأخضر ثم تحمرّ فيكون كالياقوت الأحمر ثم ترطب فيكون كالفالوذج اكلا ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للراكب فان يكون رسلي صدقتني فإنها من شجر الجنّة، فكتب اليه عمر رضي الله عنه من عمر الى قيصر اما بعد فان رسلك قد صدقتك وانها الشجرة التي أنبتها الله عزّ وجلّ لمريم حين نفست بعيسى. فاتّق الله ولا تتّخذ عيسى إلها من دون الله". (هامش أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/395). (خريدة العجائب/309).
ـ وصف خالد بن صفوان النخل فقال: هي الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، الملقحات بالفحل، المعينات كشهد النحل، تخرج أسفاطاً غلاظاً وأوساطاً كأنها ملئت حللاً ورياطاً، ثم تنشق عن قضبان لجين وعسجد كالشذر المنضد، ثم تصير ذهباً أحمر بعد أن كانت في لون الزبرجد. ومن خواص النخلة أن مضغ خوصها يقطع رائحة الثوم وكذلك رائحة الخمر. شعر:
كان النخيل الباسقات وقد بدت ... لناظرها حسناً قباب زبرجد
وقد علّقت من قلبها زينةً لها ... قناديل ياقوتٍ بأمراس عسجد (خريدة العجائب/309).
ـ قال السيرافي عن الزنج" للعرب في قلوبهم هيبة عظيمة، فإذا عاينوا رجلا منهم سجدوا له، وقالوا:
هذا من مملكة ينبت بها شجر التمر، لجلالة التمر عندهم وفي قلوبهم". (رحلة السيرافي/86).
ـ قال ابن المجاور" أوّل من غرس النخل في اليمن الأمير علي بن محمد الصليحي، ويقال الحبشة في أوّل دولة على بن المهدي. لمّا حضروا الحبشة وصلت غير من أرض الحجاز حملهم التمر فكانوا يأكلون التمر ويرمون النوى فمن نداوة الأرض طلع النخل، فلما رأت أهل البلاد ذلك وعرفوا غرسه وغرسوه وكثر النخل. وهو عشر قطع: الأبيض والكديحا والمجرشية والمحلة والأثيل والمجاز وكروة المحجر والقهيرا والمغارس وحجنة وكل واحدة من هذه القطع يكون عرضها وطولها ربع فرسخ. وإما الرطب الذي بها فثلاثة أصناف: حماري وصفاري وخضاري كلها ذات ألوان مختلفة. فإذا حمل النخل يتقبل كل واحد من الناس على قدره ويجيء إليه الناس من باب حرض إلى آخر أعمال أبين وينزل أهل الجبال إلى تهامة. وكم من امرأة تطلق من جهة النخل وكم تنكح امرأة من جهة النخل! قال الشاعر:
هذا الشقح واللقـــح والطلح منه قد افتتح
يا غازلات اغزلوا فالنخل قد صار بلح
وقال آخر:
من عرف النخل والقبالة ... أمسي وفي قبله ذبالة
وعاش فيه معاش سوء ... وناله الدين لا مـــحالة (تأريخ المستبصر/30).

ضحى عبد الرحمن
تموز 2024

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

985 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع