للأغبياء فقط

سناء الجاك

للأغبياء فقط

تترافق تصريحات "حزب الله" ورسائله الصاروخية إلى الداخل اللبناني مع تصعيد العدو الإسرائيلي هجماته ليغتال ويدمر أينما شاء.

وفي حين ينفي "الحزب" أي علاقة بين ما يصدر عنه من مواقف وبين هذه الهجمات، يبدو أن العدو الإسرائيلي يصدقها ويتعامل معها على أنها جدية وتهدد أمنه.

والطرفان مستفيدان إلى أقصى الحدود من هذا الجحيم المفتوح، فـ"الحزب" يوجه خطابه إلى الأغبياء فقط من "أبناء شعبنا الأبي في لبنان"، الذين يصدقون حرصه على "التفاهم الوطني وحماية السيادة وحفظ الأمن والاستقرار في لبنان"، لذا يضحي ولا يردع العدو، من دون أن يتنازل عن حقه ‏المشروع في "مقاومة الاحتلال والعدوان"، وإن مع وقف التنفيذ، ليكتفي بنسف الشرعية والدستور على أمل أن يسمع من يهمهم الأمر صوته، ليلتفت إليه ويتفاوض معه، وليس مع الدولة التي ارتكبت "خطيئة القرار بحصرية السلاح".

أما إسرائيل، فقد رأت في الرسالة وفي التصريحات السابقة لها عن استعادة "الحزب" جهوزيته العسكرية واستمرار تهريب المال والأسلحة إليه، ذريعة لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو الهارب من مواجهة تحديات الداخل لمزيد من الحروب، خصوصًا أن "الحزب" حاضر دائمًا لينتهك القرارات الدولية وإظهار الدولة اللبنانية عاجزة عن تنفيذ التزاماتها بنزع سلاحه، وعن احتكار قرار الحرب والسلم، وعن مواجهة الموقف الإيراني الذي يبارك "الحق المشروع" لذراعه في لبنان بالمقاومة، وكأنه يمنح عدوه هامش مناورة أوسع، لينتهك بدوره هذه القرارات.

والمفارقة المضحكة المبكية أن إسرائيل و"حزب الله" يرفضان دعوة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى مفاوضات للتوصل إلى تسوية تعيد إلى لبنان استقراره وتضعه على خطة السلامة، وكأنهما متوافقان على تنسيق يخدم أهداف كلٍ منهما.

وبين الطرفين يختنق لبنان، ويضبط يومياته على وقع رسائل التحذير الدولية الموجّهة إليه من احتمال تجدّد الحرب الإسرائيلية عليه، ومن استمرار أزماته الاقتصادية، ومن تكريسه دولة فاشلة لا تستحق الاهتمام الدولي، في حال عجزت الدولة اللبنانية عن نزع سلاح "الحزب"، الذي يراوغ ويتشاطر ويكابر، فيقول الشيء ونقيضه، ويدس في خطاب السم وتخوين الحكومة معايير مدروسة من إيجابيات تتغنى بالوحدة الوطنية لذر الرماد في عيون من يصدقه وينساق خلفه إلى الخراب، ليبقيه أسير وهم "الانتصارات الإلهية"، انطلاقًا من أن التضحيات والقرابين البشرية هي ما يمهد الطريق إلى الجنة.

ولا بأس إن بقي أهالي الجنوب مهجرين مشردين، أو أن أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت يبيعون منازلهم بأرخص الأسعار، باحثين عن مناطق أكثر أمنًا.

فالأغبياء فقط يرفضون التصديق أن "الحزب" برسالته الشكلية الأخيرة، ربما يطلق آخر خرطوشة لديه، ليحث الوسطاء، وتحديدًا الأميركيين على الالتفات إليه ومفاوضته هو، ومن خلفه مشغله الإيراني، وليس مفاوضة الدولة اللبنانية، التي لا يعترف بها ولا يريد لها قيامة، حتى لو ذهب كل الشيعة، ومعهم كل اللبنانيين "فرق عملة".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

594 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع